No Result
View All Result
المشاهدات 0
آزاد كردي_
عشرة أيام تفصل الشعوب الحرة في منطقة الشرق الأوسط، والعالم عن ذكرى اعتقال الملهم، والقائد عبد الله أوجلان، الذي يصادف في 15 شباط من عام 1999، وتم اعتقاله بمؤامرة دولية كبيرة متقنة، حيث لا تزال تداعياتها السياسية، والعسكرية، والاجتماعية، والاقتصادية، مستمرة إلى الآن.
يُعتقل القائد عبد الله أوجلان في ظلّ عزلةٍ مشدّدة في سجن «إيمرالي» منذ 15 شباط عام 1999 رغم المشاكل الصحيّة الخطيرة، التي يعاني منها.
وقد وصف القائد أوجلان خلال لقاءٍ له بمحاميه عام 2009 وضعه هناك، بأنّ الأمر، وكأنّه يُعدم لعشرات المرات يومياً، هذا ويزداد وضعه الصحيّ سوءًا في ظروف سجن سيئة مغلقة، فيما لا ترد أي معلوماتٍ عن وضعه الصحي منذ 25 آذار عام 2021.

سير خط المؤامرة
لا يمكن فصل المؤامرة على القائد عبد الله أوجلان بمعزل عن الظروف السياسية، التي حيكت على الشعب الكردي باتفاقية «سايكس- بيكو» حيث تنصل البريطانيون من وعودهم بمنح الكرد منطقة حكماً ذاتياً بموجب التقسيمات، التي حدثت في المنطقة في ذلك الوقت.
وعقدت معاهدة «سيفر» في عام 1920، التي نصت في بعض بنودها على حق الشعب الكردي في تقرير مصيره على أرضه، لكن نفسها هذه القوى التي عقدت هذه المعاهدة تآمرت على الكرد بعقد اتفاقية «لوزان» التي نسفت ما جاء من حقوق للشعب الكردي في «سيفر».
وحيكت المؤامرات تلو المؤامرات، ضد الشعب الكردي، و شنت الحملات العسكرية ضده، بدءاً من انتفاضة محمود البرزنجي الأولى في باشور كردستان ( جنوب كردستان) 1919-1922، وانتفاضة سمكو آغا شكاكي في روجهلات (1918- 1922)، وصولاً إلى انتفاضة كوجكري في باكور كردستان (1921)، مروراً بانتفاضة الشيخ سعيد (1925)، وانتفاضة ديرسم (1937- 1938).
وتآمرت القوى الإقليمية مع القوى الدولية أيضاً لإجهاض أول جمهورية للكرد بالقضاء على جمهورية «مهاباد» أو «جمهورية كردستان» في عام 1946 بقيادة الزعيم الكردي «قاضي محمد» في مدينة مهاباد، وشملت مدن بوكان ونقدة، وبيرانشهر، وأشنوية ولم تدم أكثر من 11 شهراً.
وشهدت فترة السبعينات تعرض الكرد إلى اضطهاد كبير وواسع النطاق في سوريا أثر انتزاع حزب البعث العربي الاشتراكي الحكم في سوريا، وتنفيذ مشروع «الحزام الأخضر»، والذي نص على ترحيل قبائل وعشائر عربية في مناطق تواجد الكرد في سوريا في الشمال الشرقي في أضخم عملية تغيير ديموغرافي في ذلك الوقت.
وشهدت تلك الفترة التضييق على الكرد، وهضم حقوقهم في عموم كردستان وبشكلٍ خاص في باكور كردستان، وسعى الاحتلال التركي للقضاء على أي حركة أو حزب يغرد خارج سربها، ويقول القائد عبد الله أوجلان في مرافعته المعنونة بـ «الحضارة الديمقراطية-القضية الكردية وحل الأمة الديمقراطية»، عن تلك الفترة: “كان أبسط نقاش أو أطروحةٍ مضادة يُحاكم على أنه أخطرُ جرم يهدد وحدة الوطن وسيادته، ويعاقب بأشد العقوبات”.
أمام هذا التضييق كله استطاع القائد عبد الله أوجلان تأسيس «حزب العمال الكردستاني» في تركيا عام 1978، حيث حاولت الدولة التركية القضاء على الحزب وقيادته بالطرق والسبل كافة، وكان لابد للقائد عبد الله أوجلان أمام هذا الواقع الخروج من تركيا صوب روج آفا عام 1979.
وشهدت هذه الفترة الانقلاب العسكري في تركيا في 12 أيلول عام 1980، بقيادة الجنرال التركي «كنعان إيفرن»، وتتمثل الفترة بالعديد من السمات منها: إفشال هزيمة الحركات الثورية، وتحويل جميع المراكز ومؤسسات الدولة إلى سجون، واعتقال المناضلين، الذين كانوا من قياديي، ومناصري حزب العمال الكردستاني أمثال: مظلوم دوغان، ومحمد خيري درموش، وكمال بير، وعاكف يلماز، وعلى جيجك، ومظفر آياتا، ومصطفى قره سو.
ونفذ قادة «حزب العمال الكردستاني» في آذار عام 1981 إضراباً عن الطعام ضد نظام الشدة والتعذيب في سجن آمد، واستشهد العديد من كوادر حزب العمال الكردستاني تحت التعذيب. وفي 20 آذار 1982 نفذ مظلوم دوغان عملاً فدائياً، وضحى بنفسه، واستشهد تحت شعار «المقاومة هي الحياة، الاستسلام هو الموت».
هذه الفترة تميزت، بأنها شهدت انطلاق قفزة 15 آب عام 1984-1987. واتسمت بالانتقال إلى أسلوب النضال، والكفاح ضمن مفهوم، وفلسفة حرب الشعب الثورية، الذي وضعه القائد عبد الله أوجلان بعد تصعيد الاحتلال التركي ضد أعضاء حزب العمال الكردستاني، والتنكيل بهم بأشد عبارات الإجرام والسادية.
تلت هذه الفترة مراجعة القائد عبد الله أوجلان لأساليب وتطوير الذات، والتي بدأت من عام 1987-1998 حيث يصف ذلك القائد عبد الله أوجلان: “قمت بذات نفسي بإعداد الحملات المضنية والمتوالية دون انقطاع، وبتفعيلها على أرض الواقع بدأب مذهل؛ سعياً مني إلى إفراغ الانتهازية المفروضة علينا من مضمونها، وإلى شل تنظيمي الكونتر كريلا و” JITEM.
كان القائد يدرك بأن الفترة القادمة لن تكون سهلة في المنطقة، وبالأخص على الشعب الكردي نتيجة النزاعات والحروب، اللتين مهدتا إلى تغييرات جذرية في المنطقة ومنها؛ الحرب العراقية-الإيرانية والتدخل الأمريكي في أفغانستان وحرب الخليج الأولى، والثانية، والتهديد التركي لسوريا في حثها لإخراج القائد عبد الله أوجلان من سوريا في المقابل كانت تجهد الكونتر لضرب كريلا وتصفيتها، وإفراغها من فحواها، وهذا ما حصل فعلاً مع وصولنا لأواخر عام 1998.
أمام هذه الظروف الصعبة ساهم القائد عبد الله أوجلان في تلبية متطلبات حرب الشعب الثورية، وخلق بيئة مساعدة وداعمة لهذه الحرب، وإغلاق الباب أمام فرض إملاءات الغير، وتقديم التنازلات بصددها، ويؤكد القائد أوجلان في هذا الصدد: “لقد كان وضعاً استراتيجياً بالغ الأهمية، حيث كانت الظروف مناسبة للغاية على صعيد تصعيد الحرب الشعبية، سواء من حيث عقد العلاقات الاستراتيجية، أم على صعيد تأمين وتغطية الدعم التكتيكي في حقل التدريب والاحتياجات اللوجستية بوجهٍ خاص”.
المؤامرة الدولية
سعت دولة الاحتلال التركي أيما سعي للقضاء على «حركة حرية كردستان» عبر القضاء على القائد عبد الله أوجلان بمؤامرة دولية، نفذت أولى خيوطها في التاسع من تشرين الأول من عام 1998، لكن قبل ذلك، لجأت إلى دول الحداثة الرأسمالية لتنفيذ مخططاتها تجاه تصفية «الحركة الكردستانية». ففي عام 1988 نفذت دولة الاحتلال التركي مناورة مع الولايات المتحدة الأمريكية لإخماد انتفاضة شرق تركيا، والهدف الرئيس كان القضاء على «حزب العمال الكردستاني»، وبعد عام واحد، أي في عام 1989 نظمت دولة الاحتلال التركي حملة دولية من أجل إخراج القائد عبد الله أوجلان من سوريا، مستغلةٍ الضعف والتشتت العربي، والتقرب من إسرائيل في إطار الصراع العربي – الإسرائيلي، والتحكم بجريان نهري الفرات ودجلة. نفذت دولة الاحتلال التركي في السادس من أيار من عام 1996، وعبر شبكة الغلاديو محاولة اغتيال للقائد أوجلان في دمشق، عبر عربة مفخخة إلا أن المخطط فشل، وتزايدت الضغوط على سوريا من أجل إخراج القائد عبد الله أوجلان من سوريا، والذي خرج بعد تهديد دولة الاحتلال التركي، وبدعم مباشر من أمريكا، ودول الناتو بشن حرب عليها.
غادر القائد عبد الله أوجلان سوريا في التاسع من تشرين الأول 1998، وتوجه القائد في البداية إلى موسكو وبعدها توجه إلى روما، ومنها إلى اليونان، ومن ثم إلى كينيا، وفي تلك الفترة حذرت أمريكا روسيا وكل الدول الأوروبية من مغبة منح المأوى واللجوء للقائد عبد الله أوجلان، ويؤكد القائد عبد الله أوجلان: “إنّ خروجي من سوريا مرتبط بالعملية، التي نفذتها شبكة غلاديو التابعة للناتو”. وصرح حينها رئيس أركان جيش الاحتلال التركي إيلكر باشبوغ: “الولايات المتحدة سلمت عملياً أوجلان إلى تركيا، وذلك بهدف تحييده والسيطرة على الحزب”.
وعقب المؤامرة قال القائد عبد الله أوجلان: “إنني أرى أن المؤامرة الدولية، التي أسفرت عن جلبي إلى تركيا في 15 شباط 1999، إحدى أهم أحداث التقاليد التآمرية للسلطات المهيمنة، سيرتي التي ابتدأت في التاسع من تشرين الأول 1998 بخروجي من سوريا، ووضع قدمي على أرض أثينا، استمرت مع روسيا وإيطاليا، واضطراري للعودة إلى روسيا، واليونان مرة أخرى، ثم وَصَلَتْ إلى مرحلتها النهائية باختطافي في كينيا، سبب تسميتي لسلسلة الأحداث هذه التي ضمت ائتلاف قوى دولية من أربع قارات بالمؤامرة الدولية، هو أنها سياق منسوج من الألاعيب السياسية، والمصالح الاقتصادية إلى جانب الكثير من الخيانة والعنف والخداع”.
ويصف القائد عبد الله أوجلان ما حدث معه من اعتقال في 15 شباط 1999، بما يلي: “إن تاريخ الإتيان بي إلى تركيا كان في الـ 15 من شباط، يصادف هذا التاريخ يوم بدء المؤامرة ضد الشيخ سعيد (15 شباط 1925)، كما صدر قرار الإعدام بحقي في 29 حزيران 1999، بعد محاكمة صورية في الجزيرة، كانت أقرب إلى المسرحية في توقيت يصادف اليوم، الذي أُعدم فيه الشيخ سعيد مع مجموعة من رفاقه”.
حيثيات المؤامرة
ينبغي البحث في حيثيات المؤامرة الدولية على القائد عبد الله أوجلان؛ لأنها ترتبط بقضية الشعوب في المنطقة، وطالما هي بعيدة عن التداول أو البحث ستبقى كل القضايا، والمشاكل دون حل، وغير بعيد من هذا فإن هذه القضايا كلها، لا تتجزأ، ولا يمكن فصلها عن بعضها، بل أن بعضها قديم قدم الإنسان، ولذا فإن عزلها عن هذه الظروف لا يمكن أن تعطي نتيجة ذات قيمة أو مدلول حقيقي، وانطلاقاً من ذلك يمكن توضيح أهم الحيثيات، التي ارتبطت بالمؤامرة الدولية على القائد عبد الله أوجلان وفق ما يأتي:
ـ إن اعتقال القائد عبد الله أوجلان هو «إجهاض عملية السلام» التي أطلقها أولاً، وثانياً للقضاء على أي فكر ديمقراطي في المنطقة والشرق الأوسط.
ـ رغبة الحداثة الرأسمالية القضاء على فلسفة حرب الشعب الثورية، ما أمكنها إلى ذلك سبيلاً، وفي هذا المقام يقول القائد عبد الله أوجلان: “إن كلاً من «إسرائيل وأمريكا» لم تكونا في مصاف الحل السلمي والسياسي قطعياً آنذاك، أي إلى حين اعتقالي، بل كانتا تتطلعان بإصرار شديدٍ إلى استمرار الحرب، ولو بمستوى منخفض وإلى تخبط القضية الكردية في العقم واللا حل، إذ كانتا بأمس الحاجة إلى ذلك في سبيل التحكم بزمام الأمور في الشرق الأوسط عموماً”.
ـ تعدّ المؤامرة الدولية أول الغيث، الذي استهدف عموم الشرق الأوسط. وأذنت المؤامرة الدولية ببداية التدخل الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية في الشرق الأوسط حيث شهدت «غزو أمريكا للعراق» عام 2003، وأنشأت «القواعد العسكرية» في العديد من مناطق الشرق الأوسط، وأجبرت سوريا على التنازل عن «لواء إسكندرون» لصالح تركيا عام 2004، وصولاً إلى موجة ما يُعرف بالربيع العربي عام 2010.
ـ استمر القائد عبد الله أوجلان في نضاله ضمن سجن إيمرالي، وأفرغ المؤامرة الدولية من مضمونها بطرح مفهوم «الأمة الديمقراطية»، وأيضاً تطوير مفهوم حرب الشعب الثورية، التي وصلت لأوجها الآن في عموم كردستان، وبشكلٍ خاص في روج آفا وشمال وشرق سوريا، وتبنى الآلاف من المثقفين والباحثين والأكاديميين في الشرق الأوسط، والعالم أفكار وفلسفة القائد عبد الله أوجلان.
ـ لا تزال المؤامرة الدولية بحق القائد أوجلان مستمرة إلى يومنا الراهن، وتتجدد بطرق وأساليب مختلفة، حيث بتواطؤ دولي احتل الاحتلال التركي مدينة عفرين، ومنطقتي كري سبي/ تل أبيض، وسري كانيه، وكثفت دولة الاحتلال التركي هجماتها ضد باشور كردستان مستخدمةٍ صنوف الأسلحة الحديثة والمحرمة دولياً كافة، وسط صمت دولي مدقع، ورهيب.
No Result
View All Result