الشهباء/ فريدة عمر ـ
يضاف عام آخر لاحتلال عفرين، تاركاً خلفه خمسةُ أعوامٍ لأعمالٍ إجرامية، من صنع المحتل التركي ومرتزقته، ومهجرو عفرين مستمرون في مقاومتهم، بالرغم من ظروف التهجير والحصار عليهم في مقاطعة الشهباء، مؤكدين الإصرار على هذا النهج حتى التحرير والعودة.
منذ أن شنَ المحتل التركي، هجوماً وحشياً على منطقة عفرين في الـ20 من كانون الثاني من عام 2018، يرتكب فيها برفقة مرتزقته، أبشع الجرائم بحق المدنيين وطبيعتها، دون أن يسلم منها شيء، فحالات الخطف والاغتصاب، والقتل والتدمير، وسرقة المعالم والآثار، باتت أمراً يومياً، ليسجل كل يومٍ تاريخاً مليئاً بالمجازر، يضاف إلى سجل جرائم الاحتلال التركي.
ما يحدث في عفرين منذ أعوام
وحسب منظمة حقوق الإنسان في عفرين ـ سوريا، تم اختطاف أكثر من 8531 شخصاً، ومصير أغلبهم مجهول إلى حد اللحظة، والاختطاف المتكرر بغية طلب الفدية من ذويهم، وهناك أكثر من 660 حالة قتل، منها ما يزيد عن 94 امرأة، وأكثر من 95 طفلاً، وبينها ثماني حالات انتحار، و71 حالة اغتصاب، وقطع أكثر من 344900 شجرة زيتون، وشجرة حراجية للاتجار بها، وحرق ما يقارب من 13000 شجرة، وحرق أكثر من 12 ألف هكتار، والآلاف من الغابات الحراجية، والاستيلاء على منازل المدنيين، وتحويل العشرات منها إلى سجون، ومقرات تابعة للمجموعات المرتزقة، والمتاجرة بها بيعاً وشراء، إضافةً إلى الاستيلاء على محاصيل الزيتون، وتصدير الزيت عبر المعابر إلى تركيا، وحفر وتنقيب التلال والأماكن الأثرية، وأكثر من 25 مزاراً دينياً، وبناء أكثر من عشرين مستوطنة بتمويل من جمعيات إخوانية وفلسطينية، ناهيك عن تهجير ما يزيد عن 300 ألف شخص وتشريدهم، وتوطين ما يقارب من 400 ألف شخص، قادمين من مناطق الغوطة وإدلب بدلاً من سكان عفرين الأصليين.
وخلال عام 2022، قُتِل 33 مواطناً، بينهم 13 امرأة، وأختُطِف أكثر من 694 مواطناً بينهم 45 امرأة وعشرُة أطفالٍ، وتم قطع 35 ألف شجرة حراجية، وتدمير تسعة مواقع أثرية، كما بنوا سبع مستوطنات في عدة قرى من نواحي جنديرس وشيه، وهذا أيضاً كان بدعم وتمويل من مستوطنات إخوانية وفلسطينية.
بين فكَي القصف التركي والحصار الحكومي
إنَ المحتل التركي، لم يقتصر فقط في هجومه على منطقة عفرين وتشريد أهلها، وارتكاب المجازر فيها، بل طالت وحشيته استهداف مقاطعة الشهباء أيضاً، والتي قصدها الآلاف من مهجريِ عفرين بعد التهجير القسري من موطنهم، فتعرضت حياة الآلاف للخطر، وارتكب فيها المزيد من الجرائم، فخلال عام 2022 الماضي، استهدف المحتل التركي تلك المناطق بنحو 27498 قذيفة هاون، ودبابات، ومدافع، مع تزامن مستمر لتحليق الطيران الحربي والمسيرات، حيث استشهد أكثر من 44 مهجراً من عفرين.
وذلك كله وسط استمرار حكومة دمشق بفرض حصار خانق عليهم، وتطبيق سياسة التجويع في المنطقة على مدار أعوام، استمراراً في إتمامه لسياسة القتل والدمار، التي تتبعه دولة المحتل التركي، وذلك بهدف كسر إرادة أهالي عفرين وتشريدهم، ودفعهم نحو هجرة ثانية، وإبعادهم عن هدفهم في تحرير أرضهم من رجس الاحتلال، والإرهاب.
فتعمدت حكومة دمشق، في تطبيق حصارٍ خانقٍ على مقاطعة الشهباء المكتظة بالآلاف من مهجري عفرين، إضافةً إلى تطبيقها أيضاً على حيي الأشرفية، والشيخ مقصود، اللتين تأويان أكثر من 150ألف مهجر من عفرين، وكذلك منعت دخول المواد، والمستلزمات الهامة إليها، كالأدوية، ومواد المحروقات، والتي أثرت سلباً على الأعمال الخدمية هناك، حيث تسمح الحواجز التابعة لحكومة دمشق، والمنتشرة على طول الطريق الممتد بين حلب، ومقاطعة الشهباء، بدخول 15 صهريجاً من المازوت إلى المقاطعة، والتي لا تكفي لاحتياجات المنطقة.
الحرمان من أبسط الحقوق
عاش أهالي هذه المناطق أكثر من أسبوع في الظلام، فيما تأثر عمل الأفران، وإيصال صهاريج المياه إلى القرى، وعُرقلت المواصلات، وبقيت العوائل محرومة من مستلزمات الشتاء، وخاصة مواد التدفئة، حيث وصل سعر البرميل الواحد للمازوت إلى حوالي المليون ونصف المليون ليرة سورية، وأسطوانة الغاز الواحدة إلى 140 ألف ليرة سورية، ناهيك عن تعليق الدوام المدرسي، وحرمان أكثر من 15 ألف طالب وطالبة من التعليم، وإغلاق أكثر من 74 مدرسة تعليمية، إضافةً إلى فقدان كل من الطفلين “وسام سيدو، وعبد الله كيبار”، حياتهم في الشيخ مقصود، نتيجة البرد القارس، الأمر الذي أجبر العديد من الأهالي هناك، لحرق أثاث منازلهم، كوسيلةٍ لتدفئة أطفالهم.
علماً أن استمرار الحصار في تلك المناطق سيعرض حياة الآلاف للخطر، ومحتمل وقوع كوارث إنسانية، ليكون الاحتلال التركي والنظام السوري شريكان في سفك دماء العفرينيين.
مقاومة العصر في ذروتها وآمال في التحرير
رغم الصعوبات كلها، التي يعيشها مهجرو عفرين، في ظل التهجير القسري ضمن المخيمات الخمسة (عفرين، الشهباء، العودة، برخدان، سردم)، وفي منازل شبه مدمرة، ووسط قصف تركي يومي يطاردهم أينما حلوا، إضافةً إلى تطبيق حكومة دمشق سياسة التجويع، وعلى الرغم من ذلك كله مصرون على متابعة نضالهم ومقاومتهم.