حسام الدخيل_
بعد أن أحضرت حكومة دمشق منجمين مبشرين الشعب السوري بأن الأزمات ستنتهي في سوريا بعام 2023، فقد زفّت الحكومة أولى بشائرها برفع سعر المحروقات مرة ثانية؛ ما أفقد المواطن السوري بصيص الأمل، الذي كان يتمسك به اعتمادا ًعلى الوعود الفارغة، التي قطعتها الحكومة مسبقاً.
لا تزال أزمة المحروقات تلقي بظلالها على مناطق سيطرة حكومة دمشق، منذ مدة تزيد عن الشهر، حيث تسببت بشلل شبة تام على مفاصل الحياة كلها، في العاصمة دمشق، وحلب أكبر المدن السورية، والعاصمة الاقتصادية لسوريا في وقتٍ سابق (قبل انقطاع المازوت)، بالإضافة إلى باقي المدن، والبلدات السورية، التي تديرها الحكومة.
وتداول ناشطون على السوشال ميديا صوراً صادمة لطلاب، ولموظفين يركبون على سطح الحافلة، وصورة أخرى تظهر تشبث طلاب على ظهر سيارة قمامة، وصوراً تظهر طريقاً سريعاً يخلو تماماً من السيارات، وصوراً وفيديوهات أعلن من خلالها أصحاب أفران توقفهم عن العمل بعد فقدان المحروقات.
“طلعت الحكومة بدها مصلحة الشعب”
واكتفت الحكومة باتخاذ “وضع المزهرية”، حيال ما يجري من أزمات خلفتها أزمة المحروقات من شلل كلي في قطاع المواصلات، والكهرباء، والأفران، والمعامل، والقطاع الطبي، وامتدت الأزمة لتشمل قطاع الاتصالات، وتقنين شبكات الهاتف المحمول، والإنترنت (المشلول أصلاً).
ولتكون الحكومة بذلك قد حققت أول إنجاز لها منذ بدأ الأزمة السورية، حيث تمكنت من القضاء على ظاهرة الطوابير، والتي باتت مضرباً المثل طيلة السنوات السابقة، وذلك حرصاً منها على راحة المواطن، وحفاظاً على المظهر الحضاري للبلد والحفاظ على البيئة من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون الناجم عن السيارات.
وتسبب هذا الإنجاز غير المسبوق بهدوء تام في شوارع المدن الرئيسية، التي كانت تصنف على إنها الأكثر ازدحاماً، فضلاً عن اختفاء السيارات من الطرقات العامة (طبعاً باستثناء سيارات المسؤولين، وأصحاب اليد الطولى بالبلد، المساكين عم يتعبوا، ويتحملوا انبعاثات ثاني أكسيد الكربون كرمالنا).
ولم تتوقف الإنجازات عند هذا الحد، بل اختفت الطوابير بنسبة كبيرة أمام الأفران (لأن الحمد لله ما في مازوت لتشغيل الفرن).
افتتاحية “مبشرة” من الحكومة في العام الجديد
وعلى الرغم من كثرة الإنجازات المرافقة لأزمة المحروقات، الشعب بقي على عادته ولم ينظر إلى نصف الكأس الممتلئ، بل وجه تركيزه على القسم الفارغ من الكأس (أزمة المحروقات) وترك بقية المنجزات، حيث صب جام غضبة على مواقع التواصل الاجتماعي منتقداً هذه الأزمة، والمسؤولين المتسببين بها، لتقوم بعد ذلك الحكومة بهجمة مرتدة سريعة (وبليلة ما فيها ضو قمر) لتقوم بإصدار قرار يقضي برفع سعر المحروقات، بهدف تخفيف الأزمة، ومن أجل الصالح العام على حدِ زعمها.
وقالت الوزارة في بيان عبر صفحتها في الفيسبوك يوم الثلاثاء، إنها حددت مبيع ليتر مادة البنزين (أوكتان 95)، بسعر 5750 ليرة سورية، بدلاً من 5300 ليرة.
ويأتي قرار رفع سعر البنزين، بعد مرور نحو 20 يوماً، على رفع “وزارة التجارة الداخلية” أسعار المازوت والبنزين في 14 كانون الأول الفائت (يعني إذا كان في بصيص أمل عند مواطن أنو الوضع يتحسن قطعوه).
الإعلامي نزار الفرا علق على قرار رفع البنزين عبر منشور على صفحته في فيسبوك: “مكرر للضرورة بعد حفظ الدرس، بأي عين، أو أي منطق تجاري، أو خدمي بيخليك ترفع سعر مادة غير متوفرة أساساً؟ والمواطن على مقولته الدائمة والفارغة واليائسة “غلّوه بس وفروه”.
أما وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك عمرو سالم أكد عبر لقاء بُثَّ على قناة الإخبارية السورية: إن هناك انفراجة خلال الأيام القادمة، وإن المحروقات ستتوفر وتختفي الأزمة الخانقة على المحروقات، (يعني نرجع عالطوابير والأزمة الاعتيادية المهم نخلص من الأزمة الخانقة).
وأضاف الوزير سالم في رده على الانتقادات، التي طالته خلال الفترة المنصرمة ومطالبته بالاستقالة: “أنا ما رح أستقيل حتى لو في عالم عم تسبني”، وإذا ما قدمت استقالتي فهذا يعني تنصلاً من المسؤولية، وعدم قدرتي على مواجهة الأزمات، وإن هناك قيادة حكيمة هي من تقوم بإقالتي، إذا ارتأت ذلك (بمعني أصح لازق على قلوبكم).
وعرف سالم بتصريحاته المنفصلة عن الواقع (مثل بقية الشلة بالحكومة الموقرة)، حيث أكد في بداية أزمة المحروقات، أنه يقضي معظم مشاويره سيراً على الأقدام وشجع المواطن على ذلك، وعاد ليصرح مرة أخرى، أن قيمة منزله عشرة مليارات ليرة (كأنو عم يجاكر الشعب المعتر).