سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

باريس لم تكن نوراً في أيّ يوم

مصطفى بالي_

لسبب يتعلق غالباً بعقدة الدونية ومركبات النقص، كلما تُهرق دمائنا في شوارعهم، يخرج علينا (النشتاء الڤيري كيوت) ويتخوفون من الاحتجاجات الصاخبة التي من شأنها أن تشوه (صورتنا) في المخيال الغربي، وكأن هذا المخيال يتصورنا كلوحة الموناليزا، ويجب ألا نخدشها في ذاكرته، ونلتزم النحيب الصامت كلما أراق لنا دم في شوارعه.
باريس التي يحاول البعض تصويرها كمدينة ملائكة، هي حقيقةً تاريخ من المجازر والمخازي، وسجلاتها متخمة بالدماء التي لم تبدأ بشهداء كومونتها، ولن تنتهي بدماء الضحايا الكرد في بيتهم الثقافي.
(مدينة الأنوار) هذه لم تُميّز بين دماء ضحاياها والقومية كانت أكذوبتها الاستثمارية الكبرى، فكل من يجهر بأغاني قلبه هو خطر يتهددها، والموت متربص به، هكذا كانت دائماً، وما الأنوار إلا للإغشاء.
مجزرة جسر ميرابو التي قتلت عشرات الجزائريين فوق جسر أُطلق عليه اسم أهم ثوّار الحرية الفرنسيين، تماماً مثلما تتاجر شركات الألبسة اليوم بصورة غيفارا الذي قاتل تلك الشركات حتى نَفسه الأخير، دون أن يعلم أنه سيصبح علامة تجارية، لتلك الشركات تدر على خزائنها فائض قيمة كد وجهد الطبقات التي ضحى بنفسه لأجلها.
باريس التي ابتلعت الكثير من القادة والثوار إما قتلاً كالشهيدات ساكينة جانسيز ورفيقاتها، أو قهراً كأحمد كايا، أو سجناً كنزلاء الباستيل، أو أحمد بن بيلا ورفاقه الخمسة، وهي لم تكن وفية لبودليرها، فلن تكون وفية لـ “مير برورنا” الغريب عنها. فمن يرغب أن يتعرّف على الدبلوماسية الفرنسية عليه أن ينبش في تاريخ كلونياليتها ليرى الفجائع والمجازر التي خلّفتها فرنسا خلفها، في كل مكان والتي مسحت شعوباً كاملة من مسرح التاريخ.
للحريصين على سمعة الكرد في أروقة السياسة الغربية، هدؤوا من روعكم، السياسة الغربية هذه تتفاوض مع طالبان ومع مختلف الحركات الإرهابية لأن هؤلاء يهددونهم في عيشهم ويقضون مضاجعهم، فقط لا غير.
وهؤلاء الذين تحرصون على عدم إزعاجهم، هم الذين أطلقوا يد كل هذه الأنظمة لتولغ وتوغل في دمائنا منذ قرن كامل دون أن تهتز لهم قصبة.
أيُّها الحريصون، اعتبرت السلطات الفرنسية، أن المجرم، يعاني من اضطرابات سلوكية وأفرجت عنه، وعليه لنعتبر أن بعضنا يعاني من نفس المرض، ألا يحق لنا أن نُصاب بنفس المرض الذي يستخدمه عدونا ضدنا؟؟؟