No Result
View All Result
المشاهدات 3
رجائي فايد_
في نهاية محاضرتي التي ألقيتها في جامعة دهوك، تقدمت إليّ فتاة رقيقة أنيقة الملبس، وبأدب شديد سألتني (سمعت أنك زرت معبدنا بالأمس)، أجبت بنعم، وعادت لتسألني من جديد (وهل تغيرت نظرتك إلينا؟)، وبنفس الإجابة قلت نعم، وظهرت على وجه الفتاة إبتسامة مريحة لما سمعت، لأنها كانت تنتظر إجابة غير ذلك، من كثرة ما يتردد عن طائفتها من فهم عراقي معظمه ظالم ومغلوط، كانت المحاضرة كما ذكرت منذ عدة سنوات في جامعة دهوك، ولكن بعد هذا الحوار السريع نبهني إلى مسألة هامة بشأن الإيزيديين، وهى أن صورتهم لحقها تشويه كبير، نعم هم ليسوا مسلمون، هذا صحيح، ومن حقهم أن يكون لهم معتقدهم الخاص، ومن واجبي كمسلم أن ألتزم بالنص القرآني (لكم دينكم ولى دين)، وأعترف بأن نظرتي السابقة عنهم لحقها هي الأخرى نفس التشويه، فقد كونت معرفتي السابقة من أقوال الأصدقاء عنهم، والحكايات اللامنطقية (لو رسمت دائرة طباشيرية حول إمرأة يزيدية لأصبحت تلك المرأة أسيرة تلك الدائرة إلى أن يأتي من يخلصها منها بمحو تلك الدائرة!!!!)، وأمور أخرى تتعلق بالنظافة. فمعلوماتي السابقة أنهم لا يستحمون (قارنت بين تلك الأقوال وبين نظافة وأناقة فتاة جامعة دهوك)، وهناك حقيقة أنك لو رأيت جنديا عراقياّ ذو لحية كثيفه لعرفت أنه من المراجع الدينية الأزيدية، ومن خلال مطالعتي لتاريخ العراق الحديث لفت نظري أن ذلك يرجع إلى الإحتلال البريطاني للعراق، عندما رفض الإيزيديون التجنيد الإجباري للمراجع الدينية ولذلك وافق الإحتلال على أن يحتفظوا بلحاهم، وظل الحال كذلك إلى يومنا هذا، والإيزيديون هم كرد ولكن بيت الإمارة من العرب أحفاد الشيخ عدى بن مسافر الأموي. لقد أكدت نفس الخزعبلات عنهم في ذهني كتاب عن الايزيدية بعنوان (الايزيدية بقايا دين قديم للسيد عبد الرزاق الحسني)، وهو كتاب حافل بكل تلك الغرائب التي لا يمكن أن تصدر عن جماعة بشرية، وعلى العكس في زيارتي الأولى للمعبد توقعت أنني سأجد تلك الخزعبلات في المعبد، لكنني فوجئت بكلمات على حوائط المعبد لا تختلف كثيراّ عن كلمات المتصوفة التي كثيراّ ما نستمع إليها ونقرأها دون أن ينتابنا أي غرابة، ولكن الصورة الذهنية تلك والتي ترسخت في العقل الجمعي العراقي عنهم، أدت إلى تعرضهم للإضطهاد على مر التاريخ. فكانوا يلوذون بالجبال هرباً من ملاحقتهم، ليؤكدوا المقولة الكردية (لقد تخلى عنا العالم ولم يبق لنا سوى الجبل)، كانت الفكرة العامة، هي أنه لابد من تخلص العالم من هذه الفئة الضالة، وكأنها هي منبع كل شر في هذا العالم!! وتلقفت داعش تلك الفكرة وعملت على تنفيذها كفكرة مقدسة يتقربون بها إلى الله!! فكانت مأساة الإيزيديين المروعة والتي شاهدها العالم، بفضل عصر السماوات المفتوحة وأن العالم صار من حيث المعلومات(فقط) قرية كونية واحدة، أما قتل الرجال وسبي النساء، فالعالم لا يرى ولا يسمع، فلأول مرة وفي القرن الحادي والعشرين، نسمع أن الفتيات يعرضن للبيع في أسواق في أسواق النخاسة، يأتي إليها المشترون ليعاينوا البضاعة، ويشترون ما تشبع به غرائزهم البهيمية، حدث بعد ذلك أن زارنا في القاهرة صديق إيزيدي، وحرصت على أن يجلس مع مجموعة من الأصدقاء ليتحدث عن معتقده، وما تعرضت له طائفته بسبب هذا المعتقد، والذي لا يمكن أن يدخل عقلي، هو السعي لإفناء طائفة بشرية من على ظهر الأرض (كان من الممكن أن تكون جزءاّ من باقة عراقية مختلفة الألوان)، فالله سبحانه وتعالى خلقها ولو شاء لما خلقها، ولخلقه هذا حكمة، ومن يسعى لإفنائها ظنا أن في ذلك ما يرضي إلهه، فهو يكفر في حقيقة الأمر بالمشيئة الإلهية، فالآية القرآنية الكريمة تقول: (ولو شاء ربكم لجعلكم أمة واحدة).
No Result
View All Result