على هاتفهما يتصفح كلٌ على حِدَة صور ولديهما، يبكيان على رحيلهما المبكر ويتحسران على شبابهما الذي فُني قبل أن يُزهِر.
بعد بُرهة من التصفح، يغلق خليل محمد (65عاماً) وزوجته هاتفهما ويتجهان سوياً إلى دوار “قلعة النبي هوري” الذي بناه مصمم مُهجّر من عفرين في مدينة قامشلو العام الماضي، تجسيداً لحضارة منطقته.
هناك يقف المهجران أمام رقم 58 الذي صُمم كرمز على عدد أيام المقاومة التي أبداها الأهالي لدى تعرض عفرين للقصف من قبل دولة الاحتلال التركي ومرتزقتها عام 2018 ويقول الأب: “هناك فقدت فلذة كبدي”.
فقدت الابنة البكر حياتها نتيجة قصف الاحتلال التركي على قريتها بريف عفرين أثناء الهجمات العسكرية التركية ضد المنطقة عام 2018.
المهجران الأم والأب تحدثا لوكالة نورث برس عن معاناتهم بفقدان أبنائهم وتكرار سيناريو التهجير بفعل المجرم نفسه.
“دفنت ابنتي دون مراسِم عزاء”
يقول الأب واصفاً فراقها الأليم، “فقدانها وجع كبير لنا”، متأسفاً لعدم قدرته على إقامة خيمة عزاء لابنته بسبب تصاعد وتيرة القصف التركي على المنطقة حينها، “دفنت ابنتي دون مراسم عزاء”.
وفي حديقة منزلهما والتي حولاها لشبه مشتل صغير، زرعا فيها شجيرات وأزهار كما منزلهما في عفرين، يجلس الزوجان ويرويان محطات نزوحهما الخمسة والمآسي التي تتالت عليهما، بينما يتردد دوي قصف تركي على أرياف قامشلو.
أثناء اشتداد الحرب ووصولها على مشارف قريته، ترك محمد منزله وجاء برفقة عائلته متجهاً إلى مدينة عفرين، وكان على أمل أن تضع الحرب أوزارها ويعود إلى القرية وأرضه وأملاكه.
ولكن الأمور جرت نحو الأسوأ، فمع اقتراب جيش الاحتلال التركي والمرتزقة التابعين له من المدينة، اضطر لترك شقاء عمره كله خلفه والهجرة من عفرين كلياً.
يتذكر الرجل الستيني تلك اللحظات، “بصعوبة استطعنا الخروج، ليومين بقينا عالقين بين عفرين وجبل الأحلام، بسبب ازدحام الطريق بالنازحين”.
وما جرى لعائلة محمد أو ما يشبهه، كان مصير 300 ألف مُهجّر من منطقته بعد الهجمات العسكرية التركية ضد عفرين.
الوجهة كانت هذه المرة بلدة تل رفعت بريف حلب الشمالي ولكن ولوجود جيش حكومة دمشق وخوفاً من التعرض للمضايقات، نزحت العائلة إلى ناحية تل تمر شمالي الحسكة ومنها إلى قرية تل نصري الآشورية.