روناهي/ الدرباسية –
شهدت ناحية الدرباسية في شمال وشرق سوريا، موجة بناء كبيرة في الفترة الممتدة بين عامي 2015-2018، حيث تحولت معظم المنازل الطينية في الناحية إلى مبانٍ سكنية وتجارية متعددة الطوابق، الأمر الذي عدّه أهالي الناحية خيراً، فيما أصبحت مؤخراً تلك الحركة العمرانية ضئيلة جدًّا تصل إلى حد التوقف العمراني، نتيجة التهديدات وهجمات الاحتلال التركي على المنطقة.
التطور العمراني في الناحية أدى إلى أمرين، الأمر الأول كان توسعاً للمدينة، شرقاً وغرباً وجنوباً، والأمر الثاني كان تشغيلا لعدد من اليد العاملة في الناحية، سواءً كان في ورشات البناء، أو في ورشات التمديدات الكهربائية والصحية، حيث ساهم هذا الأمر في تدوير العجلة الاقتصادية في الناحية، وتنشيط حركة البيع والشراء في السوق.
انقلبت الأمور
النهضة العمرانية، ونشاط الحركة الاقتصادية لم يدوما فترة طويلة، فمنذ أواخر عام 2018، انقلب هذا الوضع رأساً على عقب، حيث شُلت حركة العمران هذه، فلم نعد نشهد، لا مباني جديدة تُشاد، ولا المشيدة يتم استكمالها، لتُصاب المدينة بجمود كامل لا أحد يعلم متى ينتهي.
لهذا الجمود أسبابه الموضوعة، الخارجة عن إرادة أياً كان، وحول هذه الأسباب، التقت صحيفتنا مع “فياض رسو” متعهد بناء في المدينة، ويوضح على ذلك: “منذ قرابة خمسة أعوام، تراجعت حركة الإعمار في ناحية الدرباسية بشكل ملحوظ، حيث أننا في السابق كنا نستلم تعهد أكثر من بناء سكني في وقت واحد، أما الآن فبتنا نستلم مشروعاً أو مشروعين بين فترات طويلة، ولذلك أسباب عدة، وجلُها خارجي، حيث أن احتلال الدولة التركية لـ سري كانيه، وكرى سبي/تل أبيض، من ثم تهديداتها وهجماتها على مناطق شمال وشرق سوريا الأخرى، أدت إلى جمود عام في المنطقة ولا سيما في حركة البناء، حيث أن أحداً لم يعد يجرؤ على القيام بأي مشروع سكني مهدد وهذا يؤدي إلى خسارة كبيرة”.
وأضاف: “من جانب آخر، فإن ارتفاع أسعار المواد من حديد وأسمنت وغيرهما، أدى أيضاً إلى تراجع حركة البناء في المنطقة بشكل عام، ضف إلى ذلك الحصار المفروض على شمال وشرق سوريا، والذي لا يسمح باستيراد مواد البناء بسهولة من الخارج، كل هذه الأمور تؤدي إلى ارتفاع أسعار مواد البناء وبالتالي ارتفاع تكلفة البناء، ما أدى إلى توقف حركة البناء في المدينة”.
اختتم “فياض رسو” متعهد أعمال البناء في ناحية الدرباسية حديثه: “كل هذه العوامل أدت إلى تراجع عملنا، وعلى رأسها تهديدات دولة الاحتلال التركي وهجماتها على المنطقة، لذلك، نطالب المجتمع الدولي بضرورة وضع حد لهذه التهديدات والهجمات، حيث أن الوضع الاقتصادي لأبناء المنطقة لم يعد يطاق”.
العامل يدفع الضريبة
هذه التهديدات، وشل الحركة بشكل عام، أثرت بشكل كبير على العمال العاملين في هذا المجال، “شيار فنو” صاحب ورشة تبليط ودهان يقول لصحيفتنا “روناهي”: “فيما يتعلق بالوضع الراهن، فإن التهديدات والهجمات التركية تؤدي إلى تراجع عام في الحركة، وهذا أثر بشكل كبير على عملنا ومعيشتنا كعمال، فعلى سبيل المثال، فإن عائلتي تعيش على مردود هذه الورشة، فكلما كان عمل ورشتي أفضل، كانت معيشتي وأسرتي أفضل أيضاً، ولكن تراجع حركة البناء أدى إلى تراجع عمل الورشة، وبالتالي هذا يؤثر على معيشة العمال وأسرهم”.
تابع شيار حديثه: “إن وضعنا الاقتصادي بات مرهوناً بتهديدات وهجمات دولة الاحتلال التركي، فعندما تخفت حدة الهجمات على مناطقنا تشهد المنطقة ازدهاراً وحركة عمرانية واسعة، ولكن مع كل خطاب تهديدي جديد، تصاب المنطقة بجمود كبير من ناحية العمل، وبالتالي تتراجع الأحوال الاقتصادية للأهالي والعمال”.
اختتم “شيار فنو” حديثه: “لا بد من ردع دولة الاحتلال التركي، والضغط عليها للكف عن لغة التهديد والتصعيد ضد شمال وشرق سوريا، لأن ذلك يؤثر على حياة الأهالي المعيشية”.
