انتفاضات جماهيرية وإدانات رسمية للهجمات التركية الأخيرة

قامشلو/ دعاء يوسف –

استفاقت عدة مناطق في شمال وشرق سوريا، على قصف طائرات حربية تابعة لجيش الاحتلال التركي، بعد منتصف ليلة السبت، وطال قصف الاحتلال المدنيين، والمؤسسات المدنية، والعسكرية، واستنكاراً لهذه الجرائم نددت العديد من الجهات الرسمية بالعدوان، كما خرج مواطنو أغلب المناطق في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا في مظاهرات عارمة، ضد سياسة الإبادة بحق شعوب المنطقة، وقد بين المشاركون فيها، أن حرب الشعب الثورية مستمرة في وجه تهديدات الاحتلال التركي، وألاعيبه، وممارساته الإجرامية.

في سيناريو مستمر، لمسرحية الإجرام، التي تقوم بها طائرات الاحتلال التركي على أراضي، ومواطني شمال وشرق سوريا، قامت طائرات الاحتلال بشن عدوان آثم امتد من عفرين والشهباء وكوباني وصولاً إلى ديرك في ليل السبت 19 تشرين الثاني الجاري ولغاية الأحد 20 الشهر نفسه حيث استشهد العشرات، ومثلهم من الجرحى من أبناء شعوب المنطقة.

ومع تصاعد هجمات الاحتلال، ومرتزقته على مناطق شمال وشرق سوريا، يخيم صمت دولي قاتل، فتحوم اليوم الطائرات المسيرة في سماء المنطقة ليل نهار، ليواصل الاحتلال التركي ومرتزقته ارتكاب الجرائم والانتهاكات بالجملة بحق أهالي شمال وشرق سوريا، بشكل شبه يومي، لمحاولة خلق حالة من الرعب في قلوب المواطنين، وضرب الأمن والسلام الذي يحيط بالمنطقة.

لا سبيل سوى المقاومة

استنكاراً لهذه الهجمات خرج مواطنو مدينة قامشلو في مسيرة شعبية حاشدة، ليطالبوا العالم والمجتمع الدولي لإبداء موقف واضح من الاحتلال التركي، وأفعاله الإجرامية في المنطقة، مستنكرين هذه الهجمات، والقصف شبه اليومي لمناطقهم الأمنة.

“من حقنا الدفاع عن أرضنا في ظل صمتهم“

المواطنة “دلال بدور” حدثتنا عن الهجوم الأخير، الذي قام به أردوغان بحق المدنيين والمجزرة، التي ارتكبها في ديرك ومناطق أخرى: “تعرضت مناطق عديدة في شمال وشرق سوريا لقصف وحشي همجي ممنهج من قبل طائرات حربية تركية، في كل من الشهباء وديرك ومدينة كوباني، التي هزمت تنظيم داعش الإرهابي، وتحررت بفضل دماء آلاف من أبنائها الأبطال، لتخلف الطائرات الحربية وراءها أبشع المجازر بحق الإنسانية، وكأن تركيا تؤكد على استمرارها بالإبادة الجماعية لشعوب المنطقة”.

وزادت دلال: “نحن شعوب مسالمة تسعى للحرية، ولكن من حقنا المقاومة، والنضال إن تطاول أحد علينا، وتركيا اليوم تقوم بالعديد من التجاوزات بحقنا، فقد استباحت سماءنا، وقتلت صغارنا، أتظن أننا سنجلس مكتوفي الأيدي، ونحن نرى أبناء شعبنا يقتلون عنوةً، سنقاوم حتى الرمق الأخير”.

مطالبة بفرض حظر جوي

وتطرقت دلال إلى شهداء، وجرحى قوات حكومة دمشق، وصمت حكومة دمشق عن ذلك: “إنهم أبناء هذه الأرض، وأن باعهم رئيسهم، وحكومته، فنحن لن نسكت عما جرى لهم، فكلنا أبناء سوريا، ونحن جزء من هذه الأرض، التي نحميها من بطش الإرهاب، كرد، وعرب، وسريان، وإيزيديون، وسريان مهما اختلف عرقنا ولوننا، ضمتنا مناطق شمال وشرق سوريا، لنكون جزءاً من فسيفسائها الحرة، وبدورنا سنحارب لنحميها، ولن نتخلى عن أبنائنا”.

كما أدانت دلال القوى الدولية التي فتحت المجال الجوي لطائرات دولة الاحتلال التركي، وطالبت التحالف الدولي، وجميع الهيئات الحقوقية، والمنظمات الإنسانية باتخاذ خطوات ملموسة ضد اعتداءات، وجرائم الاحتلال التركي المتكررة، وتوثيق هذه الأعمال البشعة بحق الإنسانية، وفرض حظر جوي، وإغلاق المجال الجوي أمام الغارات الجوية التركية.

ونددت المواطنة “دلال بدور” هجمات الاحتلال التركي، وأفعاله من سفك للدماء، وإزهاق لأرواح الأبرياء، واختتمت حديثها قائلة: “لا توجد دولة انتصرت دون خسائر، وهؤلاء الشهداء زادونا قوة، وإصراراً للحرية، وسنسير على الدرب الذي رسموه لنا بدمائهم الطاهرة”.

تنديد رسمي وإصرار على المقاومة

وفي سياق متصل، وفي ردود الفعل الرسمية على التصعيد الإجرامي للهجمات التركية على المنطقة، واستهداف المنشآت والمناطق المدنية الآهلة بالسكان، وتدمير البنية التحتية، والصمت الدولي، الذي يأتي كضوء أخضر للمحتل التركي لارتكاب المزيد من المجازر.

 القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي في تغريدة له على حسابه في تويتر قال: “هذا القصف ليس لصالح أي طرف، نبذل جهودنا كيلا تحدث فاجعة كبرى، ولكن إن صارت الحرب سيتأثر الجميع بنتائجها، فالهجمات لن تكون محدودة في مناطقنا، التي تتعرض الآن لقصف همجي، ندعو أهالينا لالتزام منازلهم، والالتزام بتوجيهات قوى الأمن”

كذلك أصدرت العديد من مؤسسات ومنظمات المجتمع المدني في شمال وشرق سوريا بيانات استنكار، وشجب لما يقوم به المحتل التركي، ومنها بيان حركة المجتمع الديمقراطي TEV-DEM الذي عدَّ صمت القوى الدولية على الهجمات الوحشية لجيش الاحتلال التركي شراكة صريحة في جرائم تركيا، ودعت شعب شمال وشرق سوريا لتعزيز تنظيمه، والتمسك بخيار المقاومة بوجه حرب الإبادة التركية.

ومما جاء في البيان: “القصف الوحشي للطيران الحربي لدولة الاحتلال التركي هذه الليلة، للعديد من مناطق روج آفا يدل على أن هناك ضوءاً أخضر من القوى الدولية، فندين الصمت المخزي للدول المعنية بالشأن السوري، وفي مقدمتها التحالف الدولي، وصمت الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا شراكة في هجمات الإبادة التركية بحق شعبنا”.

وقد أكد البيان: على المقاومة والتضحية للوقوف في وجه الغطرسة التركية: “نحث جميع مكونات شمال شرق سوريا وشعوبنا على المقاومة وتنظيم الذات، المقاومة ولا سبيل سواها لحماية مكتسباتنا وقيمنا الأخلاقية، ولندعم وحدة صفوفنا وتلاحمنا أكثر، ومساندة قواتنا، قوات سوريا الديمقراطية”

الصمت الدولي مشاركة في الجريمة

​​​​​​​من جهتها أكدت عضوة الهيئة الرئاسية لحزب الاتحاد الديمقراطي، فوزة يوسف لشعوب شمال وشرق سوريا، بالوقوف في وجه هجمات الإبادة، التي تشنها دولة الاحتلال التركي على المنطقة، واستنكرت الصمت الدولي المريب، وقالت في تصريح لوكالة هاوار للأنباء: “قامت الدولة التركية بالهجوم على مناطقنا بشكل وحشي، وعلى مرأى من العالم، والقوى الدولية في سوريا، هذا الهجوم العدواني، الذي يستهدف مكونات شمال وشرق سوريا، ووحدة الأراضي السورية، يرافقه صمت القوى الدولية”.

وعدّت فوزة يوسف هذا الهجوم “جزءاً من سياسة الإبادة، التي تشنها الدولة التركية ضد شعبنا، الحرب الإرهابية التي أعلنتها الدولة التركية هو تهديد لكل سوريا”. موضحة في الوقت ذاته، أن المقاومة خيار الشعوب في شمال وشرق سوريا: “ليعلم العالم أجمع بأننا لن نرضخ لهذه التهديدات، وسندافع عن أنفسنا، وسننتقم لشهدائنا وجرحانا”.

الأطراف كلها ستدفع ضريبة أي تدخل جديد

الإدارة الذاتية من ناحيتها، واستنكارا للعدوان التركي المستمر، والقصف الهمجي المدفعي والجوي الأخير، نددت من خلال بيان بالهجمات الأخيرة للمحتل التركي، مؤكدة، إن الأطراف كلها في المنطقة ستدفع ضريبة، أي هجوم أو تدخل جديد، وأنه سيكون وبالا على الجميع: “إذا ما تورطت تركيا وأقدمت على ضرب مناطق شمال وشرق سوريا فإن حجم المقاومة والدفاع عن مناطقنا سيكون كبيراً وواسعاً، وقد يدخل المنطقة في أتون حرب طويلة الأمد لا يحمد عقباها”.

البيان كذلك طالب روسيا وأمريكا كراعيتين لوقف الأعمال القتالية، والقوى الدولية لإبداء موقف واضح تجاه عنجهية تركيا: “كما ندعو فيه الجهتين الراعيتين لوقف الأعمال القتالية، الاتحاد الروسي والولايات المتحدة الأمريكية، ومعهم المجتمع الدولي لإبداء موقف واضح تجاه عنجهية وغطرسة الدولة التركية، وحربها المستمرة تجاه شعوب ومكونات المنطقة”.