No Result
View All Result
المشاهدات 12
غاندي إسكندر_
الذي يقرأ تاريخ الصراع الكردي مع مستبديه، وينظر إلى المعطيات على الأرض على مختلف العصور والأزمان ، يدرك ويجزم، أن الخيانة والتواطؤ مع إرادة محتلي كردستان كانت ولاتزال من أهم المعوقات، التي ساهمت في تعكير رونق التغيير المأمول تحقيقه، حيث عمل من ارتضى لنفسه المهانة والذل والاستعباد على قبول المساومة على كل شيء سوى المنافع الشخصية الضيقة، أولئك الذين استيقظوا على بيع الكرامة، وأدخلوا أنفسهم عمدا إلى منظومة العار، قافلة من الخيانات، أحدثت تشوهات خطيرة في الجسد الكردي، ومهدت الدروب؛ ليعيث المحتل فسادا في الجغرافية الكردستانية عامة.
طعنات في الظهر
في الثاني والعشرين من كانون الثاني عام 1946،وفي احتفال كبير، وأمام حشد من الشعب الكردي في (روجهلات كردستان) والعديد من رؤساء العشائر، ورجال الدين أعلن القاضي محمد في ساحة (جارجرا) في مدينة (مهاباد) عن تأسيس جمهورية مهاباد الكردية، ورُفع العلم الكردي لأول مرة، وانتخبَ ممثلو الطوائف والعشائر قاضي محمد؛ ليصبح رئيس جمهورية مهاباد، وفي خطابه الأول ركز قاضي محمد على توحيد صفوف الكرد، والعمل كيد واحدة لاستغلال الفرصة التاريخية التي جاد بها الزمن، لكن لم تدم الجمهورية الكردية سوى أحد عشر شهرا، حيث انهارت الجمهورية بعد مقاومة بطولية أبداها قاضي محمد، وأفراد حكومته، وتم إصدار حكم الإعدام بقاضي محمد، ونُفذ الحكم في الثلاثين من أذار في (ساحة جارجرا).
هناك عدد من العوامل، التي أدت إلى انهيار الجمهورية منها داخلية ومنها خارجية وإقليمية، لكن السبب الداخلي، وهو السبب الرئيسي، هو أن قاضي محمد قد اعتمد في تشكيل حكومته على الإقطاعيين، ورؤساء القبائل، وهؤلاء بسبب خوفهم على مصالحهم وامتيازاتهم، خانوا قاضي محمد، عندما هددتهم سلطات إيران ففضلوا الاحتفاظ بإقطاعاتهم على حساب الجمهورية، وسجلوا بتخاذلهم موقفاً مخزيا وطعنة في الظهر لن ينساها الشعب الكردي في أجزائه الأربعة، يقول الشهيد قاضي محمد في إحدى وصاياه للشعب الكردي، قبل إعدامه كاشفاً سبب الكارثة، التي حلت بالجمهورية: “أيها الأخوة لولا خيانة رؤساء العشائر لنا، أولئك الذين باعوا أنفسهم لحكومة العجم، لما حلت الكارثة بنا، وبجمهوريتنا” وقال أيضا: “لا تحملوا الحقد والكراهية تجاه بعضكم، أولئك الذين لم يكونوا ينفذون تعليماتنا وأوامرنا، بل كانوا يرفضونها، قد تحولوا إلى أعداء حقيقيين لنا، وهم الآن جالسون في بيوتهم بين أطفالهم، ينعمون بنوم هادئ، ولأننا قد كرسنا حياتنا لخدمة شعبنا، فإنني الآن، وفي هذه اللحظات أمضي ساعات عمري الأخيرة في كتابة وصيتي، تحت أعواد المشنقة منتظرا إعدامي، فلو لم تكن المسؤولية الكبرى ملقاة على عاتقي، لكنت الآن جالسا بين أطفالي، وأنعم بنوم هادئ”.
لوزان وحسن خيري
في عام 1923، أثناء المفاوضات بين تركيا وأوروبا للتوقيع على معاهدة لوزان، واجه مسؤولو الدولة التركية عقبات حقيقية من الدول الأوروبية، ورفض مسؤولون أوروبيون التوقيع على الاتفاق قائلين:” إن هناك شعباً كردياً، وأراض كردية في شرق تركيا، ماذا سيحدث لهم إذا وقعنا هذه الاتفاقية؟” فأخبر المسؤولون الأتراك الأوروبيين، أن تركيا ليست دولة للأتراك، إنما هي دولة للترك والكرد، وكلا الشعبين قررا العيش معاً، لكن المسؤولين الأوروبيين لم يصدقوا ادعاءات المسؤولين الأتراك، فاستنجد رئيس الوفد التركي عصمت باشا بمصطفى كمال أتاتورك قائلا له: “إذا استمر الوضع هكذا سيتم إنشاء دولة كردية، فهناك حاجة ملحة لإقناع الأوروبيين بأن الكرد والأتراك سيعيشون معاً”، فاستدعى مصطفى كمال أتاتورك حسن خيري، وهو نائب كردي في مجلس النواب العثماني يمثل ولاية (ديرسم) ودعاه إلى ارتداء ملابسه الكردية، والذهاب برفقته إلى البرلمان التركي، حتى يظهر للصحفيين بأن الحكومة التركية اعترفت بالقومية الكردية واللغة والثقافة الكردية، ثم طلب أتاتورك من حسن خيري إرسال برقية مماثلة إلى لوزان، وقام حسن خيري بإرسال هذه البرقية، وبموجبها وقعت السلطات الأوروبية على اتفاقية لوزان، وبهذا قضي على حلم استقلال كردستان، حسن خيري الذي جعل كردستان خارج الخرائط، قيل: إنه قبل إعدامه نطق ببضع كلمات، وهو على حبل المشنقة “وصيتي أن يحفر قبري على طريق يمر به الكرد، حتى يبصق علي كل كردي يسير على هذا الطريق”
عدو عدويّ صديقي
عندما كان الصراع محتدما بين قوات حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، والحزب الديمقراطي الكردستاني، وحين وصلت قوات الاتحاد الوطني الكردستاني إلى تخوم (هولير)، استنجد مسعود البرزاني بجيش نظام صدام حسين متناسيا، أنه نكل بالكرد في حلبجة، وقضى على عشرات الآلاف منهم في حملات الأنفال، ففي صباح يوم الحادي والثلاثين من آب عام 1996تحركت القوات العراقية من الموصل، وكركوك إلى هولير، وبلغ عدد الجيش العراقي حينها ثلاثين ألفا و150 دبابة، واخترقت القوات العراقية قواعد ونقاط الاتحاد الوطني الكردستاني، وأجبرته على الانسحاب من هولير، وقد وصلت دبابات صدام حسين إلى ساحة برلمان إقليم كردستان، وحين عاودت قوات الاتحاد الوطني الكردستاني الهجوم على هولير هاجم الحليف التاريخي للديمقراطي الكردستاني، القوات التركية بواسطة الطائرات، قوات الاتحاد الوطني الكردستاني في (كويه وشقلاوة ورانيا) ومنعت تقدمهم نحو هولير، ومهدت هذه الخيانة والاستعانة بأعداء الشعب الكردي لضرب ذوي القربة إلى تقسيم إقليم كردستان إلى مركزين وسلطتين هما (هولير والسليمانية)، واستمرت حلقات الخيانة ضد أبناء الشعب الكردي من قبل حكام هولير، حيث أدى انسحاب قوات الحزب الديمقراطي الكردستاني المدجج بالسلاح أمام مرتزقة داعش، دون أن يطلقوا طلقة واحدة صوب، الذين هاجموا شنكال في 2014 إلى حدوث مجازر وكوارث ضمن صفوف الشعب الكردي الإيزيدي، الذي تجرع الألم وفقدان الأحبة، وبيعت بناته بعد تعرضهن للاغتصاب كسبايا وقد بلغت ضحايا تواطؤ الحزب الديمقراطي الكردستاني مع مرتزقة المحتل التركي إلى اختطاف 5000 فتاة، ومقتل ما يزيد عن 3000 إيزيدي، وتشريد 400 ألف، واستمراراً لحلقات الخيانة ومن أجل القضاء على إرادة الشعب الكردي الإيزيدي أبرم الحزب الديمقراطي الكردستاني مع حكومة مصطفى الكاظمي في التاسع من تشرين الأول 2020 اتفاقية تطبيع الأوضاع في شنكال، والتي عدها الإيزيديون بمثابة فرمان جديد يهدف إلى كسر شوكة الإدارة الذاتية لأهالي شنكال، ويفتح المجال إلى هجرة جديدة بحق الإيزيديين، ولم يتوقف الحزب الديمقراطي الكردستاني عن مساندته لأعداء الكرد، فمهد وفتح المجال لقوات الاحتلال التركي لبناء عشرات القواعد العسكرية في أراضي جنوب كردستان لمحاربة قوات الدفاع الشعبي (الكريلا)، وشارك بشكل فعال في قتال قوات الكريلا جنبا إلى جنب مع المحتل التركي منذ عام1992 .

برو – بريمو-بشار، أرصدة نضالية في متون الخيانة
بعد نجاح ثورة التاسع عشر من تموز، حيث تنفس الشعب الكردي في (روج آفا) الصعداء، وسعى إلى بناء إدارته الذاتية والتعبير الحر عن إرادته المسلوبة منذ عشرات السنين، وحين أصبح للكرد جيش ومؤسسات سعى البعض من يعدون أنفسهم قادة الحراك الثوري في روج آفا، والذين شكلوا منصة سياسية تحت مسمى (المجلس الوطني الكردي) إلى العمل تحت ظل المحتل التركي، لضرب المنجزات الكردية، وتحولوا إلى أبواق ومرتزقة يعملون على مدار الساعة على تجميل وجه الاحتلال التركي ومرتزقته، ويأتي على رأس قائمة العار والخيانة (عبد الحكيم بشار، وإبراهيم برو، ونوري بريمو وفؤاد عليكو، وعبد الله كدو، وعبد العزيز تمو…) وغيرهم من الذين اختاروا، وفضلوا فنادق إسطنبول على خنادق روج آفا، فهؤلاء وحتى هذه اللحظة، يعدون سيطرة الجيش التركي على (عفرين وسري كانيه وكري سبي) بأنها أراض محررة، وعلى الرغم من آلاف الوثائق، التي تدين مرتزقة أردوغان في عفرين وسري كانيه، والتي تشير بكل وضوح إلى قيامهم بعمليات سرقة للأثار ونهب للممتلكات، واغتصاب للفتيات والقتل على الهوية وقطع الأشجار إضافة إلى التغيير الديمغرافي الحاصل، إلا أنه بأمر من الاستخبارات التركية يجملون صفحة المحتل وأعوانه، فيقول نوري بريمو المولود في عفرين، والقيادي في (الأنكسة): “الوضع في عفرين أفضل من قامشلو التي تسيطر عليه الإدارة الذاتية”، ويضيف “أن ما يجري في عفرين هي بعض الإزعاجات، وتصرفات فردية” وفي لقاء مع بعض من أعضاء حزبه في (هولير)، قال نائب رئيس الائتلاف عبد الحكيم بشار: “لا توجد أي جرائم أو انتهاكات بحق أهالي عفرين، وأن ما يجري من أحاديث عن أوضاع سيئة هناك هي محض افتراءات”، متهما قوات سوريا الديمقراطية بارتكاب الانتهاكات، فبشار منذ اليوم الأول للأزمة السورية يحاول الالتفاف على ثورة روج آفا، وينفذ بشكل حرفي أجندة المحتل التركي، وأما إبراهيم برو، فدعا من نيويورك أثناء لقائه مع ممثلي الأمم المتحدة، ضمن وفد الائتلاف إلى وضع حد للإدارة الذاتية ولاسيما فيما يتعلق بتدريس اللغة الكردية في المناطق الكردية، وطالب علنا بتدريس مناهج البعث في (روج آفا)، لقد اعتمدت جوقة الأنكسة إلى التحريض والتهييج الإعلامي، وعلى الحرب النفسية والمعنوية بأمر مباشر من الاستخبارات التركية، وأفشلوا بشكل جلي أي تقارب كردي- كردي، وروجوا للمحتل التركي في لقاءاتهم كلها؛ بغية وضع العصي في عجلة الإدارة الذاتية، التي قدمت أحد عشر ألف شهيد في سبيل نيل الحرية، وبناء الحياة الديمقراطية؛ لكن مهما توغل الخونة في طقوس التبجيل والوفاء، والعمل تحت جلباب المحتل، فإن رحى الثورات الكردية ولاسيما ثورة (روج آفا) لن تتوقف عن الدوران، ولن تعود حركتها نحو الوراء.
No Result
View All Result