تلوث المجاري المائية…

محمد سعيد_

تعاني المجاري المائية في المنطقة من تعديات كثيرة وكبيرة، من قبل الجميع، حيث أن المجاري المائية الحية (التي تجري فيها المياه)، والوديان والمجاري المائية، التي جفت من عشرات السنين، تُصب فيها قنوات الصرف الصحي للمدن والبلدات، وحتى القرى، بالإضافة إلى مخلفات المعامل، والمصانع، التي تتخلص من النفايات السائلة بشكل مباشر إلى هذه الوديان والأنهار الجارية، وغيرها من البرك؛ ما يؤدي لتشكل مستنقعات في كثير منها.

وهذه المستنقعات، تشكل بيئة خصبة لتكاثر أعداد كبيرة من الحشرات، والقوارض، التي تسبب وتنقل العديد من الأمراض، والأوبئة، التي تؤثر على جميع الكائنات الحية المحيطة بهذه المستنقعات، من بشر وحيوان ونبات.

وفيما يتعلق بالأنهار، كنهري جقجق والخابور، فهناك تعدي واضح من قبل الأهالي أيضاً، حيث يتم إلقاء القمامة في مجاري النهرين، ومعظم هذه القمامة، تكون من أكياس النايلون والمواد البلاستيكية، الغير القابلة للتحلل السريع، والتي قد تحتاج لمئات السنين، وبعضها لملايين السنين حتى تتحلل.

وهذا يظهر، مدى خطورة هذه القمامة، وما ينجم عنها من نسب تلوث عالية للمياه في هذه المجاري؛ ما يؤدي لتسمم هذه المياه، وتلوثها فتصبح غير قابلة للاستخدام والشرب، لا للحيوانات ولا للنباتات، لأن ذلك يؤدي إلى تلوث منتجات الحيوانات ومشتقاتها، وستسبب العديد من المشاكل الصحية للبشر، من خلال التسمم المباشر، أو تراكم المواد الملوثة والسمية في أجسام الكائنات الحية.

أما فيما يخص النباتات، والمحاصيل، التي تروى بمياه هذه الأنهار الملوثة، وكذلك بمياه الصرف الصحي، فتلك النباتات والمحاصيل، تعدّ غير صالحة للاستهلاك البشري مطلقاً، لأنها تُنتج ثماراً ملوثة، وتحتوي على أعداد كبيرة من الفيروسات والبكتيريا، التي تسبب أمراض كانت في مراحل معينة من التاريخ، أوبئة تفتك بمدن ومجتمعات كاملة، كالكوليرا وغيرها الكثير من الأمراض.

وهناك حشرات تنقل الكثير من الأوبئة ومسببات الأمراض، تعيش وتتكاثر في أوساط ملوثة، وفي المستنقعات، التي تتشكل من المياه الراكدة، والتي تشكل وسطاً ملائماً جداً لتكاثر هذه الحشرات، التي تسبب العديد من الأمراض الجلدية، وخير مثال على ذلك (الليشمانيا) التي تعدّ من الأمراض الشائعة في وقتنا هذا، والتي يتطلب علاجها الوقت والمال والجهد، بالإضافة إلى ذلك، هناك العصارات الحامضية، التي تلوث المياه الجوفية، من خلال تسرب هذه العصارات إلى مخازن المياه الجوفية؛ ما يؤدي لأمراض في الجهاز الهضمي وأجهزة التنفس.

عدم المبالاة من قبل السكان، فيما يخص تلويث المجاري المائية، وصب مخلفات الصرف الصحي، والقمامة فيها، أدى إلى ظهور الأوبئة، والحشرات الناقلة للأمراض، التي تلحق الضرر بهؤلاء السكان أنفسهم.