مدافئ عائلات في إدلب هل ستحظى بالحطب أم ستبقى شكلاً في المنزل؟

يتوقّع “عدنان العيدو”، وهو نازح من ريف حماة، يقيم في إدلب، ألّا تقلّ حاجته للحطب هذا العام عن سابقه، إذ بلغت أربعة أطنان، وهي كمية تعدّ عادية مقارنةً بأجواء الشتاء العام الماضي.

ولكن المشكلة عند “العيدو”، الذي يعمل في المياومة، أن أسعار الحطب هذا العام ارتفعت مقارنةً مع العام الماضي، حيث كان متوسط سعر الطن حينها، 130 دولاراً، واليوم يتجاوز 180، ويصل أحياناً إلى 220 دولاراً، حسب النوع ودرجة جفافه.

ويفتتح سوق بيع الحطب في مدينة إدلب، أو بلدة عرب سعيد غربه، ومعرة مصرين شرقه، بمتوسط 180 دولاراً لطن الحطب الجاف، ومتوسط 165 دولاراً لغير الجاف، بينما تحتاج العائلة إلى طنين من الحطب كأدنى حدّ.

ارتفاع أسعار الحطب هذا العام

 وشكّل ارتفاع أسعار الحطب أزمة حقيقية لدى السكان، لأن متوسط الدّخل لرب العائلة لا يتعدّى 100 دولار شهرياً، وهناك من يعمل بأجر اليوم ولا يتجاوز 25 ليرة تركية، ما يثير تساؤلاً لدى سكان إدلب؛ عن مدى جدوى وجود المدفئة في المنزل هذا العام؟

وأعلن فريق “منسقو استجابة سوريا” أن أكثر من 92 في المائة من العائلات شمال غربي سوريا، غير قادرين على تأمين مواد التدفئة للشتاء القادم.

وقال الفريق في بيان عبر صفحته في فيس بوك إن “نحو 78 في المائة من النازحين لم يحصلوا على إمدادات التدفئة، وتحديداً ضمن المخيمات، خلال العام الماضي”.

وتواجه ميساء الحسن، من سكان مدينة إدلب، مشكلة في تأمين حاجتها من مواد التدفئة للشتاء، حيث كانت تعتمد سابقاً على قشور الفستق، والذي انقطع وصوله لمدينة إدلب؛ نهاية العام الماضي، ومع بداية العام الحالي عاد للأسواق، ولكن بكميات قليلة وأسعار مرتفعة جداً.

وتعمل ميساء، في إحدى المنظمات، ولا يتجاوز معدّل دخلها 200 دولار في الشهر، وهو جيد جداً مقارنةً مع غيرها من العائلات، التي لا يتعدّى دخلها الشهري 80 دولاراً، بينما تحتاج لأكثر من طنين ونصف؛ كحدّ أدنى في فصل الشتاء من قشر الفستق.

والعام الماضي، كان متوسط سعر الطن من قشر الفستق 145 دولاراً، وبدأ بالارتفاع حتى نهاية العام ليصل إلى 180 دولاراً، “أما اليوم فقد قُدِّر متوسط سعر الطن بـ 200 دولار، وهناك أنواع بـ 225 دولاراً، ويرجع السعر لنظافته وجودة تخزينه”، حسب ميساء.

وفي إطار بحثها عن تأمينه، استغنى “وليد الشيخ”، من سكان مدينة كفر تخاريم غربي إدلب، عن قشر الفستق، الذي تجاوزت أسعاره قدرته الشرائية.

“الصعوبة في تأمين ثمن نصف طن”

 واتجه الشيخ، الذي يعمل معلّم بلاط، نحو الحطب، الذي اعتقد أنه يناسب دخله، ولكنه مازال يعاني صعوبة تأمين ثمن نصف طن من الحطب، يعتمد عليه في الشهر الأول من فصل الشتاء.

ولم يتجاوز دخل الشيخ؛ الشهري 85 دولاراً، وبين قائلاً: “ونحتاج لمصروف شهري أكثر من 300 دولار، في ظلّ الارتفاع الكبير للأسعار”.

ويقول الشيخ: “ارتفعت أسعار المواد كلها، وبشكل يفوق القدرة الشرائية للسكان، ومن ضمنها أسعار مواد التدفئة”.

ويضيف: “لكن هناك ما يمكن الاستغناء عنه، بينما مواد التدفئة لا يمكن أن نتجاهل الحاجة لها، أو الاستغناء عنها، خصوصاً في هذا العام حيث يتوقّع أن يكون الشتاء بارداً أكثر من غيره”.

وقدَّر “مأمون بني”، وهو تاجر مواد تدفئة من مدينة أرمناز، غربي إدلب، الفرق بين متوسط سعر طن الفستق في العام الماضي والحالي، إذ بلغ أكثر من 80 دولاراً، والحطب ارتفع بنسبة 50 دولاراً.

وأرجع السبب في ذلك، إلى المسافات الطويلة والتكلفة الكبيرة في جلب الحطب، “نستوردها من مناطق النظام، والأحراش في مناطق جسر الشغور، وعفرين، وإعزاز”.

وذكر تقرير سابق، لنورث برس، أنه ومع اقتراب حلول الشتاء، يشاهد تزايداً ملحوظاً في كميات الحطب المستورد من عفرين.

وحسب تجّار في إدلب، فإن معدّل استيراد بما يسمى هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً)، للحطب من أشجار عفرين، بالتنسيق مع فصائل الجيش الوطني الموالي لتركيا، خلال الأسبوعين الأخيرين، زاد 30% عن متوسط عمليات التوريد التي شهدها شهر أيلول/ سبتمبر، وتشرين الأول/ أكتوبر؛ العام الماضي.

ويؤكّد هؤلاء، لنورث برس، أن الهيئة تحتكر عمليات شراء الحطب من عفرين، بالتنسيق مع نظيرها المسيطر هناك وتورِّده إلى إدلب، وفي المقابل هناك تقييد استيراد الحطب من تركيا.