إن حالة الانسداد السياسي، التي أعقبت الانتخابات البرلمانية العراقية، أدت إلى تصاعد حدة الخلافات، ولاسيما بين المكونات الشيعية في العراق؛ نتيجة الخلاف على من سيشكل الحكومة المقبلة؛ ما أدى إلى تفاقم الشقاق بينها، لاسيما بين تيار مقتدى الصدر من جهة، والإطار التنسيقي بقيادة رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي، من جهة أخرى، وقد ارتفعت حدة الخلاف بين الكتلتين، مع اقتحام أنصار مقتدى الصدر مبنى البرلمان، وبدء اعتصام مفتوح، ويتركز الخلاف على نية كتلة الإطار التنسيقي تسمية ( محمد شياع السوداني) المقرب من نوري المالكي رئيساً للوزراء، الأمر الذي يرفضه أعضاء الكتلة الصدرية، وقد اشتد الصراع بين الطرفين، منذ صدور نتائج الانتخابات، التي مضى عليها أكثر من عشرة أشهر، والتي فاز فيها التيار الصدري ب74 مقعدا، من مقاعد البرلمان البالغ عددها 329مقعدا، وتراجعت حصة الفصائل المدعومة من إيران إلى 17 من 48 سابقاً، وشرعت الفصائل المدعومة إيرانياً على الرغم من تضاؤل عدد ممثليها في البرلمان، من إحباط الصدر من خلال حرمانه من الحصول على ثلثي النصاب القانوني، اللازم لانتخاب رئيس الدولة، والتي تشكل الخطوة الأولى نحو تشكيل الحكومة، وطرح المالكي، خصم الصدر، والذي يتحين العودة إلى الحياة السياسية، نفسه لمنصب رئيس الوزراء، وهو منصب يجب أن ينتقل إلى شيعي في النظام السياسي العراقي، لكنه تراجع بعد انتقادات واسعة طالته من كتلة الصدر، ثم طرح خصوم الصدر مرشحا آخر، هو (محمد شياع السوداني) الذي يعده أنصار الصدر من الموالين للمالكي، وكانت هذه الخطوة بمثابة القشة، التي قصمت ظهر البعير، فيما يتعلق بأنصار الصدر، وقد شهدت العاصمة العراقية بغداد، اعتصامين مضادين، الأول لمؤيدي التيار الصدري بجوار البرلمان، والثاني لأنصار الإطار التنسيقي، قرب أسوار المنطقة الخضراء، هذه الاعتصامات التي تطورت إلى معارك، وسلسة من حلقات العنف، وذلك بعد أن أعلن زعيم التيار الصدري اعتزال الحياة السياسية، وقد أسفرت المعارك، والاحتجاجات إلى اقتحام أنصار الصدر لعدد من المؤسسات الحكومية، من بينها القصر الجمهوري، وعززت السلطات العراقية وجودها الأمني في المنطقة الخضراء، وأعلنت حظراً للتجوال في بغداد، ثم في جميع محافظات البلاد، وفي الثلاثين من آب دعا الصدر أنصاره لفض الاعتصام، منددا بأعمال العنف، التي شهدها العراق، والتي راح نتيجتها ضحايا من الطرفين (أنصار الصدر، والإطار التنسيقي) ورفعت السلطات العراقية حظر التجوال بعد انسحاب أنصار التيار الصدري.
السابق بوست
القادم بوست