خيمة الاعتصام في قامشلو.. صوت الأبرياء الذين طالهم بطش الاحتلال التركي

قامشلو/ دعاء يوسف ـ

متى سيتوقف قتل الأبرياء، وزهق أرواحهم الطاهرة؟ إلى متى سنبقى نحمل أولادنا على أكتافنا ونودعهم الوداع الأخير؟ متى سيقف العالم في وجه هذا الظلم، الذي يسود المنطقة؟، طرحت عدلة داوود للعالم أسئلتها هذه، منتظرةً المجيب.

بالرغم من الحرب، وتعدد الجبهات، وقسوة القصف المتكرر على منطقتها في ريف تل تمر، تقف تحت سقف خيمة الاعتصام المبنية أمام مفوضية الأمم المتحدة، منذ تسعة عشر يوماً في قامشلو، رافعة صوتها: “لا للاحتلال، لا لقتل الأطفال”، امرأة بعمر الخمسين، جلست بين صفوف المعتصمين، ضمن خيمة نُصبت؛ لتكون صوت الشعوب المضطهدة، لمناجاة العالم، فيأتي صوتها صارخاً في وجه الاحتلال التركي، وآلياته المسيرة.

عدلة داوود أحمد من قرية باب الخير قرب ريف تل تمر، والتي تكرر قصف المحتل التركي لها، جاءت لخيمة الاعتصام، وكلها أمل أن ينصت العالم لصرخات الأطفال، والمدنيين، التي تعالت أصواتهم جراء آليات الاحتلال، التي تبطش بالمناطق دون رادع دولي.

قرارات مجهولة ومواقف خجولة

وقد بيَّنت عدلة لصحيفتنا “روناهي” من خيمة الشرف والكرامة كما وصفتها لنا، أن هذه الخيمة، هي صوت للشعوب المضطهدة؛ لتمارس حقها في التظاهر، ورفع صوتها في وجه الاحتلال بطريقة سلمية: “يهاجم الاحتلال التركي مناطقنا وثورتنا في شمال وشرق سوريا، وقد نصبت هذه الخيمة؛ لتعبر عن استيائنا السلمي لما يجري، ونحن نحاول إيصال مطلبنا إلى العالم أجمع، في مطالبتنا بفرض حظر جوي على المنطقة، أمام مسيّرات الاحتلال التركي”.

كما وطالبت دول التحالف الخروج عن صمتها المهين، فقد حرّفوا ميزان العدالة، لصالح الاحتلال، مشيرةً إلى أنهم دخلوا الأراضي السورية؛ للحفاظ على سلامة الأبرياء، وفك النزاعات المسلحة في المنطقة، لا ليكونوا طرفاً في نشرها: “لقد تدخلوا لحمايتنا، ولكننا نشاهد من مواقفهم الخجولة انحيازهم للاحتلال، وقفوا معه بصمتهم ضد الإنسانية”.

فتثير عدلة تساؤلات هامة ومنطقية: أين محل الأمم المتحدة، والمجتمع الدولي من الإعراب، وهم يشاهدون دماء الأبرياء تسفك، فتجيب عن تساؤلاتها قائلةً: “أنهم صامتون، يجلسون في صفوف المتفرجين، تكاتفوا كلهم ضد الشعوب، وتكون مصالحهم في قرارات مدروسة ومجهولة لنا؛ فنقع ضحية أطماعهم”.

العيش بكرامة أو الموت بشرف

قطف الاحتلال بأسلحته المحرمة دولياً أرواح الأطفال، لترسخ صورة الاحتلال الوحشية في أذهان من شاهدوها من أقرانهم، فالأطفال في شمال وشرق سوريا، لم يسلموا من طائرات وبطش الاحتلال؛ فتأقلموا مع واقعهم مرغمين.

وانبهرت متعجبة حين قام ابنها بسؤالها: “لماذا يموت الأطفال ألا يجب أن يكبروا؟” تلعثم الجواب في شفتيها: “لم أستطع أن أكذب عليه فقط ذاق مرارة الحرب، والقصف، واستنشق رائحة الدماء والجرحى، لأجيب نعم يموتون؛ لأنهم ولدوا بأرض الكرامة؛ ولأنهم أشبال سلام وأحلام الكبار، يقتلونهم خوفاً من غدهم المشرق”.

ورغم القصف المستمر على قريتها، لم تترك عدلة منزلها، ففي كل مرة تغادره، تعود مرة أخرى حاملةً خوفها في قلبها، رافضة الاستسلام من دون مقاومة، واضعةً أملها بقوات قسد: “لقد اعتدنا أصوات المدافع والقذائف، ما عدنا نخافها، نغادر منازلنا حتى تهدئ الأصوات؛ لنعود إليها، لن نترك قواتنا تواجه الاحتلال وحدها، بل نحمل السلاح، ونقف في وجه كل من يحاول التعدي على أرضنا، لنكون يداً واحدة لندحر العدو”.

وتابعت: “الوطن أرض وعرض، ومن يتخلى عن أرضه، ماتت كرامته، وأنا أفضل أن أموت، وأدفن داخل منزلي على أن أتركه للأعداء، فنحن شعب خلق ليعيش بكرامة، أو يموت بشرف”.

واختتمت عدلة داوود حديثها: “نحن نساء روج أفا لا نوافق على هذا الظلم؛ كوننا نحيا بثورة نسائية، سنقف، ونقاوم هذا العدو، الذي يقتل ويبيد الشعوب، فإلى متى سيهاجر الأبرياء، وتزهق أرواحهم الطاهرة”.

وتستمر خيمة الاعتصام، التي نصبت تحت شعار “أين هي عدالتكم وأين ضميركم” من قبل قوات حماية المجتمع بالتنسيق مع مؤتمر ستار في 12 آب الجاري في يومها التاسع عشر على التوالي 30 آب، احتجاجاً على هجمات الاحتلال التركي على شمال وشرق سوريا، أمام مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في مدينة قامشلو بحي السياحي.