السوريون ضحايا العنصريّة التركيّة

آزاد كردي_

سلطان (21 عاماً) الذي قُتِل بطعنة سكين، مساء الاثنين الفائت، خلال مشاجرة بين شبان أتراك أمام محل للحلاقة الذي يعمل فيه بمنطقة تقسيم في إسطنبول؛ هو ضحية عنصرية ترقى إلى عنصرية الدولة بالأكمل قبل أن تنطلي على الشعب، وأرفض التعميم على هذه الجزئية بالذات لأن هناك بطبيعة الحال جزء من هذا الشعب غير راضٍ على أداء هذا الجزء الآخر وهو ما يكاد يشي بالطبقة الحاكمة من حزب العدالة والتنمية وبعض الأحزاب التي تطالب بعودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم قسراً أو طوعاً. وللأسف هذه الحادثة ستفجر مدى استهتار الحكومة التركية بحياة السوريين ولعلي إذ أنزع عنهم صبغة اللاجئين في هذا المقام لأننا نتعامل مع حق إنساني صريح وليس مع أي شيء آخر مع العلم أن حق الحياة مكفول ويعتبر مقدساً وفق الأنظمة والقوانين الدولية المرعية أو وفق الشرائع الدينية والعُرف الأخلاقي أيضاً لأنه قُتِل بدمٍ بارد، على أيدي أتراك، وفي مكان عام (ساحة تقسيم)، وتحت أنظار المارة.

تجدد هذه الحادثة مدى استهتار الحكومة التركية بأرواح السوريين ولا تولي أي درجة رعاية أو اهتمام بأوضاع السوريين كونهم لاجئي حرب وينبغي أن يعاملوا -على الأقل- وفق قواعد إنسانية خاصة، هذا إذا أخذنا بالاعتبار أن الدولة التركية تتلقى تبرعات خاصة من الأمم المتحدة أو الاتحاد الأوروبي لقاء إيوائهم على أراضيها وهو ما يضعنا أمام شك وارتياب من هذه المعاملة الشاذة وغير الأخلاقية.

ومن الملاحظ في الآونة الأخيرة كثرة الاغتيالات بحق السوريين، حيث يتعامل الأتراك مع هذه النوعية من الجرائم كما لو أنها من الدرجة الثانية وهو ما يعني إباحة أو -على الأقل- غض الطرف عن الجرائم المرتكبة بحق السوريين أو تمريرها في المحاكم شكلياً كما حدث مع المسنة السورية التي تعرضت منذ فترة وجيزة للركل والإهانة، في مدينة غازي عنتاب، جنوبي تركيا من قبل شاب تركي، ووثّق تسجيل مصوّر انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، لحظات اعتداء هذا الشاب على المسنة السوريّة وركله وجهها بقدمه، بحجة أنها “تخطف أطفالاً”، ومن الواضح أن هذا المجرم -كحال غيره- سيخرج منها مثل الشعرة بالعجين.

هذه الجرائم غير المنتهية والموسومة بالعنصرية تكشف مدى فساد المجتمع كفساد النخبة الحاكمة في الدولة التركية حيث يكثر الانحلال الأخلاقي والفجور وينخفض فيه مستوى الفضيلة وتطبيق القانون لأن قتلة سلطان جُبناء احتفوا بنخب قتله وسط جمهرة من الناس في تشابه رهيب بين النوعية من هذه الجرائم وبين التي كان يرتكبها مرتزقة داعش الإرهابي الذي يحتفي بذلك عبر استعراض مهيب بتنفيذ إعداماته البشعة عبر تصويرها في تسجيلاته وإصدارته النتنة وهو يمعن بالنشوة إزاء ما يحدث وبين هذه الجرائم الحالية لأنها وتلك سيان.

حوادث قتل السوريين في تصاعد مستمر في المجتمع التركي، فهذه المرة لقى (سلطان جبنة) حتفه وقبله (شريف الأحمد) وقبله كذلك (نايف نايف)، وما من شك هؤلاء هم شهداء الغدر بدافع العنصرية، والسبب كونهم سوريون فقط وهم رجعوا إلى بلادهم مقتولين وليس كما يدعيه الأتراك بالآمنة، بل هي (عودة دموية).

على من تحتال الحكومة التركية، وكيف يستقيم ادعائها بأنها بصدد تنفيذ مشروع آمن لعودة طوعية للاجئين السوريين في المناطق الجنوبية من البلاد؟، في حين أن السوريين وسط البلاد (ساحة تقسيم) غير آمنين ولا يأمن أحدهم أن يخرج أحدهم ليلاً طالما أنه مُعرض في وقت إلى الاعتداء أو ربما القتل وإلى عدم العودة إلى بلادهم أحياء أصلاً طالما أن الترهيب وإرهاب الدولة في أعلى المستويات الشعبية وأيضاً الرسمية وبالأخص ما يتردد على الأفواه الإعلامية من تحريض وافتراء بحق السوريين.

وبالرغم من أن الدولة التركية كانت من الدول الموقِّعة على اتفاقية روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لقمع جريمة الفصل العنصري والمعاقبة عليها (أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة 1973 ودخلت حيز التنفيذ 1976) الفصلَ العنصريَّ بأنه “تهديد خطير للسلم والأمن الدوليين”.

وتنص المادة الثانية من نفس الاتفاقية على أن عبارة “جريمة الفصل العنصري”، تنطبق على الأفعال اللاإنسانية المرتكبة لغرض إقامة وإدامة هيمنة فئة عنصرية ما على أية فئة عنصرية أخرى واضطهادها إياها بصورة منهجية، فالعنصرية التركية تقتل السوريين ولا نفاجئ في الغد قتل سوري آخر لأحد الأسباب التافهة ولا يستبعد أن أكون أنا أو أنت، لطالما هذه العنصرية السمة الأبرز التي استبعد فيها الاتحاد الأوروبي تركيا من دخولها للاتحاد بسبب التجاوزات في حقوق الإنسان وانعدام الحريات ومنها حرية الصحافة وغيرها فإن جرائمها لا تحتاج إلى تفسير أو تعليل كونها علم على رأسه نار.