العدوان على شنكال.. طريق الدولة التركية، والجهات المعادية؛ لتطبيق “الميثاق الملي”

برخدان جيان_

تسعى حكومة بغداد لتنفيذ مخططات الدول المعادية لشعوب المنطقة، والشعب الإيزيدي بشكل خاص من خلال مصادرة المنجزات، التي حققها الشعب الإيزيدي بعد مقاومة أسطورية خاضها ضد الإبادة الجماعية، والسبي الوحشي للنساء في تلك المنطقة، بعد انسحاب قوات حكومة بغداد آنذاك، والقوات التابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني، وعائلة البرزاني.

الآن وتماشياً مع مخططات الدولة التركية تفيد المعلومات، بأن ناحية سنوني في قضاء شنكال شهدت مقاومة عنيفة من قبل وحدات مقاومة شنكال (YBŞ) على عدة محاور، إثر العمليات العدوانية للجيش العراقي في ناحيتي (سنوني ـ خانصور) وعدد من القرى في شنكال، بعد شرعنة العدوان من قبل حكومة بغداد، وقوات الحزب الديمقراطي الكردستاني ومواصلة بناء “جدار تقسيم كردستان” بعد زيارة (البرزاني) أردوغان مؤخراً، واعترفت قوات حكومة بغداد بمواجهة مقاومة عنيفة من قبل وحدات مقاومة شنكال، وبسعيها لاحتلال القضاء، ما يُنذر بمجازر جديدة ضد الشعب الإيزيدي، وفرض سلطة الأمر الواقع في القضاء، وإنهاء تجربة الإدارة الذاتية، التي أسسها الشعب الإيزيدي بعد صراع مرير مع مرتزقة داعش، وترك القضاء يلاقي مصيره في الإبادة، والقتل والسبي.

يرى “محللون”: أن إرسال حكومة بغداد لوفد عسكري رفيع إلى القضاء، يُنذر بسعي جدي من قبلها، لمحاباة المخططات التركية في المنطقة، وخاصة مع نجاح التجربة الديمقراطية والإدارة الذاتية في شنكال، ورغبة الدولة التركية المحتلة في القضاء على مقاومة الشعب الشنكالي، وقطع العلاقات نهائياً مع مقاتلي حركة التحرر الكردستانية، والقضاء على الإدارات الذاتية، والمدنية في مناطق شمال وشرق سوريا؛ بهدف إضعاف مقاومة شعبها، وتسهيل احتلالها فيما بعد من قبل جيش الاحتلال التركي، الذي بدأ بتوسيع تواجده العسكري من خلال القواعد العسكرية في مناطق باشور كردستان، بتسهيل وعمالة علنية من قبل عائلة البرزاني، والحزب الديمقراطي الكردستاني، ومزامنة الهجوم على شنكال من قبل قوات حكومة بغداد مع الهجوم المزدوج، الذي شنه (الجيش التركي المحتل ـ الحزب الديمقراطي الكردستاني) على مقاتلي حركة التحرر الكردستانية في مناطق الزاب، وآفاشين، ومتينا.

وبالنظر للأهمية الجيوسياسية لقضاء شنكال، والصراع المتواصل بين مختلف الأطراف السياسية، والعسكرية فيه، قد تطمع حكومة بغداد، والحزب الديمقراطي الكردستاني ببسط هيمنتها على المنطقة، في مقابل سعي فصائل أخرى تابعة (للحشد الشعبي) إلى لعب دور مركزي في تلك المنطقة، وضمان تواجدها خدمة لمخططات، ولأجندات إقليمية يقف وراءها (النظام الإيراني)، ونسف أي مشروع ديمقراطي في قضاء شنكال يُهدد مخططات الدول الطامعة، وينسف التجربة الديمقراطية المتمثلة بـ “إدارة ذاتية” تمثل الشعب الإيزيدي، وتحقق تطلعاته في العيش المشترك، والسلمي على أرضه، وفي محيطه.

وسعت حكومتا (بغداد ـ هولير) للعمل سوياً على  تطبيع الأوضاع في قضاء شنكال، منذ مطلع (تشرين الأول) 2020، من خلال صياغة اتفاق تآمري، ضد وحدات مقاومة شنكال (YBŞ) وبموجب الاتفاق، تتولى حكومة بغداد بالتنسيق مع (هولير) إدارة الملف الأمني، فيما تتولى محافظة نينوى الجانب الخدمي بالمدينة، بهدف تقويض الإدارة الذاتية في شنكال، وإفراغها من مضمونها، ثم تطبيق هذا المخطط من خلال تنفيذ هجمات، ضد وحداث مقاومة شنكال، وإجبارها على الدفاع عن أنفسها في إطار حق الدفاع المشروع، للتذرع بمهاجمة القوات الحكومية لشرعنة العدوان على شنكال، واستخدام شخصيات موالية، وعميلة لاستجداء التدخل والشرعنة بالهجوم.

ويرى “محللون ومختصون” أن الهجمات والمخططات التي تسعى الأطراف المعادية لتطبيقها في شنكال، تندرج ضمن إطار المخططات الدولية، ومساعي الهيمنة التي تسعى لتطبيقه دول الاستعمار الجديد، والذي تُشكل الشعوب الأصيلة والمتجذرة تاريخياً في أرضه كالشعب الإيزيدي “حجر عثرة” في تنفيذه، لإن الشعب الإيزيدي يتمتع بتاريخ عريق، وتواجد على أرضه، وممارسة عاداته، والتحدث بلغته منذ آلاف السنين، بالرغم من محاولات الإبادة، وأخرها على يد مرتزقة داعش، ومخططات سلخه عن أرضه عبر سياسات التغيير الديمغرافي، والصهر الثقافي والحضاري، إلا إنه استطاع الصمود ومقاومة هذه الهجمات، والمخططات ليصبح نموذجاً لشعوب المنطقة كافة.

فيما كشف آخرون: أن مخطط الحرب الأخير على شنكال تطبيق للاجتماع، الذي عقد في العاصمة الأردنية (عمان) عام 2014 والذي أُسس لسقوط الموصل، والتخطيط لإبادة الشعب الإيزيدي، والهجمات على كوباني، كل هذا كان جزءاً من مخطط دولي، وإقليمي جرى تحضيره، والإعداد له بدقة بالغة، وشاركت فيه دول إقليمية وعالمية من ضمنها الدولة التركية المحتلة، والحزب الديمقراطي الكردستاني، بالإضافة إلى جماعات متطرفة على رأسها مرتزقة داعش، حيث تم مناقشة المخطط الجديد لإعادة تقسيم المنطقة، بما يخدم التوازنات، والمصالح الاستراتيجية لدول الهيمنة العالمية، وتحريك مرتزقة داعش لتطبيق هذه المخطط، بشكل فعلي من خلال احتلال الموصل، والرقة…. وصولاً الى إبادة الشعب الإيزيدي.

لذلك يتبين من خلال المخطط التآمري، الذي دبرته دول الهيمنة العالمية، بأن الاتفاقيات واللقاءات التي حدثت في الآونة الأخيرة بين حكومة بغداد، والحزب الديمقراطي الكردستاني لاحتلال شنكال، والتي تأخذ بعين الاعتبار مصالح الدولة التركية المحتلة ما هو إلا تطبيق لاتفاقية (عمان) المذكورة آنفاً، وتقوم بتنفيذها على الأرض، كل هذه الأطراف مجتمعة بما يتعارض مع آمال وتطلعات شعب شنكال، وشعوب المنطقة، لذلك كانت المقاومة الأسطورية، التي أبدتها وحدات مقاومة شنكال، بالتعاون مع مقاتلي حركة التحرر الكردستانية، هي نقطة التحول، الذي أفشل المخططات التآمرية، وانقذ الشعب الإيزيدي، وشعوب المنطقة من الإبادة والصهر.

من جهة أخرى يجب التعليق على الجانب الأخلاقي أيضاً لعدوان الجيش العراقي، وقوات الحزب الديمقراطي الكردستاني إذ إن العالم أجمع شاهد بأم عينه، كيف تركت القوات الحكومية العراقية، والحزب الديمقراطي الكردستاني شنكال فريسة لمرتزقة داعش، إبان الهجوم الوحشي، الذي شنته على شعب شنكال، حيث يُعرف عن هذا الشعب بأنه شعب مسالم تاريخياً، وليس معتدياً ليتم مهاجمته بهذه الوحشية…!، لذلك بالرغم من كل هذه الحقائق، وأمام أعين العالم أجمع هاجم الجيش العراقي شنكال بالدبابات والمدافع، وبالأسلحة الثقيلة، واندلعت اشتباكات عنيفة، لذلك يجب إيضاح حقيقة أن الهجمات على شنكال ليست يومية وإنما تاريخية، وأهدافها استراتيجية، ومن جهة ثانية، إن من ينفذ الهجوم هو الجيش العراقي، ولكن يقف الحزب الديمقراطي الكردستاني، ودولة الاحتلال التركي، والقوى الدولية وراءها، والهدف المجمع عليه إتمام إبادة المجتمع الإيزيدي، ما ينذر بإبادة جديدة ومشرعنة بذريعة “حماية سيادة الدولة العراقية”.

ويعلل “مراقبون”: أن إحدى المشاكل الرئيسة في العدوان الأخير، الذي يشنه الجيش الحكومي العراقي على قضاء شنكال هو عدم اعترافه بالإدارة الذاتية في شنكال ضمن ما يُعرف بـ “القوانين الاتحادية للدولة العراقية” بسبب الضغوطات الممارسة عليها، وضعفها بمواجهة المخططات الدولية والمصالح الإقليمية، ما يمهد للحزب الديمقراطي الكردستاني، ودولة الاحتلال التركي بشن الهجمات على شنكال عن طريق حكومة الكاظمي، إذ إن “الديمقراطي الكردستاني” والاحتلال التركي يُحاولان أن يضعا الجيش العراقي في مواجهة قوات الحماية في شنكال، كما أن الوضع السياسي في العراق، وسياسات الكاظمي تفتح المجال لهذه الهجمات.

من هنا يتبين، أن مخططات قطع أوصال كردستان تنطلق من إشعال الحرب في شنكال، والتي تعد حرب الهيمنة على المنطقة برمتها، وفي حال عدم فهم القوى السياسية العراقية، ومؤسسات الدولة للوضع، وعدم الاعتراف بإرادة شنكال، فإن الوضع في المنطقة سيزداد سوءاً؛ لأن ملف شنكال هو الاعتراف بها، بإدارتها الذاتية التي أسسها شعب شنكال بعد تضحيات مريرة، وقاسية، لذلك ما تخطط له دولة الاحتلال التركي، هو السيطرة على الموصل، والتي أصبحت عملياً تحت سيطرة الدولة التركية من النواحي الإدارية، والسياسية، والاستخباراتية، والتي ترى فيها تطبيقاً لميثاقها الملي، لذلك ترى في شنكال طريق البداية للاحتلال المباشر، حيث بدأت في الآونة الأخيرة بزيادة قواعدها العسكرية في المنطقة بمساعدة حكومة بغداد، والحزب الديمقراطي، والعمل مع حكومة بغداد لإنشاء “جدار تقسيم كردستان”.

في الحقيقة من يدفع باتجاه إشعال الحرب في شنكال بكل السبل، هو الحزب الديمقراطي الكردستاني من خلال الضغط على الجيش العراقي، واستخدام الحرب الخاصة للهجوم على شنكال، وإفراغها من أهلها الأصليين، لذلك عملت الإدارة الذاتية في شنكال وقواتها بحذر شديد، لإفشال مخططات واستراتيجية “الديمقراطي الكردستاني” التآمرية، وإيقاف انتشار الحرب، ومناشدة بعض الأطراف والقوى السياسية الوطنية العراقية، التي تعي حقيقة مخطط الدولة التركية، والحزب الديمقراطي الكردستاني لتطبيق الاتفاق الملي، لذلك يجب الإقرار بأن مسار الحل لهذه الأزمة، ومنع العدوان المستمر على شنكال هو الاعتراف بالشعب الإيزيدي من خلال إدارته لشؤونه بشكلٍ ذاتي، بشرط الاعتراف بوجوده، والاعتراف بشنكال، وهذا ما يسد الطريق أمام سياسة تنفيذ الميثاق الملي للدولة التركية، وإفشال مخططاتها في السيطرة على المنطقة، والوقوف بوجهها من خلال نهج المقاومة، الذي يتبعه الشعب الإيزيدي للقضاء على حلم “العثمانية الجديدة”، ومنع إبادة جديدة بحق شعبها، وشعوب المنطقة.