إجهاضٌ من غيرِ حملٍ!

رامان آزاد_

في 30/3/2022 قدّم المدعو عبد الحكيم بشار نائب رئيس ما يُسمّى الائتلاف الوطني تقريراً عن أعماله والأنشطة التي قام بها، إضافة إلى نتائج اللقاءات والندوات التي شارك بها، وحرص أن يكون التقرير تفصيليّاً زاخراً بالمنجزاتِ، وجاء في تقريره تأكيدُه “بخصوصِ الأوضاعِ الأمنيّة في المناطق “المحررة”، على أنّ هناك جهات تقوم بتضخيمِ الانتهاكات التي يرتكبها بعضُ الأفرادِ بهدفِ بثِّ الرعبِ بين سكان عفرين ومنع عودتهم إلى ديارهم، ولفت إلى ضرورة معالجتها في عفرين وعدم تكرارها لكيلا تقوم الجهات المغرضة بإجهاضِ عمليةِ عودة الأهالي إلى مناطقهم وبيوتهم”.

كلام المدعو “بشار” يحتاجُ لكثيرٍ من الإيضاح، اعتباراً من توصيف المناطق المحتلة بالمحررة، كما أنّه يقللُ من حجمِ الانتهاكاتِ اليوميّة التي تصل أقصى درجات الخطورة، بتقليلها وتبعيضها، متماهياً مع ما تروّجه سلطاتُ الاحتلالِ التركيّ والإعلام الموالي لها، بأنّ الانتهاكاتِ فرديّةٌ، ولعلَّ ذلك صحيحٌ، فهي انتهاكاتٌ فرديّة ولكنَّ يمارسها كلُّ المرتزقة أفراداً ومتزعمين! ويشير “بشار” بصورةٍ ضبابيّة إلى “جهاتٍ” تقومُ بتضخيم الانتهاكات، وغاب عنه أنّ الانتهاكاتِ لا تحتاجُ من يضخّمها نظراً لأنّها في واقعها أكثر من أن تُحصى، وقد ذكر التقرير الأخير لمنظمة العفو الدوليّة استمرارَ المرتزقة بارتكاب الانتهاكاتِ ضد المدنيين، وأغلبهم من الكرد السوريين، في مدينتي عفرين وسري كانيه ومن بينها الاحتجاز التعسفيّ، والاختطاف، والتعذيب وغيره من ضروبِ المعاملةِ السيئةِ.

المفارقةُ أنّ المدعوَ “بشار” يدعو إلى عودةِ الأهالي إلى عفرين التي يدّعي أنّها “محرّرةٌ وآمنةٌ”، ولعل الأهالي أنفسهم أدرى وأكثر منه حرصاً على العودة، بل لا يحتاج المرءُ من يدعوه للعودةِ إلى بيته وممتلكاته، والقضيةُ لا تحتاج نُصحاً أو تصريحاً، لأنّ العودةَ تحكمُها عوامل وجدانيّة وفطريّة، تتجاوزُ السياسةَ، ويكفي فقط ضمانُ العودةِ الآمنةِ وعدم التعرضِ للأهالي لتتقاطر أرتالهم عائدين إلى بيوتهم ولو سيراً على الأقدام، لاستعادةِ بيوتهم وممتلكاتهم حتى بوجودِ الاحتلالِ، بل إنّ عشرات الآلاف من أهالي عفرين ما زالوا في المخيماتِ على مشارف عفرين بانتظار العودةِ.

هل يمكن دعوةُ الأهالي إلى عفرين وسري كانيه وكري سبي/ تل أبيض عبر عباراتٍ إنشائيّةٍ وأسلوبِ التحكمِ عن بعدٍ؟ هلا حضر “بشار” وأصحابه في “المجلس الوطنيّ الكرديّ” إلى المناطقِ المحتلةِ ليكون حديثهم أكثرَ واقعيّة، ولكن ماذا يملك الائتلاف من صلاحياتٍ على الأرضِ في المناطقِ المحتلة؟ بلِ السؤالُ الأكثر مباشرةً هل يأمنُ المرتزقةُ وعوائلهم على أنفسهم وهم يقتتلون بصورةٍ يوميّة؟

من المفترضُ أنّ “بشار” دكتور، ويعلمُ المعنى الدقيقَ لكلمةِ “إجهاض”، لأنّ حديثَه عن “إجهاضِ” عمليةِ عودةِ الأهالي، يعني وجودَ خطةٍ متكاملةٍ تضمنُ سلامة وصولِ الأهالي والتنسيق بين الأطرافِ ذاتِ العلاقةِ، فيما العودةُ تتمُّ عبر طرقِ التهريب ويتعرّضُ الأهالي العائدون للاختطافِ والابتزازِ والمساءلةِ، وبعبارة أخرى، لا ندري ما الذي تم “إجهاضه” ولم يكن هناك أيّ “حملٍ”، إلا حملٌ كاذبٌ تضمنته التصريحاتُ والدعايةُ المجانية”.

أمثالُ هذه الأحاديثِ والدعواتِ تتجاوزُ محاولةَ تجميلِ الاحتلالِ، لتكون انفصالاً عن الواقعِ و”شيزوفرينيا”