رامان آزاد_
تتجاوزُ سياسةُ أنقرة الاحتلاليّةُ في عفرين السيطرةَ العسكريّةَ، إلى تغييرِ مجملِ تفاصيلِ الحياةِ اليوميّة في المجتمعِ والإدارةِ والتعليمِ والاقتصادِ والخدماتِ، وفي مسعىً لتثبيتِ هذه المتغيراتِ؛ استمرّت ببناءِ المستوطناتِ، وتبنّت سياسةَ بناءِ الجدرانِ، سواء جدار الفصلِ العنصريّ لعزلِ عفرين عن الداخلِ السوريّ، أو بناءِ سلسلةِ جدرانٍ داخليّةٍ عبر التتريكِ والربطِ الإداريّ مع تركيا، وآخرها إحياءُ العشائريّةِ المهجورةِ في عفرين لعزلها عن جذرها القوميّ وإطارها الوطنيّ.
مشاريعُ استيطانٍ جديدةٍ
أفادت مصادر من عفرين المحتلة أنَّ سلطاتِ الاحتلال التركيّ قامت بتجريفِ وتسويةِ الأراضي الزراعيّةِ، بالآلياتِ الثقيلةِ تمهيداً لإنشاءِ مستوطنةٍ جديدةٍ عليها، في قرية خرزا التابعة لناحية جندريسه، بمحاذاةِ المخيماتِ التي أنشأتها عقب احتلال مقاطعة عفرين؛ لتوطين أكبر عدد ممكن من العوائل من مختلفِ المناطقِ السوريّةِ فيها فضلاً عن عوائل المرتزقة.
أفاد مصدر خاص لشبكة “نشطاء عفرين” بأن الاحتلال التركيّ وبالتعاون مع منظمة “شام الخيريّة” الإخوانيّة التي تموّلها دولة “قطر “قد قاموا بإنشاء مستوطنة جديدة في قرية قرمتلق التابعة لناحية شيه/ شيخ الحديد في عفرين المحتلة. وتقع المستوطنة على مساحة هكتار على أرض زراعية شمالي القرية تعود ملكيتها لأهالي القرية حيث استولى عليها مرتزقة “العمشات” بقوة السلاح ويتألفُ كلّ منزلٍ من غرفتين ومنافعها.
وفي مطلع آذار الماضي، أعلنت إدارة ما يسمّى بـ “مشروع السكن لمهجري البو كمال” على صفحتها في الفيس بوك الاكتتاب على مشروع سكنيّ بِدأها بتسوية الأرض وتقسيمها وفتح الطرقات لبناء منازل على 112 محضر.
وموقع المشروع يقعُ ضمن “تجمع البركة” في مشروع “الضاحية الشاميّة” في جبل ليلون قرب قرية خالتا التي تشرف على قرية “كرزيليه”- ناحية شيراوا؛ شرق مدينة عفرين 10 كم.
يقوم المشروع على مساحة 20 ألف دونم، تم الحصول عليها مجاناً، وتأمين الموافقاتِ الرسميّة، وجرى تقسيمُ الأرضِ إلى قطاعات وفي كلِّ قطاعٍ مسجدٌ ومدرسةٌ ومستوصفٌ ومساحة المحضر الواحد 400 م2. وتم الحصول على قطاعٍ كامّلٍ وتوزيع 112 محضر، للراغبين بالسكنِ في المشروعِ ولديهم رغبة في البناء منهم من حالته جيدة والآخر متوسطة، وبعضهم مقيمون في تركيا، وقد سجل البعض من قبيلِ التمويلِ ليعطوا البيوتَ للفقراء ليسكنوها، وعدد الفقراء فقط 20، وبذلك يتضحُ أنّ الهدفَ الأساسيّ للمشروعِ هو التوطينُ وليس إيواءِ ساكني الخيم.
اللافت أنّه ورد في الإعلانِ بالنسبة للمقيمين في تركيا، أنّهم سيجدون بيوتاً جاهزةً للسكن في حال عودتهم إلى سوريا، ويذكرُ الإعلانُ صراحةً في مناشدته طلباً للتمويلِ، أنّ المساعدةَ ستكونُ لبناءِ أول تجمعٍ سكنيّ لأهالي البوكمال تكونُ نواةً لمساعدة بقية العوائل المقيمة في الشمال. والمبلغ المطلوب حالياً (15000) ليرة تركية، ويبدو أنّ المناشدة موجهة للميسورين.
تدشينُ مشروعٍ استيطانيّ بحضورِ قيادي في المجلس الوطني الكردي
أعلنت “جمعية الأيادي البيضاء” الأربعاء 30/3/2022، عن افتتاح المرحلة الثانية من قرية “بسمة السكنية” الاستيطانية، بحضور رئيس (مجلس شران المحليّ) المدعو “ريناس عبد الرحمن” يعد قياديّاً في حزب الديمقراطيّ الكردستانيّ – سوريا، أبرز أحزاب المجلس الوطنيّ الكرديّ المنضوي في الائتلاف السوريّ الإخوانيّ.
ونشرت جمعية الأيادي البيضاء التركيّة على صفحتها أنّه تمّ تجهيز افتتاح المرحلة الثانية من قرية بسمة السكنيّة الاستيطانيّة في قرية شاديره/ شيح الدير بناحية شيراوا
وأنّه تمَّ تجهيز ثمانية عمارات جديدة مكونة من 125 شقة سكنيّة وسيكون يوم الثلاثاء 29/03/2022 هو موعد التسليم لأكثر من 600 مستفيد من الذين يعيشون في الخيام. وأضافت أنّه تستمر أعمال بناء 6 عمارات جديدة وذلك بالتعاون مع جمعية العيش بكرامة – فلسطين 48.
وكانت المرحلة الأولى من قرية “بسمة” الاستيطانيّة التي أُطلق بناؤها في شباط 2021 وقد افتتحت الثلاثاء 5/10/2021 بريف عفرين المحتلة، وضمّت 96 شقة سكنيّة موزعة على ثماني كتل تتألف كلّ واحدة من 12 شقة سكنيّة، بمساحةٍ 45 م2 لكلّ شقةٍ، وكانت جمعية “الأيادي البيضاء” قد بدأت ببناءِ قريةٍ بسمة قبل نحو عام ونصف بدعم من جمعية تنمية الكويتيّة، وتشملُ القرية على مرافق ملحقة وهي: مركز صحيّ، مسجد، معهد لتحفيظ القرآن ومدرسة.
وذكرت شبكة عفرين بوست أنّ مستوطنة “بسمة” تمّ بناؤها على أرضٍ، بموقع “وادي شاديرِه- تقلكِه” – جنوب القرية وتعودُ ملكيتها للمواطنِ زياد حبيب من أهالي قرية شاديره ذات الأغلبيّة الإيزيديّة -جنديرس، وتُقدّرُ مساحتها بـ 10 آلاف م٢، وكانت عبارة عن أرضٍ مشجّرةٍ بأشجار الزيتون تضمُّ نحو 150 شجرة تمّ قلعها بالكاملِ، وتقدّم المواطنِ “زياد” باعتراضٍ على بناءِ المستوطنةِ على أرضه إلا أنَّ مسلحي “فيلق الشام” التابع للاحتلال التركيّ هددوه بالقتلِ بحال استمراره بالاعتراضِ، ما أجبر على التنازل عن أرضه خوفاً على حياته دون أيّ تعويضٍ.
سلسلة مستوطنات
وتجاوز عدد المستوطنات التي أنشأتها دولة الاحتلال التركيّ في عفرين عشرين مستوطنة، بتمويلٍ مباشرٍ من الجمعياتِ الإخوانيّةِ المواليةِ لها في قطر والكويت وحتى الأراضي الفلسطينيّةِ المحتلةِ، والتي تعملُ تحت مسمياتٍ “خيريّةٍ”، والهدفُ النهائيّ تثبيتُ الاحتلالِ عبر التغييرِ الديمغرافيّ بتوطينِ أكبر عددٍ من الموالين لها من عوائل المرتزقة والمستقدمين من محافظات أخرى، والهدفُ بالنتيجةِ ضربُ هوية المنطقة وتاريخها. يضاف إلى كل ذلك عمليات انتزاع الملكيات بالقوة والاستيلاء على البيوت والأراضي الزراعيّة والاتجار بها، وإبطال الوكالات التي تخوّل أهالي عفرين من التصرف بممتلكات أفراد أسرهم وأقربائهم، والسعي إلى إيجادِ قاعدةِ بياناتٍ مختلفةٍ تثّبتُ انتقالِ الملكياتِ، وعبر فرض الإتاوات الباهظة بات الفلاح العفرينيّ يعمل ولكنه لا يملك.
ولإيجاد مقومات الاستقرار بالمنطقة وفرض واقع الاحتلال، شرعت الدولة التركية ببناء العديد من المشاريع السكنيّة في عموم المنطقة، ففي قرية مريمين شرق مدينة عفرين، شُيّدت قرية “القرية الشامية”، وفي “بافلون” الإيزيديّة، أنشأت “مخيم التعاون” لتوطين نحو 70 عائلة من ريف حلب والغوطة، ودعمهم ماديّاً لها، وبناء مسجد فيها.
كما شُيِّدت ثلاثة مجمعاتٍ استيطانيّة بناحية شيه/ شيخ الحديد، في قرى (أرندة – سهل قرية سنارة- سهل شاديا) أي على طولِ الحدودِ، حتى ناحية راجو، وهي منطقة تُدعى ليجي دوبريه دينك lêçê Dûbirê Dînik الممتدة على مسافة ٣ كم٢، بين قرية قرمتلق وجقلا، ومنطقة ليجي توفي lêçê Tofê الواقع بسهل قرية سناريه المحاذية للحدود التركية، والثالث في منطقة ليجي شاديا Lêçê Şediya الكائن في سهل قرية شاديا. إلى جانب بناء مجمعاتٍ سكنية في كل من (أفرازة وحج حسنة) بعد تجريف أشجار الزيتون، وبُني مجمع سكنيّ في قرية “باصلحايا” جنوب عفرين.
وفي قرى “شيراوا”، وتحديداً في (دير مشمش وخالتا)، شُيِّدت قرية حملت اسم قرية (كويت الرحمة) بالتعاون مع جمعيات إخوانيّة كويتية، كما أُنشِئت مجمعاتٌ سكنيّة في ميدان إكبس، ومجمع “بسمة” الاستيطانيّ قرب كالي نواله بقرية شاديرة ذات الغالبية الإيزيدية بناحية شيراوا.
وتقوم منظمة “إحسان للإغاثة والتنمية التركيّة” ببناءِ مستوطنة شمال غرب مدينة جنديرس، ويُقام مشروعُ المستوطنة على أرضٍ في جبل شيخ محمد، وهو امتداد لجبل قازقلي حيث كانت تُقام احتفالات عيد النوروز قبل الاحتلال، بين قريتي كفر صفرة وتاتارا، تماماً ما بين مزار الشهيد سيدو، وسفح جبل قازقلي.
وبدأتِ العمل على إنشاء مجمع استيطانيّ، على أطراف قرية ترنده التابعة لمركز عفرين وصولاً إلى أطراف كرزيلية على سفح جبل ليلون وأقامت الدولة التركيّة عدة مخيمات على الحدود التركيّة السوريّة “بلبل، قرية سوركة بناحية راجو، قريتي المحمدية ودير بلوط بناحية جنديرس.. إضافة لمخيمات في كفرجنة ومشعلة وآفرازة وحي الأشرفية والمحمودية بمدينة عفرين وآلاف البيوت المستولى عليها.