شكري شيخاني/ القاهرة_
أسوق لكم أقصوصة حقيقية، تطابق معنى العنوان لهذا المقال، حيث دأب مواطن بلجيكي طوال عشرين عاماً على عبور الحدود نحو ألمانيا بشكل يومي على دراجته الهوائية، حاملا على ظهره حقيبة مملوءة بالتراب، وكان رجال الحدود الألمان على يقين، أنه “يهرّب” شيئاً ما، ولكنهم في كل مرة لا يجدون معه غير التراب (!)…. السر لم يكشف إلا بعد وفاته، حين وجدت في مذكراته الجملة التالية “حتى زوجتي لم تعلم، أنني بنيت ثروتي من تهريب الدراجات إلى ألمانيا !!.”.
البعض منا ابتهج، وأعطينا الكم الكبير من التصريحات حول الالتفاتة الروسية، والتي جاءت متأخرة سبع سنوات عن موعد استحقاقها، طبعاً حول ضرورة مشاركة مجلس سوريا الديمقراطية “مسد” في أعمال اللجنة الدستورية، وهي جملة صغيرة لا تتجاوز بضع كلمات، جاءت في سياق مقابلة طويلة زمنياً ومع ذلك، أخذنا بها، وهللنا.
نحن كشعب مظلوم، ومقهور، نسعد الى درجة كبيرة، بأي تصريح فيه منفعة عاجلة، أم آجلة المهم أننا نحصل على حق من حقوقنا، ولكن لا يعني هذا أبداً أن نكون غافلين تماما، أو طيبي النية الى حد أن نصدق، ونختم على أقوال ليست إلا أقوالاً، وعلى أرض الواقع لا نرى شيئاً حقيقياً، والسيد بوغدانوف، والذي يعدّ صديقاً حميمياً للمعارضة السورية (طبعاً بتنسيق كامل مع الخارجية الروسية) بدءاً من معارضة الداخل، والأسماء والشخصيات المعروفة، والتي تصدرت المشهد المعارض سياسياً منذ 2014 وما تلاها، وإلى يومنا هذا، وأيضاً (بتنسيق كامل مع النظام والخارجية الروسية).
المفارقة الغريبة، هي اتفاق النظام السوري، والمعارضة على استبعاد “مسد” من أعمال اللجنة الدستورية؛ بل ومن الاستحقاقات كلها، وإذا استوعبنا سبب رفض المعارضة (الممثلة بالائتلاف) أن الفيتو التركي هو المانع الحقيقي، ولكن الذي لم يتم فهمه الى الآن سبب ممانعة النظام ؟؟ إلا إذا كان ذلك استمرار للنهج الشوفيني ذي الرأي والفكر الواحد، والعقلية الخشبية، وهنا أعود الى بداية الموضوع، والمعنى الحرفي لعبارة “ذر الرماد في العيون” أي نثره في العيون… فالرماد أو التراب الناعم عند ذره غالبا ما يسبب تعتيم الرؤية ويؤذي العيون… كثيرا ما يطبق هذه العبارة الإعلاميون، والسياسيون من أصحاب الأجندات الخفية… وهذا ما تفعله، وتمارسه السياسة الروسية، منذ أن تشابكت مع مصالح النظام المركزي بدمشق…. مع أنه يمكننا القول: لو أرادت روسيا حقيقة أن تنهي الأزمة السورية؛ لتحقق ذلك منذ سنوات، وكانت لتجبر النظام السوري على الامتثال للقرار 2254، بل والجلوس مع “مسد” لتحقيق التسويات والتقاربات كلها، وإحلال السلام.
أما عن جملة “حتى لا يُتهم الكُرد بالانفصال،” هذا ليس بالشيء الجديد، فنحن فعلاً، ومنذ سنوات ننادي بضرورة أن يتفهم النظام ومن وراءه، مقاصد الإدارة الذاتية، ونادينا بضرورة تعميم هذا المشروع على المدن السورية كافة، ومنذ سنوات نقول للعالم أجمع: أنه ليست من أهدافنا ك”مسد” و”الادارة الذاتية” أي مشروع انفصال، أو تقسيم … وهذا ما تعرفه جيداً الإدارة والخارجية الروسية، وبهذا الجانب تحديداً؛ لسنا بحاجة الى براءة ذمة؛ لنثبت أننا لسنا انفصاليين، ولسنا تقسيميون، وأدلتنا وشواهدنا كثيرة، فلازالت مناطق شمال وشرق سوريا كلها، تتعامل بالليرة السورية وأعلام “مسد” و”قسد” والإدارة الذاتية هي لسوريا بالكامل، ومازالت العديد من الأحزاب، والتي هي منضمة الى “مسد” ترفع العلم السوري الحالي…. وهناك شواهد أكثر من ذلك… ولابدّ من الاعتراف: إنه كلما تأخرنا في لم شمل البيت الكردي، وكلما أعطينا للخلافات وللمنازعات دوراً كبيراً في حياتنا السياسية ككرد… فسنبقى هكذا… بل وربما ننتظر معجزة…. ولكن ليعقوب غاية أخرى.
