النساء وعام 2021 ـ1ـ

هيفيدار خالد_

 عام 2021 الذي حمل معه الكثير من الآلام والمآسي للعديد من الشعوب في منطقة الشرق الأوسط، خلَّف وراءه حروباً طاحنةً، وفوضى كبيرة وانقلاباتٍ عسكريّة، إلى جانب أزمةٍ اقتصاديّة، أرخت بثقلها الكئيب على شعوب منطقتنا، لتصبح أزمةً عالميّة، أضعفت دولاً ودمَّرت أخرى.

 في هذه المنطقة، التي شَهِدت أحداثاً متسارعة من الناحية السياسية والأمنية والاقتصادية، تُرِكَتِ الشعوب وجهاً لوجه أمام تحدياتٍ كبيرةٍ وظروفٍ معيشية صعبة، حيث الأوضاع الاقتصادية الصعبة والحروب والصراعات المستمرة، والأوضاع الأمنية غير المستقرة، بالطبع الفئة الأكثر تضرراً من هذه الظروف، هن النساء اللواتي كن أولى ضحايا تلك الأزمات التي عصفت بهن، وتركتهن عرضة للانتهاك والاعتداء.

فمسلسل الانتهاكات المتلاحقة بحق المرأة يبدأ من سوريا مروراً بالعراق وتركيا، وعطفاً على تونس، وليس انتهاء بالمغرب وليبيا واليمن والجزائر وأفغانستان وإثيوبيا.

 ففي سوريا واجهت النساء عاماً صعباً، بعد أن احتلت تركيا مدناً بالشمال السوري، وسلَّمتها لمرتزقتها الذين قلبوا حياة النساء رأساً على عقب، فتحولت الحياة هناك إلى سجن، خاصة في وجه المرأة التي حُرِمَت من أبسط حقوقها.  وارتُكِبت بحقها جرائم القتل والتعذيب والقتل والاعتداء الجنسي.

فوضع المرأة بالمناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية، لم يكن مختلفاً كثيراً عن أوضاع المناطق المحتلة، حيث أن الفَقْر الذي ضرب البلاد، أثر بشكلٍ سلبي على حياتها، وفاقم من ارتكاب جرائم القتل وبشكل خاص بين صفوف النساء، إثر ظاهرة زواج القاصرات، التي ولدت من رحم المعاناة التي خلقتها الأزمة.

 فرغم محاولات المرأة السورية بلعب دورٍ يساهم في التغلّب على هذه العقبات، إلا أنّها لم تُفلح في ذلك نظراً للظروف السيئة التي تمر بها البلاد، حيث الحروب والصراعات وتدخّلات بعض القوى الإقليمية والدولية.

أما في العراق الدولة الجارة لسوريا، فما تزال النساء يتعرضن لعنفٍ ممنهج، حيث جرائم قتل النساء، وظاهرة زواج القاصرات في الذروة، وأرقام إحصائيات حالات الطلاق مرعبة، حسب منظمات نسائية، في مجتمع أبوي ومحافظ إلى حد كبير، حيث تقود منظمات غير حكومية وناشطات نسويات المعركة للدفاع عن حقوق المرأة في مواجهة العنف، وحل هذه المعضلة، التي باتت تنخر بالمجتمع العراقي وتهدد مستقبل المرأة فيه.

 من العراق إلى إيران أوضاع النساء في هذه البقعة من الأرض، مختلفةٌ تماماً عن أوضاع النساء بالدول الأخرى، هنا تتعرض النساء للاستغلال، وسوء المعاملة من قبل السلطات الحكومية، فهناك المئات من الحقوقيات السجينات، ما زلن يتعرضن للضغوطات والتحرش والعنف، بالإضافة إلى ظاهرة الزواج المبكر، وما فُرِضَ عليهن من قوانين تحت اسم الدين والشريعة الإسلامية.

فالنساء هناك إلى الآن لا يستطعن مغادرة منازلهن دون مرافقة قريب لهن، علاوة على عقوبة الإعدام، التي تتعرض لها النساء، حيث أن منسقة منظمة “معاً ضد عقوبة الإعدام” جوليا بوربون فرنانديز، ذكرت أن السلطات الإيرانية أعدمت 15 امرأة على الأقل عام 2021.

 وجميعنا يعلم أن إيران من بين الدول التي لديها معدلات مرتفعة في تنفيذ الإعدامات بعد الصين، كما تعد أكثر دولة تنفذ الإعدام بحق النساء.

وبالطبع وضع النساء في تركيا، ليس بأفضل حالاً عن سابقاتها، حيث تفاقمت ظاهرة العنف ضد النساء بشكل كبير، بعد انسحاب أردوغان من اتفاقية إسطنبول لمناهضة العنف ضد المرأة، فما شاهدناه من خلال تقارير حقوقية ومنها تقارير منصة سنوقف قتل النساء، أثبت مدى الأضرار التي خلفها ذلك الانسحاب، الذي كان بمثابة ضوء أخضر للتنكيل بالمرأة، وتنامي الخوف لدى النساء، بعد أن بتن في ريح سلطة أردوغان.

ليشكل إلغاء تلك الاتفاقية خيبة أمل بالنسبة للنساء اللاتي كن يتوقعن أن يكون للقضاء دور بمحاربة العنف الموجه إليهن.    في فلسطين ما زال موضوع مشاركة المرأة بمراكز صنع القرار جدليا يستحوذ اهتمام الناشطين بمجال الديمقراطية وحقوق الإنسان…