التمائم والرُّقَى وتاريخُها

محمد القادري_

عبر التاريخ البشري، كان هناك اهتمام واضح وكبير بالحالة الروحية، التي يعيشها الإنسان، فقد كان هدفه الأسمى دائماً هو الوصول إلى الخلود والخلاص من حاله الموت، والفناء وعدم الوجود في هذه الحياه الدنيا، وكان الخطر الكبير على حياته، الأمراض التي يصيبها الجسد، واتخذ كثيراً من الطرق في سبيل الخلاص من هذه الأمراض، كان منها العلاجات العضوية، ومحاولة استخراج الأدوية والعقاقير من المواد الطبيعية، وصولاً إلى المواد الكيميائية المركبة، فإلى جانبي هذه المحاولات لإنهاء الأمراض، التي تؤدي إلى موت الجسد البشري، كانت هناك محاولات من قبل الكهانة، والعرافين وصولاً إلى المعالجة بالكلمات المقدسة، أو بالأشخاص المقدسيين، لذلك اختلطت الحالة على بعض الناس في شرعية التمائم والرقى، أو عدم شرعيتها، لأنها كانت من  طرفي السحرة والمشعوذين، ويقابلهم الأطباء الروحانيون من الأنبياء والرسل والأولياء والصالحين، وكانت حسب الاعتقادات السائدة في كل منطقة، حتى وصل الأمر إلى زمن النبي سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، وهو بنفسه كان يرقي حفيديه الحسن والحسين، بقوله “بسم الله أرقيك والله يشفيك من كل داء يؤذيك”، كما يعلّم أصحابه التحصن بآيات الله، وقراءة المعوذات قبل النوم، وأقرأ رقية على جابر بن عبد الله شيخ العشيرة حين كان لديغاً وشُفي بقراءة الفاتحة عليه، فقال صلى الله عليه وسلم لجابر، وما يدريك أنها رُقى، يا جابر وكذلك حينما جاءه أبو دجانه، يشتكي من خوفه ورؤيته للجن، الذي تحاول أن تؤذيه، بكتابة ما يسمى الآن بين رجال الرقية الشرعية بكتاب سيدي النبي، الذي يبدأ بقوله هذا كتاب من محمد رسول رب العالمين، إلى من يطرق الدار من العمار والزوار، إلى آخره، واستعمال النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم وأصحابه وأهل بيته للرقية الشرعية ثابت في كتاب صحاح السنة، وتوارثه أهل التصوف بالقراءة على المرضى النفسيين، والروحانيين، الذين يسمون التلبس بدخول الجن في جسد الإنسان… والحالة النفسية والروحية للإنسان، لا يمكن تجاهلها، وهي ذات تأثير قوي وواضح على الجسد العضوي، وحتى في المجتمعات الغربية، التي تميل إلى الإلحاد والعلمانية، فنجد الكثير ممن يتوجهون إلى ما يسمون بالأطباء الروحانيين، ويقومون بجلسات تحضير الأرواح، وإعطاء الوصفات العلاجية، التي لا تقترب بوصفها عن العلاجات والأدوية الطبية العلمية.. طبعاً هذه الأمور تدخل في أبواب السحر والشعوذة والدجل، أما ما يتم في المجتمعات الإسلامية على أيدي المشايخ والملالي ورجال الدين، فلها أصل في كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.. وترجع مصداقية القيام بهذه الأمور، وعدم استغلالها في حالات سلبية إلى الشخص، الذي يقوم بقراءة الرقية الشرعية وكتابة ما يسمى عامياً بالحجابات.