الرياضة “أمل حياة” لشبان بترت الحرب أطرافهم في إدلب

يحاول علي الزين (29 عاماً)، وهو لاعب في فريق كرة قدم في مدينة إدلب، شمال غربي سوريا، بكل ما يملك من خبرة، منع الفريق المنافس من الوصول إلى مرمى فريقه، لكن محاولاته تبوء بالفشل بعد أن تلامس الكرة المرمى، ليسمع صوت صفارة انتهاء الشوط الأول من المباراة.

وفي الشوط الثاني، يحاول الشاب الركض متكئاً على عكازته لتسجيل هدف في مرمى الفريق المنافس بقدمه اليسرى وينجح في ذلك، ويبدأ لاعبو فريقه بضرب عكازتهم ببعضها احتفالاً بالهدف.

ويلعب “الزين”، الذي يتحدر من مدينة خان شيخون جنوب إدلب، مع 34 شاباً من مبتوري الأطراف في فريق كرة قدم لمبتوري الأطراف في إدلب.

وعام 2017، تأسس الفريق من قبل مركز العلاج الفيزيائي التابع لمديرية الصحة في إدلب، ويهدف وفقاً للقائمين عليه لرفع “معنويات مبتوري الأطراف، وتشجيعهم ودمجهم مجدداً في المجتمع، إلى جانب تقديم الدعم النفسي والعلاج الفيزيائي، وتحسين الصحة الجسدية للاعبين”.

وتقول منظمة الصحة العالمية إنه مع امتداد أمد الصراع في سوريا، “يتنامى باستمرار عدد الأشخاص المصابين وذوي الاحتياجات الخاصة”.

وتشير تقارير المنظمة إلى “ارتفاع معدلات الإعاقة في بعض أجزاء سوريا حيث وصلت إلى 30% من السكان أي ضعف المعدل العالمي. ويُتوقع أن يعاني 45% على الأقل من المصابين نتيجة الصراع من مشكلة مستديمة تتطلب دعماً متخصصاً بعد انتهاء أعمال القتال بوقت طويل”.

صعوبات

وفقد “الزين” قدمه اليمنى في شهر شباط من عام 2019 نتيجة قذيفة هاون سقطت بالقرب من منزله، ونزحت عائلته بعد تلك الحادثة إلى مدينة إدلب واستقروا فيها.

وقال الشاب العشريني، بينما كان يأخذ استراحة من التدريبات: “لم أفقد قدمي فحسب، بل فقدت معها كل أمل بالحياة، ومررت بفترة عصيبة وحالة نفسية سيئة، حتى أنني لم أعد أرغب بمقابلة أحد أو حتى الخروج من المنزل، كما توقفت عن إكمال دراستي الجامعية”.

ولكنه يشير إلى أنه يحاول من خلال انضمامه للفريق، التأقلم مع وضعه الصحي وإعادة الثقة والأمل لنفسه وذلك بعد أن فقدمها بسبب الحادثة: “حياتي تغيرت للأفضل بداية عام 2020 حين انضممت للفريق وعدت لإكمال دراستي وبدأت حياة جديدة”.

لكن “الزين” كباقي أقرانه واجهوا في بداية انتسابهم للفريق صعوبات في الركض والسرعة وحيازة الكرة وتمريرها بقدم واحدة، إضافة إلى التدريبات وغيرها: “لكن مع مرور الوقت بدأنا نتأقلم مع ذلك”.

ويخضع اللاعبون لتدريبات مكثفة لتعويدهم على النشاط والحركة وخاصةً أنهم يعتمدون في لعبهم على عضلة ساق واحدة، لذلك يقومون بإجراء تمارين تتناسب مع صحتهم البدنية، لتقوية عضلاتهم وبناء أجسادهم.

شروط

وللانضمام إلى الفريق واللعب بكرة القدم ضمنه شروط، إذ لا يجوز للاعب لمس الكرة بالعكاز، كما يشترط بحارس المرمى أن يكون بذراع واحدة.

ويتخصص مبتورو الأطراف العلوية في الفريق بحراسة المرمى، بينما يلعب مبتورو الأطراف السفلية في مراكز الدفاع والهجوم والوسط.

ولا يتوقف نشاط الفريق عند كرة القدم، حيث يتدرب الشبان أيضاً على الشطرنج وكرة الطاولة والسباحة وفق برنامج متكامل وتدريبات خاصة بهذه النشاطات.

وتعرض الطفل وليد الابراهيم (12 عاماً)، وهو نازح من مدينة سراقب إلى مدينة إدلب، لبتر قدمه اليسرى بشظية صاروخ من طائرة حربية بداية عام 2020، وبات يمشي باستخدام عكازين.

وتسببت الإصابة للطفل بحالة نفسية سيئة، وخاصة أنه قد اعتاد على لعب كرة القدم مع أصدقائه في المدرسة وهي أفضل هواياته، لكنه استعاد نشاطه السابق: “وكانت فرحتي كبيرة بانضمامي إلى فريق المبتورين”.

يقول الطفل إنه قبل الانضمام للفريق كان يجد صعوبة في المشي باستخدام العكازين: “لكن وبالتدرب أصبحت سريعاً ومتوازناً، وأشعر بالسعادة بعد عودتي لممارسة اللعب”.

ويطمح أعضاء الفريق للاستمرار باللعب للوصول للمنافسات العالمية.

وكالات