تَلوّثْ المسطحات المائية /سد جل آغا/

محمد سعيد_

“وجعلنا من الماء كلَّ شيءٍ حيَّ أفلا يؤمنون” سورة الأنبياء (30)، الماء أغلى من الذهب!! آيات وعِبر وغيرها الكثير عبارات نرددها كلما ذكرنا الماء ونستشهد بها على أهميته في حياتنا، وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على وجوب المحافظة على نظافة وصحيّة المياه من أجلنا وأجل نباتاتنا وحيواناتنا وأعمالنا بشكل عام.

 ولكن ما يحز في النفوس هو تطبيق مقولة (أخربها وأقعد على تلتها) وهذا ما تفعله بلدية جل آغا تماماً، فهي حولت المجرى المائي المنبثق عن سد جل آغا إلى مكب نفايات عشوائي تتخلص فيه من نفايات ومخلفات البلدة وبطريقة عبثية دون أن تُحرك ساكناً أو أن يجد رؤساء البلديات المتوالين على إدارة البلدية حلولاً لتلك المعضلة، رغم أن الأمور تسير في اتجاه كارثي،  فعوضاً عن قيام البلدية برسم وجه حضاري نظيف للبلدة تعمد إلى تلويث وتشويه أهم معلم من معالم البلدة وقد يكون المَعلم الوحيد وهو المسطح المائي بإلقاء القمامة والنفايات فيه بطريقة عشوائية شوهت جمال منظر المياه الأخاذ حيث نرى القمامة ملقاة في المجرى المائي بكميات كبيرة أدت إلى تلوث المياه وتغير لونها وانبعاث رائحة كريهة نتيجة تحللها وإطلاق غازات سامة في الجو وعصارات حامضية وقلوية مختلفة تؤدي لقتل الأحياء المتنوعة التي تعيش في هذه المياه، بالإضافة إلى تحولها لمزرعة كبيرة ومكان مناسب لتكاثر الحشرات الضارة المختلفة التي تسبب الضرر للأحياء عموماً وتنقل الكثير من الأمراض السارية كاللشمانيا (حبة حلب)  وغيرها من الآفات الجلدية الكثيرة، وناهيك عن عملية الحرق البدائية للنفايات والتي تؤدي إلى تلوث جو البلدة بالدخان وذرات الغبار، لتبدو هذه العملية كعملية عقاب جماعي لسكان البلدة فعوضاً عن اهتمام البلدية بالمسطح المائي والحفاظ عليه من التعديات المختلفة واستثماره بالشكل المناسب إلا إنها قامت بتلويث المياه وتشويه المنظر بإطنان القمامة الملقاة في هذا المسطح، ومن خلال اطلاعنا من قبل عاملي الزراعة على أنهم دائماً ما يدخلون في سجالات حادة مع مسؤولي البلدية من أجل إيقاف هذه العملية التي تضر بالبيئة والصحة العامة، إلا أن المسؤولين يرفضون إيقاف عملية الـ “كب” في هذه المياه وإيجاد أماكن أخرى مناسبة للتخلص من قمامة البلدة وتخليص السكان من بؤرة الأوبئة الملاصقة لبلدتهم ونقل القمامة إلى أماكن أبعد مسافة عن التجمعات السكنية وأكثر أماناً وطمرها بطريقة صحيحة، إلا أن هذه العملية تتطلب إدارة واعية بمخاطر تلوث المياه وبأهمية المياه وضرورة المحافظة عليها من التلوث والتعدي بمختلف أشكاله، والإدارة تعي خطورة القمامة الملقاة بشكلٍ عشوائي وتحللها وما تفرزه من عصارات حامضية وقلوية سامة تتسرب لمصادر المياه المجاورة فتسبب تسممها والإضرار بالصحة العامة، وبالإضافة إلى أنها تصبح ملجأ للحشرات ووسطاً مناسباً لتكاثر العديد من الحشرات والقوارض التي تسبب وتنقل العديد من الأوبئة التي من الممكن أن تقضي على مجتمع كامل في ظل نقص الرعاية الصحية والتغذية للمواطنين الذين يعانون من شح الموارد المختلفة وضيق في المعيشة.

 لكل ما سبق ذلك لا بد من متابعة الموضوع بجدية من الجهات المعنية والمتابعة المستمرة لموضوع التخلص من النفايات بالطريقة المناسبة والصحية ومحاسبة المقصرين والمتجاوزين لئلا يساهموا أكثر بتلويث البيئة وتدمير مصادر المياه التي تعتبر شريان الحياة لاستمرار أي مجتمع وتقدمه.