تفشي ظاهرة الطلاق

كوثر مارديني_

الطلاق أبغض الحلال إلى الله والذي كان نادراً في مناطقنا ولا يحدث إلا لأسبابٍ قاهرة واحتراماً لعاداتنا وتقاليدنا الرافضة للطلاق واحتراماً لذلك العقد الذي يتعاهد فيه الطرفان على حياة مشتركة يتقاسمان فيها الحياة بحلوها ومرها، أما الآن أصبح ظاهرة متفشية بين الشباب والشابات وعادةً ألفها الكثيرون وبكل أسف يُقدم الكثيرون على هذه الخطوة بالرغم من عواقبها الكارثية وخاصةً إذا كان هناك أطفال فلا الزوج ولا الزوجة يفكران بمصيرهم عندما يُقدمان عليه وبدون شعورٍ بالمسؤولية اتجاههم.

فبالرغم من أن الزواج في وقتنا الحالي لم يعد كما كان أيام آبائنا وأجدادنا بحيث لا يتعرفون على بعضهم إلا في يوم الزفاف أو قبله بأيام، أما الآن فيتعرفون على بعضهم ويقررون الزواج ويتفقون على كل شيء ثم يخبرون الأهل بما يريدونه ليقوموا بواجبهم أمام المجتمع بالشكليات فقط لإتمام الموضوع ولا يتركون المجال للأهل كما السابق ليسأل كل طرف عن الطرف الآخر (أهله، عشيرته، أصله، فصله، عمله، وضعه المادي..) فأغلبهم يجبرون الأهل ويضعونهم تحت الأمر الواقع وبأنهم لن يستطيعوا العيش بدون الشخص الذي اختاروه ويقنعون الأهل بأنه أفضل شخص في الدنيا.

وبعد الزواج وانتهاء شهر العسل والتعرف على عادات وطباع الآخر وأخلاقه والتي يخفيها الكثيرون عن الطرف الآخر، ويتظاهر بالمثالية طوال فترة التعارف والخطوبة حتى ذلك الحب الذي كان بينهما يذوب كالجليد، وكأنه لم يكن لأنه كان عشقاً لحظياً ولم يكن حباً حقيقياً ليتحمل كل طرف من الآخر أخطاؤه وهفواته وطباعه حتى لو كانت غريبة وجديدة وغير محبذا لديه، لأنه لو كان حباً حقيقياً لسامح الطرف الآخر وتجاهل كل أخطائه ولكن على العكس تماماً ينتظر كل واحدٍ الآخر على هفوة ويعمل من “الحبة قبة” وهذا دليل على أنه لم يكن يوماً حباً بل كانوا يتوهمون أنه الحب بل ربما تخيل كل واحدٍ منهم نفسه بطلاً أو بطلةً في إحدى المسلسلات التركية أو الأفلام الهندية فتقمص الحالة واعتقد أنه يعيش حالة حب وهيام وبعد الزواج وانقضاء فترة الحب تلك يصطدم كل واحد بالحياة الزوجية والواجبات الجديدة والكثيرة الملقاة على عاتقهم وخاصةً الزوج الذي لا يتأقلم بسرعة مع الحياة الجديدة والمختلفة عن الحياة التي كان يعيشها من قبل.

وفي مرات كثيرة يكون الطلاق بسبب سوء الاختيار والإسراع في اتخاذ قرار الزواج أو الزواج بسن مبكرة قبل النضوج العقلي والعاطفي.

وأسباب الطلاق كثيرة وقد زادت في وقتنا الحالي بسبب ضغوطات الحياة وصعوبتها والمزاجية التي غلبت على طباع الكثيرين وعدم القدرة والاستعداد للتحمل ومهما كانت هذه الأسباب فنتائجه وخيمة ويضيع الأبناء بين الأب والأم، بالإضافة إلى المشاكل النفسية التي تتكون لديهم أما المرأة فتقع في مشكلة كبيرة في مجتمعنا الذي ينظر نظرة سيئة إلى المرأة المطلقة وتبدأ العيون بمراقبتها لذلك وتفادياً لحالات الطلاق لا بدّ من الآباء والأمهات تربية الأبناء منذ الصِغر على تحمّل المسؤولية والصبر واحترام آراء الآخرين وقبولهم وتعلم ثقافة الحوار والنقاش وإعطاء النصائح المفيدة عند زواجهم لحل مشاكلهم وعدم ترك الصغيرة منها حتى لا تكبر وتتراكم مع مرور الوقت والتأقلم مع الحياة الجديدة.