الشاعر خضر شاكر: أكتب نفسي وبمزاجي الخاص

قامشلو/ عبد الرحمن محمد ـ

من أحد الشُّعراء المعروفين بغزارة كتاباتهم الرصيّنة والملتزمة التي تطرح قضايا مجتمعية يومية شائكة، كالنزوح والغربة والتعذيب والحب والوصف والجمال، ولا يفوته أن يخصَّ المرأة بالكثير من شعره الجميل بمعانيه شكلًا ومضموناً؛ إنه الشاعر خضر شاكر.

عُرفت الجزيرة منذ سالف العصور بأنَّها إحدى أهم المناطق التي شهدت تعاقب الحضارات والتنوع الثقافي واحتضنت جوانب هامة من تاريخ وحضارة المنطقة، ولها حكايات شيّقة مع الفن والأدب وكم لمعت أسماءٌ في عالم الأدب والفن والتراث الكردي كان منبتها الجزيرة، كما تألَّق العديد من الكُتاب والشُّعراء والفانين من أبنائها عالمياً ومن بينهم الشاعر خضر شاكر.

خضر شاكر ابن مدينة الدرباسية وأبصر النور فيها عام 1960 في عائلةٍ وطنية كادحة معروفة بحبها العميق للثقافة والفن والأدب، يقول الشاعر خضر عن مرحلة طفولته ونشاته: “ترعرعت في مدينة الدرباسية وقضيتُ فيها أجمل ذكرياتي حيث كان منزلنا يقع غرب المدينة وسط كروم وبساتين اللوز وذلك حتى المرحلة الثانوية ومن ثمَّ انتقلت إلى مدينة حلب لدراسة المعهد المتوسط الهندسي، وعُينت موظفاً في مؤسسة الخطوط الحديدية ولا زلت فيها حتى الآن”.

 ويضيف شاكر عن البدايات: “بدأت كتابة الشِّعر منذ المرحلة الإعدادية حيث كانت محاولات شعرية وخواطر ودام تواصلي مع الكتابة والقراءة حتى الآن، كانت الكتب تُغريني ومنذُ بداية شبابي، حينها كانت دواوين الشِّعر لكبار الشُّعراء العرب والكرد والروس والغرب كان زمن المكتبات المنزلية فمن كُتب الأساطير الى الأدب الروسي وكبار الشُّعراء كنزار قباني ومحمود درويش وسليم بركات وجبران والمنفلوطي وجكر خوين وإحسان عبد القدوس وغيرهم الكثير، حيث كان لكلِّ كتاب تأثيره ودوره في توسيع مداركي المعرفية والأدبية”. 

أكتب بهاجسي ومزاجي الشِّعري

“منذ الثمانينات بدأ اهتمامي بالمطالعة وقراءة الكتب الأدبية من شعرٍ ورواية حيثُ شعرت بدافعٍ يشدني للكتابة عن مكنونات روحي فبدأتُ أكتب نصوصي الشِّعرية الأوّلى ولاقت اهتماماً من قِبل الأصدقاء وتوالت السنوات وزاد غوصي بعالم الشِّعر والكتابة الشّعرية، رغم قراءاتي الكثيرة للتجارب الشِّعرية وطرائق الكتابة وتقنيات الشِّعر المتعددة إلَّا إنني لم أستطع إلَّا أن أكتب نفسي وأسلوبي وهواجسي التي تُجسدني ومزاجي الشِّعري الخاص ولعلَّ هذه الميزة هي من طبعت أسلوبي الشعري الخاص بي وأجدها ميزة إيجابية وإن كانت تعاني بعض القصور التقني، ولعلَّ ما أقوله شجاعة وليس انتقاصاً من قيمة كتاباتي” هكذا يصف شاكر بدايات كتابته للشعر ولغته وأُسلوبه الشّعري الخاص. 

الشعر إفصاح عن مكنونات النفس وثورة

ويضيف شاكر عن الشِّعر وما يمكن أن يعكسه على الفرد والمجتمع: “لا شكَّ أنَّ الشاعر ابن بيئته وظروفه فالسنوات التي مرَّت بها بلادي ألقت ظلالها الكئيبة على الحياة والشِّعر كونه لغةٌ حساسة سريعة التأثّر، كانت ردةُ الفعل في الكثير من النُّصوص والحالات ورغم ذلك أُحاول شحنها بقدرٍ كبيرٍ من التفاؤل كحالة تحدي، فالكتابة قاربُ نجاة وحالة مناجاة، وطريقٌ للإفصاح عن أوجاعنا ورسالةٌ مفتوحة لأبناء شعبنا ومحاولة إعادة الثقة بالنفس من جديد لأنَّه بالكتابة والكُتّاب ترقى الأمم وتزدهر وهو ملاذ العقول حين يعصف الجهل، فلاشك إنَّ ثورة المعلوماتية وثورة الاتصالات والانترنت لعبت دوراً جوهرياً في التواصل وتقليص المسافات وإتاحةِ الفرص الجيّدة لتلاقح الخبرات الثقافية ومنها الكتابة، علماً إنَّه مهما تطورت الأساليب الرقمية في النشر يبقى للكتاب الورقي والصّحافة الورقية قيمة تاريخية كإرث لحقبة طويلة من النتاج الفكري والثقافي والعلمي، لا شعورَ يُعادل ملامسة صفحة من كتاب”.

أجمل مفردات حياتي: سري كانيه، المرأة، الشِّعر

يُضيف الشَّاعر خضر شاكر في حديثه وردِّه على سؤال ما تعنيه كل من “المرأة، سري كانيه، الشِّعر” ومكانتها في حياته ومعناها ويقول: “سري كانيه هي تلك الفراشة التي خلقت لتُغازل أجنحتُها قطرات الندى وثغر الينابيع، لترشف رحيق الحياة كلَّ صباح من ثغر بتلات الصفصاف، غجرية تراقص الفجر كل شروق على أنغام قيثارة مزجت موسيقاها بعطر الكبريت، للأسف باتت اليوم تنهيدة مكسورة ومرآة مشظاه في أرواحنا بعد أن دخلها الغزاة ودنَّسوا قداسة تُرابها، ستعود إن شاء الله لأهلها وعُشاقها قريباً وسيفرح السنونو برحلة العودة، وسُيزهر ربيعها من جديد”.

ويضيف: “المرأة: المرأة ومنذ التكوين ذلك المخلوق المعطاء بلا حدود والمُحِبة والعاشقة بلا حدود، حيث وجدت خُلق الجمال والحياة، لم تنل المرأة مكانتها المستحقة للأسف، فأغلب مجتمعاتنا ذكورية الرأي عندما يكون الحديث عن حقوق المرأة، المرأة ضمن قراءاتي هي إكسير الحياة وسبب الوجود بكل أشكال البقاء فهي أرقُّ كائنٍ في الوجود وشريان الحياة التي بها تستمرُّ الحياة بشكلٍ جميل وساحر”. الشِّعر: الشعر ذلك العالم المليء بالسحر والذي يرسم الأشياء بألوان قوس قزح، تُزهر القصيدة حيث توجد وتتحول لبساتين من الأمل والمسرَّة ومُتنَفس نقي الهبوب في ظلِّ ما نعيشه من ضائِقاتٍ لا تنتهي ولا تحصى حيث أرهقت كاهلنا، الشِّعر هو إحساسي بوجودي ككائن أمارس طقوس البقاء وعالمي الذي لا أتنفس بدونه، فالشعر هو نافذة الروح على العالم المحيط بي”.

أربعون طعنة في خاصرة الياسمين

ويختتم الشَّاعر خضر شاكر حديثة بالتطرق إلى مجموعته الشِّعرية التي نشرت مؤخراً وهي باكورة أعماله المنشورة: “مجموعتي الشِّعرية البكر هي أكبر فرحٍ لي وأعظم سعادة أحسها، الكثير من الأصدقاء وقفوا معي وشجعوني ودعموني، واتحاد المثقفين في إقليم الجزيرة كمؤسسة ثقافية رعت طباعة المجموعة وشاركت به في معرض الشهيد هركول للكتاب مؤخراً، وجاءت المقدمة بقلم الكاتب الكبير جوان عبدال، والتدقيق اللغوي قام به الأستاذ ابراهيم شاكر، بينما حمل الغلاف توقيع الشاعر والفنان التشكيلي علي مراد، وعنوان المجموعة صدى حروف موجعة لذكرى أليمة بفقد أخي سعود شاكر الذي رحل عن دنيانا قبل فترة وجيزة”.  

الشِّعر صدى محبة الإنسانية

ويرسل الشَّاعر خضر عبد القادر شاكر رسالة ينثر عبرها عطر المودة وعبير الشِّعر لكلِّ محبي الأدب وعُشاق الشِّعر: “الشِّعر روح الإنسانية وعبقُ عطرِ النفوس ورجع صداها الحالم حيناً والثائر الصارخ حيناً آخر،  محبتي الغامرة لكلِّ عشاق الحِرف والعاملين بحسٍ إنساني قبل كل شيء لأنَّ الإنسانية أعظم وأنبل ما يجمعنا عن أخلصنا لإنسانيتنا ورسالتنا لنكون تلك الأيادي البيضاء الساعية للخير والسَّلام”.