بعد انعقاد مؤتمر قمة دول الحوار العراقيّ في 28/8/2021 الذي غابت عنه دمشق، أفادت مواقعُ إخباريّة تركيّة أنَّ بغداد ستشهد لقاء بين رئيس مكتب الأمنِ الوطنيّ السوريّ “علي مملوك” ورئيس جهازِ المخابراتِ التركيّ “هاكان فيدان”. ولم تحدد شبكة eha الإخباريّة التركيّة أي معلومات حول محاور اللقاء وتوقيته، إلا أنَّ مراقبين رجّحوا بحثَ تسويةٍ للشمال السوريّ والمعابر، وبخاصةٍ معبر باب الهوى الحدوديّ بإدلب، إضافة لبحثِ عملٍ عسكريّ تركيّ محتملٍ ضد مناطقِ الإدارة الذاتيّة في شمال وشرق سوريا.
في 23/10/2019 تم التوصل إلى اتفاقٍ بين تركيا وروسيا، لوقف العمليّة العسكريّة التركيّة “المسماة” نبع السلام” والتي انتهت بتثبيت احتلال تركيا لمنطقتي سري كانيه، وكري سبي/ تل أبيض، وصادقت على الاتفاق التركيّ الأمريكيّ في 17/10/2019، وحرصت موسكو على تضمين الاتفاق بنداً يتعلق باتفاقية أضنة الأمنيّ 1998، والذي تعهدت “بتسهيل تنفيذها في ظل الظروف الحالية”. وقد أشار المسؤولون الروس في مناسباتٍ عديدة إلى هذه الاتفاقية والدفع باتجاه إحيائها، الأمر الذي رحّبت به أنقرة على اعتباره يعطي الشرعيّة لتدخلها العسكريّ في سوريا، ولأنّ اتفاق أضنة موقعٌ مع الحكومة السوريّة الشرعيّة، فهو يعني إقراراً من جانب بشرعية النظام السياسيّ القائم في سوريا وتوقفها عن دعم مطالب المعارضة المسلحة في تغيير النظام.
بمتابعة تدرج التدخل التركيّ في سوريا، نلحظ، أنَّ لا حدودَ واضحةً للأمنِ القوميّ التركيّ، ولو سُمح لها أن تصلَ قواتها إلى حمص وما بعدها، فلن يتوقفَ الحديثُ عن الأمنِ القوميّ، ولعلها ستواصلُ المعاركَ المجانية التي تموّلها قطر ويُقتلُ فيها سوريون.
إدلب ذات أهمية خاصة بالنسبة لموسكو نظراً لوجودِ الجهاديّة متعددة الجنسيات وبخاصة من القوقاز فيها، والذي تخشى عودتهم وقد كسبوا مهارات قتاليّة عالية في سوريا. وحاولت موسكو إخضاع إدلب لصيغة أقرب للعزل من خلال اتفاق سوتشي 17/9/2018، الذي يقضي بإنشاء مناطق عازلة منزوعة السلاح بعمق يتراوح ما بين 15ــ 20 كم على طولِ خط التماس، ابتداءَ من 15/10/2018، إلا أنّ أنقرة ماطلت في تنفيذ الاتفاق، بهدف تحصيل مكاسب عبر الضغط الذي تمارسه الكيانات المسلحة في إدلب، وتآكلت بذلك خطوط سوتشي بالكامل لتصل الأمور إلى أقصى درجات التصعيد في 26/2/2020 عندما قُصفت قواعد عسكريّة تركيّة وقُتل على إثرها 33 جندياً تركيّاً، إلا أنّ أنقرة لم تجرؤ على اتهام موسكو باستهداف جنودها، واتهمت دمشق، بعدما أعلنت أنّه من غير المسموح لقوات النظام أن تدخل إلى إدلب، وأعلنت أنقرة عن عملية “درع الربيع” وتحدثت إعلاميّاً عن استهداف مواقع عسكريّة لقوات النظام، ولكن سرعان ما هرول أردوغان إلى موسكو يستجدي اتفاقاً جديداً لوقف التصعيدِ، خشية ارتدادات الخسائر العسكريّة لقواته في إدلب.
السابق بوست