أهم الأذرع السياسيّة لإخوان الجزائر، وثاني القوى الإسلاميّة، بدأت العمل السريّ عام 1963، وقويت في السبعينات معارضة علناً الرئيس هواري بومدين، باسم جماعة الموحدين، بقيادة محفوظ نحناح، ونشأت كحزب عام ١٩٩١، مرجعيته منهج جماعة الإخوان المسلمين العالميّة تحت راية جمعية الإرشاد والإصلاح، وسعت لتجنب الصدام مع السلطة والحوار معها بالتوازي مع التنسيق مع كافة القوى والفعاليات الإسلاميّة، ووفقاً لدستور ١٩٩٦ وقانون الأحزاب السياسيّة تغيّر اسم الحركة ليصبح حركة مجتمع السلم (حمس)، وغيّبت أيّة إشارة لمرجعيتها الإسلاميّة ببرنامجها السياسيّ الجديد، لتركز على الثوابتِ الوطنيّةِ مرجعيّة فكريّة لها. وشاركت حركة مجتمع السلم بانتخاباتِ عام ١٩٩٧م لتبرز كقوة إسلاميّة برلمانيّة وجاءت بالمرتبة الثانيّة، وتعتبر نفسها حركة شعبيّة إصلاحيّة شاملة، شعارها: العلم والعدل والعمل. ولكن اجتاحها التناحر بوفاة مؤسسها الشيخ “نحناح” وتولي الشيخ أبي جرة سلطاني.
الجناحان المتنافسان حركة مجتمع السلم بزعامة “سلطاني”، وحركة الدعوة والتغيير المنشقة بقيادة “مناصرة”، يسعيان للفوز بشرعيّةِ الإخوان المسلمين من التنظيم الدوليّ لقيادة الإخوان المسلمين، ولقب المراقب العام، ما يجعل قادة الحركتين في قلقٍ دائمٍ وتوجسٍ من أن ينالها الطرف الآخر. وتظهر تناقضات إخوان الجزائر ضعف الآليّة التنظيمية لدة القيادة العالميّة للإخوان المسلمين في حسم الأزمات الكبيرة، فيما يستمر تبادل الاتهاماتِ بين الطرفين. ومع صعوبة فرض حل تنظيميّ واستمرار الانقسام يبقى السؤال معلقاً من يمثل إخوان الجزائر.
بنهاية العشريّة السوداء انضوى الإسلاميون على اختلاف توجهاتهم تحت عباءة المصالحة الوطنيّة التي أطلقها الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، وأيقنوا كارثيّة حملِ السلاح ومواجهةِ الدولة، ثم قبلوا الانخراطَ بالعمليّةِ السياسيّة، والمشاركة الانتخابيّة للوصول للسلطة. ولكن العشريّة والحراك الأخير المناهض للرئيس السابق بوتفليقة، أنتجا وجهاً آخر للحركة الإسلاميّة بالجزائر، إذ باتت الحركة أكثر ميلًا للسلميّة بعدما جرّبت سوء المصير الذي يولده العنف والاقتتال، لكن بالوقت نفسه الوقت أنتج ذلك تشرذماً داخل الحركة، وانقسامها على نفسها لتنتج أحزاباً وحركات مختلفة، في بناها الإيديولوجيّة، ورؤاها الحزبيّة، وبقي إسلاميو الجزائر بانتظار فرصة تحقيق أكبر المكاسب والوصول للسلطة.
وتوحدت الصفحات الإخوانية للتشويش على موقف الجزائر من الأزمة الليبية ومقارنته بما يسمونه زوراً وبهتاتاً بـ”وقوف أردوغان المشرف مع ليبيا”، وأخرى تدعو إلى “التسريع في التحالف بين دول المغرب وتركيا”، بالإضافة إلى وصف أردوغان بـ”زعيم الأمة”، معلنين بذلك “تبعيتهم المطلقة للنظام التركي على حساب وطنهم. وأشار الخبراء إلى أن من يقف وراء تلك الهجمة الممنهجة يهدف لوضع الجزائريين أمام أسوأ الخيارات: إما قبول الدور التركي في المنطقة أو جر البلاد إلى السيناريو السوري والليبي.
وكان المجلس الأعلى للأمن بالجزائر، خلال اجتماعه في 6/4/2021، بقيادة الرئيس تبون، قد سجل أعمالاً تحريضيّة، وانحرافات خطيرة من قبل أوساط انفصاليّة، وحركات غير شرعيّة ذات مرجعية قريبة من الإرهاب، وفي 18/5/2021 تم تصنيف حركتي “رشاد”، و”استقلال منطقة القبائل” إرهابيتين.
وأضافت “لوموند” هناك نوعٌ من “الحلمِ التركيّ” يشقُّ طريقه بين الجزائريين. فمن السلعِ الجلديّة المستوردة “المصنوعة في تركيا” إلى ترميم قصر الباي ومسجد حسن باشا في وهران ومشاهدة المسلسلات التلفزيونيّة وطفرة السياحة الحلال في بحر مرمرة، فإنَّ الجزائرَ تتعرضُ للإغراء التركيّ.
السابق بوست