شخصيات أدبيّة نسائية نقلت معاناة شعبها خلال الحرب السوريّة

روناهي/ عين عيسى ـ

شخصيتان أدبيتان ظهرتا مع تزامن الأزمة السوريّة واستطاعتا أن تنقلا معاناة شعبيهما في الحرب الدائرة منذ سنوات فأجادتا ببراعة كتابة القصة والرواية والشعر النثري والخاطرة.

يصيبنا نوع من الدهشة والذهول حيال ما نقرأه عن الحركة الأدبية النسوية في مناطقنا، حيث نعتقد للوهلة الأولى بأننا نفتقد إلى وجودها بالمطلق، وحتى إن وجِدت سيكون هنالك تأثيرات كثيرة تعطل نمو مثل هكذا شخصيات أدبية نسوية تصطدم بقيود العادات والتقاليد، والحكم المؤكد عليها بالفشل في مجتمع تسوده العقلية الذكورية المتسلطة.

ولكن حين تقوم بالبحث تجد هنالك رائدات في هذا المجال، وإن كان ظهورهنَّ تزامن مع الأزمة السورية التي تعصف بالبلاد منذ 2011، وتبعات هذه الأزمة من هجرة العقول من الأدباء والمفكرين، والنخب من كافة التخصصات والإبداعات إلى خارج الأراضي السورية.

هنالك شخصيتان أدبيتان سوف نتطرق إليها في تقريرنا هذا الأولى هي الأديبة مجدولين يوسف مواليد (آذار 1993) قرية شويحان/ البو جرادة بريف ناحية عين عيسى، وتكتب الشعر والرواية والخاطرة والقصة.

نبذة عن حياتها، وأعمالها الأدبيّة

درست الأديبة مجدولين المرحلة الابتدائية والإعدادية في مدرسة قريتها، وانتقلت لدراسة الثانوية في ناحية عين عيسى، وبعد نجاحها في تحصيل الشهادة الثانوية انتقلت إلى جامعة تشرين في مدينة اللاذقية السورية، لتتوقف عن الدراسة بعد اندلاع الأزمة السورية.

بدأت مسيرتها الأدبية في عام 2000، ولم يكن أحد يدعمها أو يشجعها أو يأخذ بيدها نحو عالم الأدب الواسع، ورغم الظروف التي عاشتها إلا أنها لم تتوقف عن الكتابة يوماً، ومع الإصرار والعزيمة التي تحلت بها سطع نجمها دون أية مساعدة، ومن مؤلفاتها رواية (ارواح  معطوبة) الصادرة عن دار (ببلومانيا) للنشر، وهي ليست حكاية حب بقدر ما هي محاولة لتسليط الضوء على واقع مدينة الرقة خلال الأحداث التي تلت اندلاع الأزمة، كما أن لها كتاب إلكتروني (أحرف تنصب حباً) ويضم مجموعة من الخواطر والقصائد النثرية، كما أن لها مشاركات في كتب جماعية أهمها كتاب (نساء يسكنَّ الذاكرة)، ومشاركة مع الكاتب محمد العلي يتحدث عن شخصيات نسائية بارزة.

كتاب (خلف الستار) وهو مجموعة قصصية تم تسليط الضوء فيها على الأمراض النفسية، وكانت مشاركتها بقصة (من ضحايا الجهل)، وكتاب (سنشد عضدك بأخيك)، وهو كتاب يتحدث عن الأخوة، وكتاب (مشاوير) الذي يتحدث عن مشاكل واقعية بطريقة كوميدية، كما لها رواية (جريمة حب في المشيوحاء).

كتبت لمدينتها ونقلت معاناة أهلها

فيما نجحت الشخصية الثانية بأن تكون صوت معاناة المرأة “الرَّقيّة” وما عانته خلال سيطرة المرتزقة وهي الأديبة هناء خمري الصلال حيث نشأت وترعرعت في مدينة الرقة، وهي في نفس الوقت من مواليد الحسكة عام 1977، وتنتمي إلى قبيلة الولدة/ الناصر.

درست هناء الابتدائية في مدرسة أبي ذر الغفاري في مدينة الرقة، وتابعت تحصيلها العلمي حتى حصولها على شهادة التعليم الثانوي، ومن ثم دخلت كلية التربية/ معلم صف في جامعة الفرات.

كانت منذ طفولتها شغوفة بالقراءة، وكانت تكتب (خربشات طفولية) تخفيها عن الآخرين، ومع التحولات السياسية والعسكرية التي شهدتها سوريا مع اندلاع الأزمة السورية، ونزوح أهلها نمّى لديها الحس الأدبي، وبدأت تسطر آلامهم وأحلامهم الضائعة.

وتقول عن كتاباتها: “أنا لا أكتب عن تلك المدن التي تنسج لها أسراب العصافير أثواب الفرح، وتدق أجراسها احتفاءً بالعيد.. بل أكتب للمدن المخضبة بالألم.. تلك التي غادرتها العصافير تبحث عن أشجارٍ، وغصنِ أخضر، وتدق فيها طبول الحرب”.

وتتابع: “أنا الثكلى والأرملة.. أنا ابنة النهر الذي اصطبغ بحمرة الدم.. لا أعرف كيف ينام السلاطين على ريش النعام.. والقوم عراة، وجثث على الإسفلت في الطرقات.. أنا لا أنتمي إلى أولئك الذين يقرأون الفاتحة على أرواح الضحايا من المنابر.. وفي الغرف الأخرى يتناولون الولائم، ويشربون نخب انتصارات كاذبة”.

نِتاجها الأدبي

أجادت ببراعة كتابة القصة والرواية والشعر النثري والخاطرة من أعمالها (صدرت لها رواية توثّق جراح الرقة وما ألمَّ بسكانها أسمتها (نبض الحرب) وهي عملها الروائي البكر حيث تُرجمت من خلالها كل المشاعر التي تجول في نفسها، ونفس كل (رَقيّ) غادر أرضه مكرهاً، وسلطت الضوء على معاناة المرأة بين التجهيل والقمع في ظل سيطرة المرتزقة، وكانت بحق محور تلك الصرخة المكتومة التي كانت تتمنى أن ينتبه العالم لوجودها، مع توثيق للأحداث والتداعيات.