ملكة الرواية البوليسية… آغاثا كريستي

ليلى الدردوري (كاتبة وناقدة مغربية) –

أن تعتلي كاتبة الغموض الروائية الإنجليزية آغاثا كريستي (عضو اللجنة الملكية للأدب) عرش مملكة الرواية البوليسية أو بالأحرى رواية الجريمة سنة (1955) بحصولها على جائزة (جراند ماستر) كأعلى تكريم لـ(كتاب الغموض في أمريكا)، ثم في نفس السنة أن تحوز مسرحيتها (مقاضاة الشاهد) على جائزة (ادغار)، وتنال أعلى تصويت من زملاء (رابطة كتاب الجريمة) عن روايتها (مقتل روجر أكريد) كأفضل رواية بوليسية على الإطلاق، فضلاً عن إدراج موسوعة (غينيس) للأرقام القياسية أجاثا كريستي كأفضل روائية مبيعاً على الإطلاق، إذ بلغت رواياتها نحو ملياري نسخة وحددت أن أعمالها تحتل المرتبة الثالثة في تصنيف الكتب الأكثر انتشاراً في العالم وفقاً لمؤشر الكتب المترجمة، بعد ترجمة أعمالها إلى (103)  لغة بعد روايتها (ثم لم يبق أحد) كأفضل روايات كريستي التي حققت (100) مليون مبيعات حتى الآن، ما يجعلها أفضل رواية غموض، فيما تحمل مسرحيتها (مصيدة الفئران) الرقم القياسي كأفضل عرض مسرحي في مسرح السفراء في (وست اند) ليظل حتى سنة (2019) أكثر عرض من (27000) أداء.

إنه بلا منازع لأكبر دليل على أن هذه الكاتبة تلقفت صولجان الرواية البوليسية بعد وفاة (دوروني سايرز) وباقتدار ومقدرة عالمية بمقدرتها الرائدة على تخليد أسماء أبطالها في ذاكرة عشاق رواية الجريمة التي ضمت شخصيات محببة للجمهور بل ترسخت في ذاكرتهم، هذه الشخصيات هي (الآنسة ماربل وباركربين/ السيد هارلي كوين/ تومي وتوبينس/ هيركيول بوارو) الذي ظل الشخصية المفضلة للكاتبة على الرغم من اعتقادها بأنه شخص لا يطاق.

والمؤكد أن آغاثا كريستي لم تجد الطريق مُعبداً للإبداع في هذا النوع من الرواية مستعصية الأنفاس والحبر والخيال لتتألق في نجم يراعها القابض على أنفاس الجمهور حَبكة وتخييلاً وتشويقاً وتوقاً لأفق انتظار كاتم، بل خبرت وعاشت تجربة الكتابة القصصية القصيرة والمسرحية والرواية الرومانسية عبر كتابة ست روايات تحت اسم مستعار (ماري ويستماكون) لا انها اشتهرت بفضل رواياتها (66) من صنف الروايات البوليسية بالإضافة إلى (14) من القصص مستخدمة اسمها الحقيقي.

ولعل في تفاصيل طفولتها دور أمها الإنجليزية التي أتقنت دور الإشراف على توجيهها نحو القراءة والكتابة وهي بعد طفلة. فقد ولدت آغاثا في عائلة من الطبقة المتوسطة في (أشفيلد توركاري ديفون)، التقت بزوجها الأول قبل الحرب العالمية الأولى، بعد أن تم استدعاؤه إلى الجبهة الحربية، عملت كريستي في كتيبة الإغاثة وفي مستوصف كيميائي مما مكنها من معرفة في الأدوية والسموم.

بدأت الكتابة أثناء الحرب العالمية الأولى بكتابة رواية بوليسية (قضية ستايلز الغامضة) سنة (1920) هذه الرواية حققت للأسف نجاحاً محدوداً لكنها أسست لقاعدة جماهيرية لنوع رواية الجريمة، وأكملت آغاثا في كتابة أكثر من (مئة) عمل تنوع بين الروايات والقصص القصيرة والمسرحيات، ومجلدين في الشعر وعملين في السيرة الذاتية، لكن استطلاعاً عاماً أظهر أن الرواية البوليسية (ثم لم يبق أحد) هي الرواية المفضلة لدى الجمهور ولدى آجاثا كريستي إذ وجدتها أصعب رواية كتابة.

وتزوجت اغاثا كريستي من عالم الآثار (ماكس مالوان) للمرة الثانية سنة (1930) والذي التقت به في (بلاد الرافدين) حيث ساعدته آغاثا كريستي في اكتشافاته، بينما استعانت بخبرته في الكتابة كما هو الحال في رواية (جريمة في قطار الشرق السريع) و(جريمة في بلاد الرافدين) و (موت فوق النيل).

وفي صنف المذكرات (هكذا أعيش) أو (هكذا أحيا) سنة (1946) الذي تم لها تأليفه بمعية زوجها تتحدث آغاثا عن زيارتها للجزيرة السورية ذات الأغلبية الكردية، حيث تعلمت اللغة الكردية وارتدت الأزياء الكردية، وتصف التنقيبات الأثرية في عدد من التلال الأثرية مثل (كري موزان) و(تل بيدر) وغيرها، كما تصف طرق عيش السوريين في (سوريا) وقد ترجم هذا الكتاب إلى اللغة العربية.

فيما تبرز عناوين أعمالها الروائية البوليسية في (هيركيول بوارو)/ (مقتل روجر أكريد)/ (لغز سيتافورد )/ (موت اللورد أدجوير)/ (جرائم الأبجدية)/ (أوراق لعب على الطاولة)/ (السرو الحزين)/ (خمسة خنازير صغيرة)/ (ساعة الصفر)/ (إعلان عن جريمة)/ (الآتية هي الآتية )/ (ليل لا ينتهي)/ (الستارة)/ (الجريمة النائمة)/ (جريمة في قطار الشرق السريع)/ (ثم لم يبق احد) .

وقد اقتبست معظم الروايات والقصص البوليسية لأغاثا كريستي للتلفزيون والإذاعة وألعاب الفيديو واستند لأكثر من ثلاثين شريطاً من الأشرطة المطولة إلى أعمالها.

توفيت آغاثا كريستي في يناير سنة (1976) وذكر في سيرتها الذاتية أنها تمتعت بشخصية بارزة في تاريخ أدب الرواية البوليسية عالمياً.