بَعد انتهاء مَرحلة الدراسة الجامعية، اتفقت أنا ومحمود وحمدي، زُملائي من أيام الدراسة ومن خارج بلدتي، أن كُلّاً مِنا يشترى جريدة يومياً، ويبحث عن الوظائف الخالية، ومن يَحصُل منا على إعلان يُبلغ الباقي، فَكُنت أشتري (جريدة الأهرام ومحمود جريدة الأخبار وحمدي جريدة الجمهورية) وبعد مُدة، وجدت حمدي أتى إلى بلدتي مُتَأبّطاً جريدة الجمهورية، ويقول لي اقرأ هذا الإعلان، فلقد ذهبت إلى محمود وأبلغته ثم أتيت إليك، وسنذهب غداً إلى (مدينة طنطا) للتقديم، فقرأت الإعلان وجدت فيه مطلوب مندوبين مبيعات لإحدى الشركات!. فقلت له ما هذا يا عم حمدي؟ أنا أقرأ مثل هذا ولا أَهتم به مُطلقاً! فقال لي يا أخي هو أنت عايز تِشتغل (بيك)، تعال غداً كي نَتقدم للوظيفة، المُهم ذَهبنا إلى طنطا ووجدنا أَعداد لا بَأس بها مُتقدمة لتلك الوظيفة، والتي تقوم بعمل المُقَابلات الشَخصية فَتاة تَكاد تَكبُرنا في العُمر بقليل حينئذٍ، وهى عَلىَ قَدرٍ كَبير من الشِياكة والجَمال واللَباقة، وقد استغرقت مُقابلتي مَعها حوالى (١٠) دقائق ومحمود (١٥) دقيقه أما مقابلة حمدي فاستغرقت نصف ساعة كاملةً، وقالوا إن النتيجة ستعلن بعد انتهاء جميع المُقابلات، فانتحينا بأحد الشوارع الجانبية والقريبة من ميدان الساعة، وَجلسنا في مقهى شعبي، وكان محمود يتمتع بِخفة ظِلّ، أما حمدي فهو طيب جداً وعلى فِطرته شَكلاً ومضموناً، وأنا أَمِيلُ إلى الجِد، فقال محمود مُقابلة محمد عاطف لم تستغرق سوى (١٠) دقائق ويبدو أن البنت (قَلَبّتهُ) ومقابلتي (١٥) دقيقه فتقريباً عِندي أمل، أما أنتَ يا حمدي نِصف ساعة كَاملةً، أَكيد البنت أُعجَبت بِكَ جداً، ويبدو أنها وقعت في غَراَمكَ وهَامت بِكَ، فاعتدل حمدي في جِلسَته مُنتشياً مُصدقاً بِكُل سذاجة ما يقوله محمود، ثُم ضحِكَ من كُل قلبه وقال:
والله يا جماعة الِبنت كانت كُلمَا تَسألُني سؤال يأتيني إلهام رباني وأجاوب، وأجد إِلهاماً سَريعاً بالإجابة؛ لا أعرف من أين يأتي!. فَضحك محمود وقال له إلهام رباني ولا (إلهام شاهين) فانفجرنا مِن الضَّحك وقُلنا تصدق إنها تُشبه (الفنانة إلهام شاهين فعلاً). ثم قال محمود لحمدي اذهب أنتَ لمعرفة النتيجة، لَكن قبل أن تذهب عَليكَ بِتلميع حذاءك، فنادى حمدي على ماسح الأحذية من أمام المقهى ولمع الحذاء، فقال له محمود اشتر أيضاً زُجَاجة عِطر علشان حتقابل إلهام، وبالفعل قام حمدي مُصدقاً إياهُ واشترى زُجاجه عِطر من بَازار مجاور للمقهى وبكل ما معه من نقود، ثم أفرغ نِصف الزجاجة عَلى ملاَبسهُ وذهب لإحضار النتيجة.
وبعد قليل رجع حمدي مُطأطئاً رأسه ويقول يا محمد أنت ومحمود اسمكم موجود بالكشف ماعدا اسمى، فضحكنا ولم نُصدق ولكن قال والله العظيم بجد. فَقُلنا له لا عليك لن نذهب لهذا العمل، وعموماً هو عَمل مُؤقت وليس حكومياً، فقال محمود يا حمدي أنتَ مَكانك ليس هُنا أنت ستسافر إنجلترا!!
وانصرفنا لمشاغل الحياة بِحُلوها ومَرّها ماعدا اللهم من مُتابعة بالخِطَاَبات آنذاك، وانقطعت الاتصالات من كثرة المشاغل، ومرت السنين والسنين، وإذا بمحمود يتصل بي منذ عدة أيام قليله ويقول لي أخبارك إيه يا محمد وعامل إيه؟ على فكرة حمدي بيسلم عليك فقلت له حمدي مين؟ فقال حمدي إنجلترا، وبسرعه تذكرت وضحكت فقلت بجد، فقال يا عَمنا بجد حمدي هُنا في مصر، وفى إجازة قصيرة من إنجلترا، ولقد تزوج مِنْ هُناك ومعه الجِنسية وله ولد وبنت شباب، وبقى صاحب مَطعم كبير!! وهو هُنا في القاهرة ويُريد أن يَراكَ، فحددنا مَوعداً، وتقابلنا وجلسنا سَوياً نتذكر الماضي والذكريات، ونضحك بكل ما أوتينا من فرح، وفي نهاية اللقاء إذ بمحمود يقول لحمدي، لك مدة طويلة في بريطانيا وتقيم فيها فكيف لم تفكر بالترشح لـ “مجلس العموم البريطاني” فَضحكتُ من كلام محمود الذي بدا أنه لم يتغير أسلوب المِزاح لديه، وإذا بِحمدي صامتٌ ولم يضحك، بل ومصدقاً محمود ويقول بصوت عالٍ متسائلاً: إزاي الفكرة دي ما خطرتش في بالي يا جماعة؟!
بَعد انتهاء مَرحلة الدراسة الجامعية، اتفقت أنا ومحمود وحمدي، زُملائي من أيام الدراسة ومن خارج بلدتي، أن كُلّاً مِنا يشترى جريدة يومياً، ويبحث عن الوظائف الخالية، ومن يَحصُل منا على إعلان يُبلغ الباقي، فَكُنت أشتري (جريدة الأهرام ومحمود جريدة الأخبار وحمدي جريدة الجمهورية) وبعد مُدة، وجدت حمدي أتى إلى بلدتي مُتَأبّطاً جريدة الجمهورية، ويقول لي اقرأ هذا الإعلان، فلقد ذهبت إلى محمود وأبلغته ثم أتيت إليك، وسنذهب غداً إلى (مدينة طنطا) للتقديم، فقرأت الإعلان وجدت فيه مطلوب مندوبين مبيعات لإحدى الشركات!. فقلت له ما هذا يا عم حمدي؟ أنا أقرأ مثل هذا ولا أَهتم به مُطلقاً! فقال لي يا أخي هو أنت عايز تِشتغل (بيك)، تعال غداً كي نَتقدم للوظيفة، المُهم ذَهبنا إلى طنطا ووجدنا أَعداد لا بَأس بها مُتقدمة لتلك الوظيفة، والتي تقوم بعمل المُقَابلات الشَخصية فَتاة تَكاد تَكبُرنا في العُمر بقليل حينئذٍ، وهى عَلىَ قَدرٍ كَبير من الشِياكة والجَمال واللَباقة، وقد استغرقت مُقابلتي مَعها حوالى (١٠) دقائق ومحمود (١٥) دقيقه أما مقابلة حمدي فاستغرقت نصف ساعة كاملةً، وقالوا إن النتيجة ستعلن بعد انتهاء جميع المُقابلات، فانتحينا بأحد الشوارع الجانبية والقريبة من ميدان الساعة، وَجلسنا في مقهى شعبي، وكان محمود يتمتع بِخفة ظِلّ، أما حمدي فهو طيب جداً وعلى فِطرته شَكلاً ومضموناً، وأنا أَمِيلُ إلى الجِد، فقال محمود مُقابلة محمد عاطف لم تستغرق سوى (١٠) دقائق ويبدو أن البنت (قَلَبّتهُ) ومقابلتي (١٥) دقيقه فتقريباً عِندي أمل، أما أنتَ يا حمدي نِصف ساعة كَاملةً، أَكيد البنت أُعجَبت بِكَ جداً، ويبدو أنها وقعت في غَراَمكَ وهَامت بِكَ، فاعتدل حمدي في جِلسَته مُنتشياً مُصدقاً بِكُل سذاجة ما يقوله محمود، ثُم ضحِكَ من كُل قلبه وقال:
