يوم المرأة العالمي.. تاريخ مزهر

لمياء حسو_

“المرأة” عندما تتحدث عن المرأة، فأعلم أنك تتحدث عن نصف المجتمع، المرأة هي الحب الحنان، وهي رمزٌ للعطاء، المرأة هي الأم، التي تغرس في قلوب أبنائها الحب والمودة هي مدرسة تنشئ أجيالاً ووطنًا، هي التي صنعت من التضحيات والبطولات حياةً مليئةً بالفخر للأبناء، هي الوردة النرجسية، التي تنشر عبق الحب والطمأنينة في أرجاء الحياة، هي الأخت، والجدة، والصديقة، والدفء، المرأة هي أم الإنسانية جمعاء وبدونها يبقى المجتمع كالعدم، فهي الحضن الدافئ.

حققت المرأة الكثير من الإنجازات على الصعيد العالمي والاقتصادي والاجتماعي والسياسي… متخطية جميع العواقب والمحن، التي واجهتها من قبل المجتمع في الماضي، لتحمل رسالة فخر ونجاح للعالم كله، لتبرز لهم انتصاراتها المتواصلة، فقد أصبح لها دورٌ كبير في كلّ منصب من مناصب الحياة.

وترزح الملايين من النساء في شتي أنحاء العالم، تحت وطأة ظروف الحرمان من حقوقهن الإنسانية الأساسية، لكن المرأة لها دور أساسي في المجتمع، فهي المخلوقة التي دائماً ما تنسى نفسها من أجل أطفالها، الذين لا يشعرون بالأمان إلا عندما يدخلون المنزل، فيبادرون بسؤال عنها دائمًا فهي الدفء العائلي في المجتمع، ولو أراد الرجل أن يفعل كل يوم ما تقوم به المرأة من الواجبات، لما استطاع ذلك، ولأرهقته الحياة ولاختار أن يكون غير مسؤول إلا عن نفسه، وحاول أن ينفض عنه غبار مسؤولية غيره.

المرأة العاملة هي السند لزوجها، ولأبيها ولمجتمعها، تخرج في الصباح الباكر إلى عملها لتساهم في تحسين الظروف المادية، التي يمر به زوجها، تغادر من عملها إلى بيتها لكن لا راحة لها، تقوم بأعمال المنزل الكاملة، إلى جانب إعداد الطعام لأطفالها ورعايتهم، وتعليمهم، فهي القائدة القادرة على تربية شباب وشابات تربية طيبة، ولها تأثير كبير في نجاحاتهم.

صادفت امرأة في الخمسين من عمرها في أحد أماكن عملها، هذه القصة مقتبسة من الواقع، وليست من الخيال، لتكن عبرة لجميع من يعمل “عاملة نظافة”، تربصت بي الكثير من أسئلة الاستفهام، امرأة في عمرها لماذا تعمل؟

ألا يوجد لديها شبان لمنعها من العمل، وتقديم المساهمة لها والاعتناء بها؟ ذهبت إليها سألتها:

سيدتي ماذا فعل بك القدر، حتى تواصلين العمل في سن لا حول ولا قوة لك للعمل، أجابتني؟

لدي فتاتان الأولى التحقت بالجامعة، والثانية في المرحلة الثانوية بالمدرسة، وزوجي رجلٌ كبير في سن ولا قدرة لديه لإعالتهم، وأنا أعمل لأسدد نفقات دراستهم، لأني لا أريد لهم حياة كحياتي، أريد أن يكونا متعلمتين ويكون لهما شأن في المجتمع، فالشهادة هي السند لهم في المستقبل.

ألا ترين حالتي؟ فأنا امرأة جاهلة، وبسبب جهلي أعمل الآن هنا، وبسبب جهل والدي، والتمسك بفكرة أنه لا يوجد للفتاة مكان آخر بعد بيت والدها سوى بيت زوجها، هذه الفكرة التي أوصلتني إلى هذا الحال، لا أريد أن توصل ابنتاي إلى ما وصلت إليه، ولا يتعرضا للذل الذي أتعرض له، ولا أن يسلب منهما أحد كرامتهما.

أجبتها: سيدتي العزيزة أرغب الآن في أن أصفك بكلمة، لكن عجز هذا اللسان عن مدحك، فأنتِ العظيمة بكل شيء، وليتعلم منك الجميع.

ساهمت المرأة في العديد من حقبات الزمن بالعمل في جميع الأعمال، منها الدفاع عن وطنها والمحاربة وعلى الجهات كلها. وصفها المجتمع: بأنها عالٌ على المجتمع، لكنها اثبتت بقدرة عقلها، أنها نصف المجتمع وبدونها لا تتكون العائلة، فحاربت وقاتلت للوصول إلى هدفها، وتنصبت بمناصب عالية لم يصل إليها الرجل، وغيرت نظرة المجتمع إليها، في زمننا هذا أصبحت الفتاة هي سند أبيها في المجتمع، بعدما تخلى عنه أولاده من الذكور، أبناء العائلة البعيدين عن أهلهم، لتكون المرأة الأم، والأخت والأبنة في جميع النواحي وذلك لعطفها وحنانها.

يحتفل العالم كلّه في الثامن من آذار من كل عام بيوم المرأة العالمي، وكانت فكرة الاحتفال بيوم المرأة قد ظهرت لأوّل مرّة في الفترة، التي شهد العالم توسّعًا صناعيًا، واضطرابات ونموًا في السكان، وذلك لما كانت تعاني منه المرأة من اضطهاد، وسلب للكثير من الحقوق، مّا جعلها تطالب بحقوقها في كثير من المظاهرات التي قامت في كثير من الدول في العالم، ففي عام 1856م خرجت آلاف النساء للاحتجاج على الظروف القاسية، التي كنّ يجبرن على العمل فيها في نيويورك، وأصبحت تناضل من أجل حقوقها في مجتمعٍ يسوده العدل.

أهم الإنجازات التي قدمتها المرأة في شمال وشرق سوريا، وصولها إلى مناصب عالية في منطقتها، وذلك بسبب فلسفة وأفكار القائد العظيم عبد الله أوجلان، حيث أعطى المرأة حقها في المجتمع، مثلما أعطاها الإسلام، ومن أبرز الشخصيات في شمال وشرق سوريا: آسيا عبد الله، وهيفي إبراهيم، وهدية يوسف وإلهام أحمد.

سيدتي العظيمة، أنتِ أيقونة وشعلة في المجتمع، أنتِ لستِ نصف المجتمع، بل أنتِ المجتمع بأكمله، كوني على يقين، أن وجودك في الحياة كوجود النور على الأرض، دونك لا يكتمل المجتمع، أنتِ رمزٌ في هذه الحياة، لا تيأسي حاولي بكل قوتكِ الدفاع عن حقوقك في هذا المجتمع، الذي يسوده الظلم، تمتعي بلذة النصر على من حاول الوقف في وجهك، كوني أنتِ سيدة نفسك، بقلبك الطيب تسيطرين على ظلم الجميع، إياك واليأس، كوني قدوة للجميع، كوني القائدة لأطفالك، اجعلي الجميع يتمنى نصرك، فأنتِ من يصلح هذا المجتمع الذي تسوده الكراهية والبغض، أنتِ المقاتلة على جبهات الحرب، لا تنتظري من أحد أن يسندك، اسندي نفسك بنفسك كوني سيدة نفسك..