سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

يوميات بائع عربة متجوّل

جل آغا/ أمل محمد – بجانب ذاك الرصيف على قارعةِ الطريق يقف الشاب الثلاثيني محمد عبدة أو كما يسمونه زبائنه بائع البليلة من أهالي كركي لكي في شمال وشرق سوريا وراء عربته البسيطة لبيع الفول والبليلة، يُنادي بصوتٍ اعتاد مَنْ تَرددَّ إلى سوق كركي لكي على سماعه “بليلة… فول”.
المكان الشارع العام.. الزمان في ساعات النهار الأولى.. يدفع محمد عبدة عربته المزينة ببعض الأضواء متجهاً إلى مكانه المعتاد حيث يقف دوماً وحيث اعتاد زبائنه على رؤيته، يبدأ يومه بجملة “يا رزاق يا كريم”.
وجوه عديدة تمر من أمام عربته منهم من يتوقف للشراء وأخرى تتجاهله ولكن لا يمكن القول أن تلك العربة المركونة وذاك الشاب لا يُلفت نظر جميع المارة لأن وجود هكذا عربات يُعد قليلاً في المنطقة.
رائحة الحب تعبق المكان
يقضي عبدة معظم أوقاته مع عربته التي يقتاد منها قوت عائلته “أحب هذه المهنة على بساطتها، وهذه العربة أقضي معها وقتي كله حتى ساعات متأخرة من الليل أبيع الفول المسلوق والحمص والذرة روائح الحب والسعادة تفوح من عربتي قبل روائح الطعام، أستطيع القول أقتات مع عائلتي بفضل هذه العربة”.
خمس سنوات مرت منذ أن بدأ عبدة العمل على العربة بجانب عمله في الفرن، يتجول في شوارع كركي لكي وأزقتها بعد الوقوف لساعات في شارعها العام “بعد عودتي من عملي في الفرن في ساعات الفجر يبدأ عملي ألا وهو سلق الفول والحمص في وعاء نحاسي كبير لمدة ساعتين بعد أن أكون قد نقعته لمدة 12 ساعة لتصبح طرية وطازجة وإضافة النكهات اللازمة لها مثل الكمون وعصير الليمون وهي ضرورية جداً وهي التي تُميز عملنا عن عمل المنزل”.
أكلة الفول النابت والبليلة من الأكلات الشعبية العريقة يستهلكها المواطنون بكثرة وخصوصاً في فصل الشتاء لأنها تُقدم ساخنة يقول عبدة “لجأت لهذه العربة التي أغنتني عن شراء محل كوني لا أمتلك تكاليف شرائه، أظن أن فكرتي صائبة حين قمت بشراء هذه العربة التي أصبحت اليوم جزء من حياتي ولا يمكنني الاستغناء عنها”.
ثقافة عربات الطعام المُتنقلة
تفتقر مناطق شمال وشرق سوريا لثقافة عربات الطعام المتنقلة فكثيراً ما نجد عربات مختلفة لبيع الوجبات السريعة في أرجاء مختلفة من سوريا وخصوصاً في دمشق ولكن قلما نجد مثل هذه الفكرة في مناطقنا، هناك الكثير من العربات المتجولة ولكن ليست لبيع الوجبات السريعة هذا ما لخصه محمد عبدة صاحب العربة الصغيرة التي يسترزق منها “أتمنى أن تنتشر ثقافة العربات المتجولة في مناطقنا، هنا لا توجد الكثير منها، هذه الفكرة بدأت من دول العالم الكبرى وبدأت تتوسع في جميع أرجاء المعمورة تُعطي طابعاً جميلاً عن ثقافة الطعام لكل بلد”.