وليد الحسيني: “العزلة على المُفكر أوجلان انتهاك صارخ لحقوق الإنسان”

تنتهك دولة الاحتلال التركي القوانين والأعراف الدولية وحقوق الإنسان بفرض العزلة على القائد عبد الله أوجلان، حيث شدد النظام التركي العزلة تحت أنظار العالم الذي لا يحرك ساكناً، وما جرى حول فك العزلة جزئياً في الشهور الماضية كان بسبب المقاومة الكبيرة التي أبداها المناضلون الذين أضربوا عن الطعام والتي بلغت ذروتها مع النضال والمقاومة الكبيرة التي قادتها المناضلة ليلى كوفن بحملة الإضراب عن الطعام، إلا أن الواضح أن نظام أردوغان لا يتوانى عن سياسته الإقصائية والتي استمرت بعد ذلك، حيث عادت الدولة التركية المحتلة بانتهاج سياساتها وفرض العزلة من جديد على إيمرالي وعلى الشعب الكردي عامة.

وحول هذا الموضوع؛ أجرت وكالة فرات للأنباء حواراً مع الرئيس المشترك لاتحاد المحامين في إقليم الجزيرة المحامي وليد الحسيني تناولت فيه مسألة العزلة المفروضة على القائد وما يدور حولها من قضايا وموضوعات مرتبطة بها.

وكان الحوار على الشكل التالي:

ـ يفرض النظام التركي عزلة مشددة على القائد أوجلان منذ سنوات طويلة وسط صمت دولي في ظل وجود الكثير من القوانين الدولية التي تحمي حقوق السجناء السياسيين؛ برأيكم ما سبب هذا الصمت وبخاصةً من قِبل منظمة مناهضة التعذيب؟

حقيقة يجب ألا نتوقع سوى الصمت من المجتمع الدولي سواءً الحكومات أو المنظمات؛ لأن جميع المنظمات كالتي ذكرتموها تدار من قبل الحكومات ويتم تمويلها منها، وبالتالي فإنه سيكون من المستحيل أن تصدر مواقف مستنكرة للعزلة من قبل هذه المنظمات؛ لأنها لا تتحرك سوى بما يتوافق مع مصالح الدول ويجب ألا ننسى أن مؤامرة 15 شباط بالأساس كانت مؤامرة دولية، اشتركت فيها العديد من دول العالم منها ما تم معرفتها ومنها ما لم يتم، وعليه يجب ألا نتوقع من الدول التي أسهمت بالأساس في أسر القائد عبد الله أوجلان أن تقوم فيما بعد بإصدار مواقف إيجابية تجاه قضيته الإنسانية.

ـ كيف تصنفون كحقوقيين هذا النوع من العزلة بحسب القوانين الدولية؟

إن العزلة المفروضة على القائد أوجلان هي انتهاك صارخ لكافة العهود والمواثيق ذات الصلة بحقوق الإنسان عامة وحقوق السجناء خاصةً. وقانونياً لا يمكن أن نقول إن هناك تصنيفات للعزلة وما شابه، فالعزلة المفروضة على القائد أي منع محاميه وذويه ومنع مندوبي المنظمات الدولية من زيارته والتواصل معه هي كما ذكرت انتهاك وخرق لحقوق الإنسان الطبيعية والقانونية.

ـ هل هناك أي بند في القوانين الدولية يمنع عائلة ومحامي السجناء السياسيين من زيارتهم؟

مطلقاً لا يوجد أي بند أو نص قانوني لا في القانون الوطني التركي ولا في القوانين الدولية يمنع عائلة أي سجين من زيارته وكذلك يمنع محاميه من زيارته، فحق الزيارة والتواصل مكفول بالقانون، ومصادرة هذا الحق هو انتهاك لأبسط قيم ومبادئ العدالة، وأن قرار المنع الذي أصدرته الدولة التركية المحتلة هو مخالف للقانون ويدخل في خانة قرارات حالة الطوارئ، والدولة التركية المحتلة بإصدارها لهذا القرار تكون قد انتهكت قانونها المحلي قبل القانون الدولي.

ـ طالبت النقابات العالمية البريطانية بإطلاق سراح القائد أوجلان وقاموا خلال اجتماع لهم برفع صورته، برأيكم هل بات العالم يدرك ضرورة إطلاق سراح القائد وعدم قانونية اعتقاله وظروف سجنه؟

بدون شك؛ فإننا لم نعول يوماً على السلطات والحكومات من أجل اتخاذ مواقف إيجابية تجاه قضية سجن القائد. ولكن؛ كان التعويل دوماً على الشعوب والمؤسسات من هم مطلعون على فكر ونهج القائد أوجلان، وقد أدركوا بأن القائد عبد الله أوجلان هو شخص استثنائي ويحمل فكره ونهجه حلاً لأزمات المجتمع التي لم يخلقها سوى النظام الرأسمالي. لذلك؛ يجب ألا نستغرب مثل ذلك الموقف الذي خرج به نقابات العمال البريطانية.

ـ كحقوقي برأيكم؛ ما المطلوب من النظام التركي قانونياً وإنسانياً بما يتعلق بوضع القائد أوجلان في معتقله؟

على الدولة التركية المحتلة أن تدرك بأنها باستمرارها في أسر القائد أوجلان لن تحل أي مشكلة، بل ستتراكم المشاكل أكثر وأكثر كما سيتأزم وضع تركيا أكثر مما هو عليه الآن، فإذا كانت راغبة في إنهاء الأزمة التي تعاني منها عليها إطلاق سراح القائد والتفاوض معه، وتستطيع أن تصنع مخرجاً قانونياً لذلك بأن تعيد محاكمة القائد ومن ثم تخلي سبيله وتبدأ بمفاوضات جدية من أجل إحلال السلام وإنهاء الحرب.

ـ أرسل القائد أوجلان من معتقله رسائل ودعوات متجددة للسلام، وفي المقابل قام النظام التركي مؤخراً بتشديد العزلة مجدداً ومنع الزيارة للقائد، كيف تفسرون هذه الخطوات من النظام التركي؟

إن استمرار دولة الاحتلال التركي وتشددها في فرض العزلة هو لأنها لا تعترف أساساً بوجود القضية الكردية في تركيا وبأنها يجب أن تحل، وتتهم حزب العمال الكردستاني بأنها منظمة إرهابية، ولا تزال تظن أنها سوف تنهي مقاومة الشعب الكردي من خلال الاستمرار بسجن القائد وعزله عن شعبه، علماً بأنها مدركة تماماً أنها مخطئة. لكن؛ روح الفاشية التي تتحلى الدولة التركية المحتلة وإنكارها للآخرين المختلفين عنها هو الذي يجعلها مستمرة في عزل القائد واستمرار أسره في سجن إيمرالي.

ـ كانت هناك مقاومة كبيرة من خلال حملات الإضراب عن الطعام واستشهد عدد من المناضلين على إثرها وذلك لرفع العزلة عن القائد أوجلان، حيث أُجبر النظام التركي على السماح بالزيارات للقائد، برأيكم؛ هل السماح بالزيارات يعني إنهاء العزلة نهائياً؟

لا يمكن أن ننكر الأثر الكبير لحملات الإضراب المفتوحة عن الطعام التي حصلت وكان لها دور كبير في تحويل الرأي العام الشعبي في العالم، الأمر الذي وضع تركيا في موقف صعب وأجبرتها على استئناف السماح بالزيارات للقائد. ولكن؛ كما أشرت سابقاً فالشعب الكردي وجميع الشعوب التي ترى في الفكر الأوجلاني خلاصاً وحرية لن يروي ظمأها مجرد رفع العزلة وإنما تتطلع إلى خروج القائد من السجن. ولكن؛ العزلة لم يتم إنهاءها فالدولة التركية المحتلة؛ عادت مجدداً لرفض طلبات الزيارة التي يتقدم بها محامو القائد وعائلته.

ـ غالبية شعوب الشرق الأوسط مؤمنة بالحرية وفكر القائد أوجلان؛ ما المطلوب لرفع العزلة عنه؟

يجب على جميع الشعوب في الشرق الأوسط ألا تتوقف عن تصعيد النضال على كافة المستويات لتتشكل قوة ضغط على الدولة التركية، وعلى عموم الدول الأوروبية من أجل إنهاء سجن القائد وليس فقط إنهاء العزلة المفروضة عليه؛ لأن مشروع الأمة الديمقراطية والعيش المشترك هو السبيل الوحيد لإنهاء جميع الأزمات والحروب وطريق الخلاص للشعوب. لذلك؛ يقع على عاتق شعوب المنطقة كافة النضال والمقاومة حتى فك أسر القائد أوجلان.