سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

وللتمرد إيجابيات كثيرة!!!

هيفيدار خالد –

عن التمرد أريد التحدث اليوم، هنا أقصد الرغبات والإبداعات التي يسعى الإنسان إلى القيام بها أو التعمق على أساسها والمضي بها في حياته. بالطبع التمرد يبدأ لدى الإنسان منذ نعومة أظافره والتي تحدث نتيجة رود فعل يقوم بها الفرد تجاه بعض الأمور والعادات والتقاليد التي تُفرض عليه دون رغبةً منه. عندما يبدأ الطفل الصغير بالمشيء أو التحدث بكلمات ليست مفهومة التي يعبّر من خلالها عن معارضته لوالدته، وعدم رغبته في الانصياع لها، يريد أن يقول في استطاعتي تدبر أمري. ومن هنا تبدأ القصة. 
مثلاً نرى في بعض المجتمعات إن الأمهات والآباء يفرضون تنشئة منغلقة على أبنائهم ويمنعونهم من كل ما يسعون القيام بها أو تطبيقها في حياتهم بحجة تتعلق بالعادات والتقاليد البالية الباقية من المجتمع. الأمر الذي يؤثر سلباً على التنشئة عند الإنسان فتراه يتشوه نفسياً واجتماعياً وتتحطم أماله في الحياة.
في مجتمعاتنا نرى بأن الأم والأب يفرضون ما يرغبونه على أبنائهم، مثلاً نرى في الكثير من المرات أن أحد الأبناء يريد الالتحاق بكلية الصحافة والإعلام ويريد أن يصبح صحفي ناجح أو يريد أن يدخل في مجال يحبه من صغره، يُمنع منه ويستخدمون كل أسلحتهم المشروعة ليحافظوا على أبنائهم ومنعهم من ما يريدون بحجة إنهم لا يعرفون مصالحهم في هذه الحياة ويسيرون في الطريق الخطأ، ويجب حمايتهم من كل ذلك.
وإذا ما تمرد أحد الأبناء في مجتمعنا ضد مطالبات ورغبات والديه، للدفاع عن رغباته وطموحاته التي يسعى إليها سيواجه معوقات كثيرة في حياته، وضغوطات كبيرة. على الرغم من أننا نعلم بأن التمرد يعني الإبداع في المجال الذي تحبه وتسعى لتحقيق المزيد من التطور والتقدم فيه. 
جميعنا يعلم أن إشعال الحماسة وروح المغامرة المحسوبة لدى الأطفال الصغار من أفضل وسائل التربية الإيجابية السليمة التي يجب على كل الأمهات والآباء القيام بها في أسرهم. والعكس صحيح تماماً نرى بأن التربية والتنشئة المنغلقة في الأسرة تخلق أطفالاً مرضى نفسياً واجتماعياً، ولا يستطيع أحد أن يستفيد من ورائها شيئاً يُذكر في حياته، بل تترك قلوباً وعقولاً محطمة لا حول ولا قوة لها لا تستطيع الإبداع في مجال أو عمل أو دراسة لأن الإبداع أساس تطوير الحياة من حولك وهو نوع من التمرد في هذه الحياة.
من هنا نستطيع القول إن دور التربية أساسي في بناء شخصية متوازنة ومتفائلة، وفي حال وجود تمرّد يجب احتضانه إذا كان إيجابيًا ومراعاته وتوجيهه، وفي حال كان سلبياً يجب تداركه وتوجيهه ليصبح إيجابياً.
فتمرّد الطفل لا علاقة له بإغاظة أهله، بل هو تطور أساسي في شخصيته، وعندما يفرض الأهل رأيهم ويجبرون الطفل على تنفيذ طلبهم فإنه يشعر بالحزن لأنهم لم يفهموه، فالكف عن قول لا والخضوع الأعمى لهم يعتبر بالنسبة إليه طمساً لولادة هويته والاستمرار بصفة طفل والديه.