وسط تحذيرات من كارثة.. فلاحو الرقة يطالبون المجتمع الدولي بالتحرّك

الرقة/ المهند عبد الله ـ

يطالب فلاحون من أرياف مدينة الرقة المجتمع الدولي بالتحرك الفوري لوضع حد للمأساة التي يعانونها جراء استمرار دولة الاحتلال التركي بحبس مياه نهر الفرات منذ بداية العام الحالي، في وقت يحذّر فيه مسؤولو مياه الري من كارثة وشيكة تهدد الحياة في شمال وشرق سوريا.

ويعتمد أهالي مناطق شمال وشرق سوريا بالدرجة الأولى على الزراعة كونها تعتبر السلة الغذائية الأولى للمناطق السوريّة، وذلك بفضل مناخها الملائم من جهة, ومحاذاة أغلب المناطق سرير النهر مما يسهل عملية ري المزروعات وتوفير التربة الخصبة من جهة أخرى.

ويشهد نهر الفرات انخفاضاً حاداً بمنسوبه وصل إلى أدنى المستويات, بعد حبس تركيا لمياه الفرات وتخفيض مخصصات سوريا والعراق من المياه المتفق عليها دولياً, نظراً لأهميتها الاستراتيجية لتواجد أكبر السدود في هاتين الدولتين.

وانخفاض مستوى مياه نهر الفرات أدى إلى تراجع كافة مقومات الحياة الأساسية, حيث تعمل على تهديد الثروة الحيوانية والزراعية وتوليد الطاقة الكهربائية التي تُغذي عدة مناطق في شمال وشرق سوريا.

وتؤدي هذه الكارثة الإنسانية إلى توقف معظم عنفات سد الفرات عن العمل, وبالتالي توقفت مضخات الري التي تعمل على الطاقة الكهربائية لري المزروعات الصيفية والشتوية في معظم المناطق.

كما تشكلت مستنقعات على ضفتي النهر، وذلك يساهم في انتشار الأمراض والبكتيرية وذباب الرمل الناقل للأمراض الجلدية, وتلوث المياه الذي يسبب أمراض معوية للأهالي نظراً لعدم تجدد المياه في النهر نتيجة الركود.

وبنقض دولة الاحتلال اتفاق عام 1987 بين الحكومة السورية والدولة التركية بضخ كمية 500 م3 بالثانية إلى الأراضي السورية ومنح مخصصات العراق بنسبة 70 بالمئة منها, فيما يتم ضخ المياه في الوقت الحالي للأراضي السوريّة بنسبة 200 متر مكعب في الثانية وسط صمت دولي واضح.

وبهذا الصدد, أجرت صحيفتنا لقاءً مع عدد من فلاحي ريف الرقة ومسؤول في مكتب الري في الرقة والذين بدورهم حذروا من حدوث أزمة إنسانية وزراعية في حال استمرت الدولة التركية بحبس مياه نهر الفرات عن سورية والعراق.

60% من الأراضي باتت غير صالحة

وقال الفلاح عبد الله العبود من ريف الرقة الغربي “إن نقص مياه نهر الفرات أمر خطير له تأثيرات سلبية على الزراعة من حيث المساحة المزروعة, وبدل من زراعتي أرضي كاملة أصبحت أزرع نسبة 50% من أرضي بسبب قلة المياه, وانخفاض المياه في النهر الذي يؤدي لتدهور عمليات ري المزروعات الصيفية, حيث نعتمد بمناطقنا بالدرجة الأولى على الزراعة وتربية المواشي في حياتنا اليومية”.

وبدوره أحمد العبد الله فلاح آخر من ريف مدينة الرقة الشمالي، قال: نناشد

المجتمع الدولي بالتدخّل بأسرع وقت ممكن لوضع حد للكارثة التي تهدد مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية من قطن وذرة صفراء وقمح في الشمال السوري، وسببها انحسار مياه النهر لأدنى المستويات بسبب نقص الكميات المخصصة الواردة من دولة الاحتلال.

وأضاف العبد الله أن “قرابة 60% بالمئة من الأراضي الزراعية في خطر، وأصبحت الأراضي مُعرضة للتملح غير صالحة للزراعة بسبب قلة الماء، حيث أدت إلى خروج مضخات الري عن الخدمة بشكل جزئي”.

ونوه العبد الله “نهر الفرات يغذي 100 ألف هكتار في مناطق الرقة لوحدها، مشيراً إلى أن الاعتماد الأكبر على الطاقة الكهربائية لاستجرار المياه السطحية أو الجوفية, وباتوا اليوم عاجزين عن تأمين المياه لأراضيهم لانخفاض مستوى النهر وجفاف بعض الآبار الارتوازية.

الري من المخزون الاحتياطي

ومن جانبه حذّر رئيس قسم الصيانة في مكتب الري محمد أويس من كارثة في حال استمرار الدولة التركية بمنع تدفق مخصصات سوريا والعراق من حصتهم من المياه.

وقال محمد أويس” مناطق شمال وشرق سوريا تعاني من انخفاض حاد في مياه نهر الفرات, بسبب عدم تدفق الكميات المتفق عليها دولياً”.

وأضاف أويس: “إن مكتب الري في الرقة يقوم بالتنسيق الدوري مع سد تشرين والفرات لأجل مياه الري, ويتم ضخ في الوقت الراهن كميات دون 200 متر م3 بالثانية باتجاه الأراضي السوريّة, وحاجة مدينة الرقة من مياه الري والشرب 100 م3, وسقاية 95 ألف هكتار من المساحات المزروعة الصيفية والشتوية”.

ونوه أويس “إن خبراء من داخل السد قالوا يتم الري من المخزون الاحتياطي لبحيرة الفرات, ويُقدر المنسوب ما يقارب الـ14 مليار متر مكعب, ويتم استخدام المخزون لري المساحات الشاسعة من الأراضي الزراعية”.

حرب لا أخلاقية

وأضاف: “تركيا تحاربنا في لقمة عيشنا, في مناطق شمال وشرق سوريا وتعتمد مناطقنا بالدرجة الأولى على الزراعة لتحقيق الاكتفاء الذاتي, وليس لدينا مصانع ومعامل للاعتماد عليها واعتمادنا الأكبر على الثروة الزراعية والحيوانية في مناطقنا”.

وفي الختام حذّر أويس من كارثة إنسانية في حال استمرت تركيا بقطع مياه نهر الفرات على المنطقة, ومناشداً المنظمات الدولية بالنظر إلى جرائم الاحتلال التركي بحق المناطق السوريّة من جهة والمناطق العراقية من جهة أخرى.