سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

هيومن رايتس ووتش: “نقل غير قانوني لمحتجزين سوريين إلى تركيا”

حلب/ رامان آزاد ـ

وسط صمت إقليمي ودولي مريب؛ تواصل دولة الاحتلال التركي ومرتزقتها انتهاكاتها في المناطق السورية المحتلة مثل سري كانيه وكري سبي وعفرين؛ وآخرها نقل المعتقلين السوريين إلى تركيا لمحاكمتهم؛ فأيّ قانون هذا الذي يشرع محاسبة دولة احتلال لمواطنين في أراضيهم، بل ومحاكمتهم خارج أراضيهم..
أصدرت “هيومن رايتس ووتش” يوم الأربعاء 3/2/2021 تقريراً عن قيام جيش الاحتلال التركي ومرتزقتها بعمليات نقل غير شرعي لمعتقلين سوريين وتقديمهم للمحاكمة أمام المحاكم التركية ووجهت إليهم اتهامات بأخطر الجرائم لا تؤيدها أدلة قانونية لتصدر بحقهم أحكام جائرة وعقوبات سجن مديدة.
مخالفة لاتفاقية جنيف
تقرير “هيومن رايتس ووتش” الذي قالت إنه استند إلى 4700 صفحة من الوثائق شمل حالات لـ 63 مواطناً سورياً، اعتُقلوا في منطقة سري كانيه، التي بدأ جيش الاحتلال التركي عملية عسكرية فيها بتاريخ 9/10/2019، ووصفت العملية بأنها انتهاك لالتزامات تركيا باتفاقية “جنيف الرابعة” باعتبارها “سلطة احتلال في شمال شرق سوريا”.
وصدر هذا التقرير يوم الأربعاء، أي بعد أيام من انعقاد الملتقى الحقوقي الثاني في مدينة قامشلو، فسلط الضوء على انتهاكات جيش الاحتلال التركي وعرض شهادات لمدنيين تعرضوا للانتهاك من ضمنهم مسنة عفرينية تم نقلها إلى الأراضي التركي وكانت شاهدة على وجود مئات النسوة في سجن يديره جنود أتراك.
وتنصّ المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة على “حظر النقل الجبري الجماعي أو الفردي والترحيل للأشخاص المحميين من الأراضي المحتلة إلى أراضي دولة الاحتلال… أيّاً كانت دواعيه”. ينطبق الحظر بغضّ النظر عما إذا كان الأشخاص الخاضعون للنقل القسري أو الترحيل من المدنيين أو المحاربين.
قال مايكل بَيْج نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: “يُفترض بالسلطات التركية باعتبارها سلطة احتلال أن تحترم حقوق الشعب بموجب قانون الاحتلال في شمال شرق سوريا، بما في ذلك حظر الاحتجاز التعسفي ونقل الناس إلى أراضيها. عوضاً عن ذلك، تنتهك تركيا التزاماتها من خلال اعتقال هؤلاء الرجال السوريين واقتيادهم إلى تركيا لمواجهة تهم مشكوك فيها وفي غاية الغموض متعلقة بنشاطهم المزعوم في سوريا”.
وذكر التقرير أنّ العدد الفعلي للسوريين الذين نُقلوا بصورة غير قانونية إلى تركيا قد يصل إلى 200 سوري، وأن العملية مستمرّة.
وفي تعريف الاحتلال قال التقرير: “تعتبر الأرض “محتلة” عندما تقع تحت سيطرة أو سلطة فعلية للقوات المسلحة الأجنبية، سواء جزئياً أو كلياً، دون موافقة الحكومة المحلية. هذا تحديد واقعي للحقائق، وبمجرد أن تصبح الأرض تحت السيطرة الفعلية للقوات المسلحة الأجنبية، تنطبق قوانين الاحتلال”.
وفي توصيف الوجود العسكري التركي قال التقرير: “تركيا هي سلطة احتلال لأجزاء من شمال شرق سوريا غزتها في أكتوبر/ تشرين الأول 2019، وتمارس سيطرة فعلية في المنطقة من دون موافقة الحكومة السورية في دمشق”.
وأضاف: “من الناحية الإدارية، تعامل تركيا المناطق التي تحتلها كجزء من تركيا – وتحديداً في هذه الحالة، مثل محافظة شانلي أورفا. حتى ديسمبر/ كانون الأول 2020”.
اتهامات مفبركة ومحاكمات شكلية
تُوجه السلطات التركية أخطر الاتهامات إلى المعتقلين مثل: تقويض وحدة الدولة وسلامتها الإقليمية، والانتساب إلى منظمة إرهابية، والقتل. وتستند بشكل أساسي إلى ادعاءات غير مثبتة بأنّ المحتجزين لديهم علاقات مع “وحدات حماية الشعب”، وبموجب القانون التركي، فإن تقويض وحدة الدولة وسلامة أراضيها يحمل أعلى عقوبة بموجب القانون الجنائي التركي (السجن المؤبد دون الإفراج المشروط ويعاقب على العضوية في منظمة إرهابية بالسجن من خمس إلى عشر سنوات)، ويفيد التقرير أنه تبين بعد مراجعة هيومن رايتس ووتش للوثائق أنّ السلطات التركية، في معظم الحالات، لم تبرز إثباتات بأنّ المحتجزين كانوا محاربين نشطين أو أنهم ارتكبوا أي جرائم. وقالت أسر المحتجزين وأقرباؤهم أنّهم كانوا يشغلون مناصب إدارية أو منخفضة المستوى داخل الحزب.
أخطر ما في القضية هو تزويرها للحيثيات والتفاصيل وتناقضها، ويذكر التقرير أن الوثائق تؤكد “اعتقال ونقل سبعة من الأشخاص الثمانية الذين قابلنا أقرباءهم. تشير لوائح الاتهام الموجهة ضدهم اسمياً إلى رُها (شانلي أورفا) كموقع اعتقالهم والجريمة المزعومة رغم الإشارة إلى أن أنشطة الأفراد المزعومة حدثت فقط في سوريا”، وتتضمن الوثائق الداعمة التي تسجل اعتقالهم على الأراضي السورية ونقلهم إلى تركيا.
كما تحدث التقرير عن محاكمات شكلية وأن توكيل المحامين لم يتجاوز التمثيل القانوني ولا يتضح ما إذا كان يمكنهم تقديم أي تمثيل قانوني فعال.
قال بَيْج: “لم يُنقل هؤلاء السوريون فقط بشكل غير قانوني إلى تركيا للخضوع لمقاضاة تعسفية، إنّما أيضاً فرضت عليهم المحاكم أعلى عقوبة ممكنة في تركيا، وهي السجن المؤبد من دون إفراج مشروط، في خطوة فائقة القساوة”.
أدانت محكمة الجنايات العليا في رُها (شانلي أورفا) خمسة من أصل 63 سورياً وحكمت عليهم بالسجن المؤبد. قال والد أحدهم: “حُكم على ابني بالسجن لمدّة 36 عاماً. أرسلوا الحكم إلى محكمة الاستئناف المحلية في غازي عنتاب لتخفيضه، لكنهم أعادوه نفسه. كان حكم القاضي حكماً أسود، ولا رحمة في مثل هذه الحالات”.
اعتقالات تعسفية وتعذيب
يذكر التقرير أن الاعتقالات جرت بصورة تعسفية، وفي إحدى الحالات دُفع مبلغ 10 آلاف دولار أمريكي لتجنب الاعتقال فيما لم تتوفر إمكانية المال بالنسبة لآخرين.
وفيما يتعلق بالمعاملة ذكر التقرير أن 27 سجلَ تعريفٍ مكتوب للمحتجزين على الأقل تضمن صوراً لمحتجزين تظهر فيها علامات لسوء معاملة شديد، (كدمات على الوجوه، وتورم في العينين، وكسر بالأنف، وتشقق في الشفاه).
قال شقيق أحد المحتجزين إنّ شقيقه أخبره عبر الهاتف أنّه تعرّض للضرب لدى اعتقاله على يَد عناصر الجيش الوطني السوري، ولاحقاً من القوى الأمنية التركية.
تجاهل لحقوق المحتجزين
كما تتجاهل سلطات الاحتلال التركي حقوق المحتجزين، وذكر التقرير أن الجيش التركي والجيش الوطني السوري ملزمة بالامتثال لقوانين حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، في معاملة المحتجزين بإنسانية والحرص على تأمين جميع حقوقهم.
ويحظر القانون الدولي الاحتجاز التعسفي ويستوجب من السلطات تسجيل جميع الاعتقالات بطريقة صحيحة وتقديم معلومات عن وضع أي شخص محتجز ومكان وجوده لمَن يطلبها. ينبغي أن يُسمح للمحتجزين الاتصال بعائلاتهم. ولكن السلطات التركية لا تلتزم حتى بالقانون التركي الذي يضمن حق المحتجزين الاتصال بعوائلهم.  ويذكر التقرير أن الوثائق تُظهر أن محتجزين وقّعوا على وثائق يتنازلون فيها عن حقهم في الاتصال بأسرهم.
التوصيات
خلص التقرير إلى توصيات مقتضبة، منها توقف السلطات التركية عن نقل المواطنين السوريين من المنطقة المحتلة واحتجازهم ومحاكمتهم في تركيا. والسماح فوراً للمحتجزين لديها بالاتصال بأسرهم، وإعادة المحتجزين السوريين الذين نُقلوا إلى تركيا إلى الأراضي المحتلة في سوريا فوراً. واستبعاد اعترافات أخذت بالإكراه، أو عبر قانون “التوبة والندم”، ومحاسبة المسؤولين عن الاعتقالات التعسفية.
وما يلفت الانتباه أن التقرير رغم توصيف الوجود التركي في الأراضي السورية بالاحتلال أوصى بمراعاة اتفاقية جنيف، ولم يوصِ بإنهاء الاحتلال، وكأنه أراد تجميل الاحتلال، فهل خضع لضغوطٍ في هذا الصدد، لأن سيادة الدول لا تخرج عن مضمون القوانين الدولية أيضاً.
الأسيرة جيجك كوباني
في تقرير لموقع العربية نشرته في 3/6/2020 تحدثت عن المقاتلة الكردية في وحدات حماية المرأة دوزكين تمّو المعروفة بـ”جيجك كوباني” التي أسرها المرتزقة الموالون لأنقرة عند الحدود الإدارية لمنطقة تل أبيض/ كري سبي، وسُلمت للجانب التركي الذي اتهمها بالتورط في ارتكاب أنشطة “إرهابية”.
وصف المحامي التركي هِدايات أنمَّك، الذي يتولى الدفاع عنها مع سوريين آخرين تقاضيهم أنقرة منذ أن استلمتهم أواخر أكتوبر /2019/ هذه المحاكمات، بـ”غير المقبولة وغير القانونية إطلاقاً”.
وقال أنمّك: “موكلتي تعرّضت لتعذيبٍ وحشيّ، فقد أطلقوا رصاصتين على قدميها قبل تسليمها للجانب التركي”، مضيفاً “أنّها تلقت العلاج لنحو أسبوع نتيجة ذلك في المشفى، لكنها رغم ذلك تمشي على عكازين، وتعرّضت مرة أخرى للتعذيب داخل السجون التركية”.
وتابع “أنقرة تتهمها بمحاربة الدولة التركية واستهداف وحدة أراضيها وعلى هذا الأساس تقاضيها الآن، لكن هذا أمر غير منطقي وغير شرعي، فهي مواطنة سورية تنحدر من عائلة من كوباني وهي من مواليد مدينة الرقة، فكيف تحاكم في تركيا التي لا صلة بها أبداً؟”.
وشدد المحامي على أن “محاكمة جيجك كوباني كغيرها من المحاكمات التي يخضع لها السوريون داخل الأراضي التركية، غير منطقية وغير قانونية وتخالف القانون الدوليّ، ولا يوجد أساس قانوني لها، حتى في القانون التركي”.
وأشار إلى أن “موكلته وقعت أسيرة وهي لم تكن تحارب الجيش التركي بشكلٍ مباشر، فقد كانت في موقع الدفاع عن النفس وليس الهجوم، لذلك في حال كانت متهمة، فيجب أن تُحاكم في سوريا، لا في تركيا”.
لا بيانات دقيقة عن المعتقلين
وبحسب محامي دفاع جيجك كوباني، فإن أكثر من 100 مواطنٍ سوري معتقلون بمقاطعة رُها (شانلي أورفا) ويواجهون تهم الإرهاب ومحاربة تركيا واستهداف وحدة أراضيها بعد أن سلّمهم المرتزقة للجانب التركي.
وقال المحامي في هذا الصدد إن “غالبية أولئك المعتقلين من الشعب العربي ومعظمهم لم يكونوا مقاتلين عسكريين، بل أعضاء في قوى الأمن الداخلي (الأسايش). وكشف أن “بعضاً من هؤلاء حكمت أنقرة عليهم بالفعل بالسجن مدى الحياة، لكن في الواقع لا بيانات دقيقة لدينا عن عددهم، وهناك آخرون ينتظرون جلسات النطق بالحكم، لكنها تأخرت نتيجة تفشي فيروس كورونا في البلاد”.
ولفت إلى أن “جميعهم ينحدرون من عائلات فقيرة ولا يستطيع ذووهم توكيل محامين لهم، وبعضهم يجد صعوبة في تأمين المستلزمات الشخصية كالملابس وأدوات التنظيف داخل السجون نتيجة ظروفهم المالية السيئة”.
وكان المدعي العام التركي بمقاطعة رها (شانلي أورفا)، قد أكد نهاية العام الماضي، وجود نحو مئة مواطن سوري محتجز في سجون المقاطعة.
وتعارض مؤسسات حقوقية سوريّة، مقاضاة سوريين في المحاكم التركية وتعتبرها “انتهاكاً للقانون الدوليّ”.
ويُلزم القانوني الدولي بموجب اتفاقية “جنيف الرابعة”، الدول المحتلة، عدم مقاضاة المقاتلين الذين وقعوا في الأسر لدى قواتها أو المدعومين منها، خارج الأراضي التي احتلتها. كما تمنع إخراجهم منها بالقوة، وفق الاتفاقية ذاتها.
في 15/12/2020 اتهم تقرير الأمم المتحدة أنقرة بنقل عشرات المواطنين السوريين إلى تركيا لمحاكمتهم منذ العدوان التركيّ في 9/10/2019 واستند إلى شهادات أقرباء المعتقلين.
قصص من عفرين
تقرير المنظمة الدولية لم يتوقف على الانتهاكات وعمليات نقل معتقلين ومعتقلات في عفرين التي احتُلت في 18/3/2018، حيث لا تعرف تفاصيل عمليات الإخفاء القسري ومصير المئات من المواطنين المختطفين والمعتقلين، وتفيد معلومات أن عدداً كبيراً منهم نُقِلوا إلى تركيا عن طريق الاستخبارات التركية أو الميليشيات الإخوانيّة.
عددٌ كبيرٌ من المختطفين في عفرين احتُجزوا في سجون تركية تشرف عليها الميليشيات الإخوانية، ويحضر ضباط من الاستخبارات التركية لإجراء التحقيق، كما يتم نقل معتقلين إلى الأراضي التركية ويقدمون إلى محاكم تركية.
أصدرت محكمة هاتاي التركية في 12/12/2019، أحكاماً متفاوتة على أحد عشر من المواطنين الكُرد الذين اعتقلوا في أواسط أيلول 2018، من منازلهم في قرية “عمرا/عمر اوشاغي” التابعة لناحية راجو، على يد استخبارات الاحتلال التركية ومرتزقة “الشرطة المدنية”.
وتضمن الحكم المؤبد على سبعة منهم (الشقيقين “إدريس وجنكيز إبراهيم نعسان”، ريزان بهجت أحمد بهجت، مسعود مجيد كلكاوي، رمضان حنيف محو، محمد خلوصي جعفر، فراس فائق كلكاوي)، وأصدرت حكماً بالسجن لمدة (12عاماً) على أربعة مواطنين آخرين هم (الشقيقان إيبش وأحمد محمد محو، حسين أحمد كلكاوي، رشيد صبري محو).
وفي تصريحٍ لوكالة ميزوبوتوميا، في 14/12/2019 أكد المحامي صبحي ظريف – من فريق الدفاع عن المعتقلين- أن محكمة الجنايات الثانية في هاتاي حكمت بالمؤبد ثلاث مرات على السبعة بتهم (تخريب وحدة الدولة وسلامتها، القتل العمد، الانتماء إلى حزب العمال الكردستاني) وبالسجن (12 عاماً) على الأربعة بتهمة (الانتماء إلى حزب العمال الكردستاني).
وأفاد ظريف للوكالة أن هيئة المحكمة لم تأخذ رأي فريق الدفاع والدلائل التي قدَّمها بالاعتبار ولا إنكار المعتقلين لإفاداتهم التي أخذت منهم تحت التعذيب الشديد لدى الاستخبارات والدرك التركي، وأكد أن العسكريين التركيين اللذين اتُّهم المعتقلون بقتلهما، قد توفيا بشظايا كبيرة أثناء الأعمال القتالية، وشدد على أن المحكمة وضعت ختمها على قرارٍ غير محق أبداً ضد موكليهم وبدون ذنب وبحجج بعيدة عن العقل، وأن فريق الدفاع سيطعن بقرارات الحكم لدى محكمة الاستئناف.
وكانت وكالة الأناضول ووسائل إعلام تركية أخرى، نشرت الخبر في حينه مع صور ومقطع فيديو يُظهر نقلهم إلى مركز للجندرمة بولاية هاتاي التركية، وتبين من خلاله تعرض المعتقلين للتعذيب، فقد كانت أجسادهم منهكة، وبالكاد يستطيعون المشي وهم حفاة، وعلى أرجلهم ضمادات الجروح.
ويذكر أن مواطنين آخرين من نفس القرية (خوشناف نعسان بن رمزي- اعتقل في القرية، شيرفان نعسان بن عزيز- اعتقل في تركيا) وأُخفيا قسراً منذ آذار 2018، ولا يزال مصيرهما مجهولاً.
في 7/7/2020 نشر عفرين بوست نقلاً عن مصادره، خبر اعتقال الاستخبارات التركية الشاب الكردي “منان عبدو إيبش (19 عاماً) بتاريخ 15/8/2019 من منزله الكائن بالحارة التحتانية ــ محيط التل الأثري بمدينة جندريسه”، واتهمته بزرع الألغام، وساقته إلى داخل الأراضي التركية. وأضاف المصدر أنه علم مؤخراً أن محكمة تركية قضت بالسجن المؤبد على الشاب منان، بتهمة انتمائه للقوات العسكرية إبان فترة “الإدارة الذاتية” السابقة، وقيامه بزرع الألغام، علماً أنه كان قاصراً لحظة اعتقاله.
kitty core gangbang LetMeJerk tracer 3d porn jessica collins hot LetMeJerk katie cummings joi simply mindy walkthrough LetMeJerk german streets porn pornvideoshub LetMeJerk backroom casting couch lilly deutsche granny sau LetMeJerk latex lucy anal yudi pineda nackt LetMeJerk xshare con nicki minaj hentai LetMeJerk android 21 r34 hentaihaen LetMeJerk emily ratajkowski sex scene milapro1 LetMeJerk emy coligado nude isabella stuffer31 LetMeJerk widowmaker cosplay porn uncharted elena porn LetMeJerk sadkitcat nudes gay torrent ru LetMeJerk titless teen arlena afrodita LetMeJerk kether donohue nude sissy incest LetMeJerk jiggly girls league of legends leeanna vamp nude LetMeJerk fire emblem lucina nackt jessica nigri ass LetMeJerk sasha grey biqle