نماذج مشرقة لنساء عاملات في شمال وشرق سوريا تزيح الدور المهيمن للرجل

روناهي/ الحسكة –

العديد من الصور المشرقة لنساء عاملات في إقليم شمال وشرق سوريا، استطاعت مع الوقت التغلب على الدور المهيمن الذي لعبه الرجل عبر التاريخ، خلال العمل في مجالات طالما كانت حكراً على الرجال.

شكلت ثورة التاسع عشر من تموز عام 2012، علامة فارقة في حياة الكثير من نساء شمال وشرق سوريا، ومنعطفاً تاريخياً نحو تحقيق ذواتهن، التي ظلت طويلاً مهمشة ورهينة إرضاء للرجل.

وبهذا المعنى فقد تراجع دور الوصاية الذكورية في المنطقة خلال العقد الأخير، مع ظهور المسارات الداعية للعدالة الاجتماعية والإيمان بإعادة تنظيم المجتمع وتوزيع الأدوار الاجتماعية، والرغبة الجارفة برفع الاضطهاد عن النساء. وقد فتحت الأعمال، التي مارستها النساء مع مرور الوقت أعينهن على أهمية العمل، وعدم الاعتماد المالي الكلي على الرجل.

في بلدة تل طويل الواقعة شمال مدينة الحسكة تقطن “كفاء موسى“، وهي أم لأربعة أطفال، وتعمل في مختلف الأعمال لتعيل أطفالها. تقول كفاء: “أعمل في معمل لصناعة الحلويات، ولكن عند توفر فرص عمل أخرى كالتحميل والتنزيل أقوم بأخذ إجازة يومية من عملي، لأن مردود هذه الأعمال أفضل من الناحية المادية”.

وفي ناحية تل تمر شمال غرب الحسكة؛ تبدو نساء القرى مصممات على تطوير وتنمية الزراعة وإعالة أسرهن.

فإحدى هؤلاء النساء هي “كفوكة ظاهر“، التي تعيش في قرية تل نجمة التابعة للناحية، حيث زرعت وهي في الستين من عمرها بستان من الخضروات لإنقاذ منزلها وأسرتها من الأزمة الاقتصادية، وهي تعمل دائماً في البستان تحت حرارة الشمس.

تقول كفوكة: “الزراعة جزء أساسي من حياتي. هي صعبة، لكنني أطور الزراعة بشغف، لكن للأسف أصبحت الزراعة صعبة للغاية في مناطق إقليم شمال وشرق سوريا بسبب نقص المياه، لا سيما مياه نهر الخابور التي تم قطعها من قبل الاحتلال التركي”.

وداخل مدينة الحسكة؛ وبين أزقة أحيائها، تقود “صباح ناصر” دراجتها ذات الثلاث عجلات (طريزينة)، ففي الصيف تبيع قوالب الجليد، وفي الشتاء تبيع ألعاب الأطفال وبعض الأكلات الخفيفة. وتؤكد صباح أنها تعمل في هذه المهنة كي تعيل أسرتها.

ويبدو أنه في ظل الأزمة السورية؛ انخرطت العديد من النساء في عموم البلاد، في أعمال طالما كانت حكراً على الرجال وفق المفهوم الذكوري الذي كان سائداً في المجتمع، فأصبحت ميادين كالبناء وقيادة سيارات الأجرة وإصلاح السيارات والتمديدات الصحية والكهربائية وتخليص المعاملات، تتسع للنساء أكثر.

في تدقيق متأنّ للمشهد الجندري العام في سوريا، نلاحظ أن الحرب أزاحت دور الرجل تدريجياً وتراجعت صلاحياته المتناهية الموروثة تاريخياً المتحكمة بتفاصيل عيش النساء وأسلوب حياتهن.