تعاني زوجات المعتقلين اللواتي فقدن أزواجهن في سجون مرتزقة ما يسمى بـ “هيئة تحرير الشام”، ظروفاً معيشية صعبة، دفعت معظمهن للعمل بمهن شاقة، ضمن بيئات عمل قاسية؛ لإعالة أطفالهن، وأسرهن في ظل تغييب المعيل، والحالة الاقتصادية الصعبة، والفقر المدقع، الذي يحاصرهن.
منذ أربعة أشهر تحاول “مريم الحجي” ذات 35 عاماً، وهي أم لثلاثة أطفال، البحث عن زوجها المعتقل في سجون مرتزقة ما يسمى بـ “هيئة تحرير الشام”.
الأوضاع المعيشية والاقتصادية السيئة، التي تعيشها العائلة، بالإضافة لفقدانها المعيل، دفعت مريم للعمل في مهن شاقة، وبأجور قليلة للإنفاق على أطفالها، بعد أن يئست من العثور على زوجها، أو معرفة معلومات تفيد بمكان احتجازه، أو حتى توضيح التهم الموجهة إليه.
العمل في مجالات متعددة لإعالة أسرتها
وقالت، إنها وجدت نفسها المسؤولة الوحيدة عن العائلة بعد غياب زوجها، ما دفعها للعمل في مجالات، ومهن مختلفة “كعاملة نظافة في الأبنية الطابقية، وضمن الورشات الزراعية” وبأجور رمزية، حتى تتمكن من إعالة نفسها وأطفالها.
وأضافت، أنها لن تتمكن من تسجيل أطفالها في المدرسة هذا العام، بسبب عدم قدرتها على دفع تكاليفها، والأقساط السنوية المترتبة عليهم، وهو ما يؤثر على تحصيلهم العلمي، ومتابعة دراستهم بشكل كبير.
وأشارت إلى أن استمرار اعتقال زوجها، يعرضها، وأطفالها لواقع اقتصادي، ومعيشي صعب، وخاصةً مع اقتراب فصل الشتاء، الذي لا تتوافر فيه فرص عمل، بالإضافة لتكاليف التدفئة، التي يعد تأمينها خيالياً فيما يتعلق بها؛ ما سيجعلها تواجه خطر العوز، أو التسول.
لم تكن “نسرين الحاج موسى” البالغة من العمر 28عاماً، والتي تقيم في مخيمات أطمة شمال إدلب، أفضل حالاً من سابقتها، حين عمدت الأجهزة الأمنية التابعة لهيئة تحرير الشام باعتقال زوجها، لأسباب تصفها بـ “المجهولة” ودون توجيه أي تهمة له.
وقالت: إنها وبعد أكثر من عام على اعتقال زوجها، وعدم قدرتها على التوصل إلى معلومة تفيد بمكان اختفائه، أصبحت عرضة للضغوطات النفسية والاجتماعية، والاقتصادية، خاصةً بعد أن بدأ ذووها الضغط عليها للطلاق، وترك طفليها، بسبب عدم قدرتها على تحمل مسؤولياتهم ونفقاتهم بمفردها.
وتتساءل: “كيف تسول لهم أنفسهم اعتقال شخص معيل لأسرته، دون أي تهمة أو سبب؟”، معبرةً عن حزنها وألمها لما آل بها الحال مع أطفالها من تشرد، خاصةً أنها غير قادرة على العمل لإعالة نفسها، نتيجة عدم إتقانها لأي مهنة، وعدم حيازتها على شهادة تمكنها من العمل.
ولفتت إلى إنها تريد أن تتعلم مهنة الخياطة والتطريز، لكي تتمكن من الاعتماد على نفسها في تأمين مستلزماتها المعيشية، والاقتصادية، دون اللجوء، وطلب المساعدة من أحد.
“النساء اللواتي فقدن أزواجهن أكثر تضرراً من غيرهن”
وقالت المرشدة النفسية والاجتماعية “نسيبة اليوسف” البالغة من العمر 42 عاماً، إن فقدان المرأة لزوجها، أو معيلها يجعلها ضمن بيئة وأجواء أسرية صعبة، نتيجة المسؤوليات الكبيرة، التي ستترتب عليها في إعالة الأسرة، والاعتناء بها داخل وخارج المنزل.
وأوضحت، أن النساء اللواتي فقدن أزواجهن بطريقة الاعتقال، يكنّ أكثر تضرراً من غيرهن، بسبب صعوبة القرارات التي يتخذنها مثل الطلاق، أو الزواج، خاصةً وأنهن لا يعلمن أوضاع أزواجهن، أو مكان تواجدهم، ليواجهن ضغوطات على الأصعدة النفسية والاجتماعية كافة.
وأشارت نسيبة إلى ضرورة التحرك للحد من الاعتقالات التعسفية، التي تشهدها محافظة إدلب، إذ أنه من حق المعتقل، أو عائلته معرفة مكانه، والتهم المنسوبة إليه، أو توكيل محامٍ للدفاع عنه، وهو ما لا يتواجد في مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام، التي تعتقل الشخص بصيغة الاختطاف، تاركاً خلفه عائلة، وأطفالاً، مصيرهم أشبه بالمجهول.
وكالة أنباء المرأة