نحو كادر تدريسي مميز.. الدورات التدريبية مستمرة بالحسكة

تقرير/ آلـدار آمـد ـ دلال جان –

روناهي / الحسكة – تعد هيئة التربية والتعليم من أهم القطاعات التي كانت لها الأولوية في ثورة روج آفا على مدى السبع سنوات الماضية، وواجهت الكثير من الصعوبات من أجل الوصول إلى الأهداف التربوية التي وضعتها نصب عينيها، واستطاعت خلال هذه الفترة تجاوز العراقيل كافة، حيث أمَّنت الآلاف من الكوادر التدريسية من معلمين ومعلمات من أجل القيام بالعملية التدريسية بلغات روج آفا والشمال السوري الثلاث العربية والكردية والسريانية، في الوقت الذي كانت فيه هذه الثقافات ممنوعة من التداول بفرض لغة واحدة على المجتمع وإقصاء الأخريات، وكانت سياسة التربية لدى الأنظمة الحاكمة هي خلق مجتمع تابع ويسير وفق سياسته وخاضع له.

واستطاع المشرفون على العملية التربوية في الشمال السوري خلال فترة وجيزة تأمين المناهج التدريسية للمراحل كافة، حيث تم تدريس الابتدائية والإعدادية حتى وصلت إلى المراحل الأولى من المرحلة الثانوية وفق منهاج علمي تم إعداده، وأشرف عليه مختصون من المجالات كافة، حيث يحقق هدفهم المنشود، وهو خلق الشخصية القادرة على بناء مجتمع ديمقراطي حر يخدم المجتمع بكلِّ شرائحه، بعيداً عن العصبية والمذهبية ويؤمن بالتنوع الثقافي والديني، وهو مصدر تطور المجتمع الحر، وقد عمدت منسقية إقليم الجزيرة على إصدار قرار بإخضاع المدرسين في الإقليم كافة لدورات تدريبية مكثفة لشهري (تموز، وآب)، ولكلِّ المدرسين والمدرسات على مستوى مناطق الجزيرة؛ من أجل رفع المستوى التعليمي والفكري لهم ولكلِّ المراحل، وقد أعدت صحيفة روناهي تقريراً عن هذه الدورات، حيث أجرينا حوارات مع عدد من المشرفين والمتدربين لإلقاء المزيد من الضوء عليها.
الإداري في لجنة المدارس العامة بمقاطعة الحسكة مالك علي حدثنا بهذا الصدد قائلاً: «منذ أن بدأت العملية التربوية في روج آفا وشمال سوريا، وافتتاح المدارس فيها استمرت عملية إعداد المعلمين والمعلمات، حيث يخضعون لدورات تأهيل وتدريب بين الفينة والأخرى»، قائلاً: «تهدف بالدرجة الأولى لإعداد الكادر المتمكن من إيصال المعلومة للطلاب؛ لأنهم الهدف الأساس من العملية التربوية، ومن أجل ذلك تم افتتاح أكثر من 35 مركزاً في مقاطعة الحسكة يخضع فيه أكثر من 9700 مدرسٍ ومدرسة لدورات تدريبية مكثفة»، وأفاد علي: «تبدأ الدورة من الساعة الثامنة صباحاً حتى الثانية عشرة والنصف ظهراً، وتحت إشراف مدربين متخصصين ولمختلف المراحل»، مؤكداً: «على أنَّ الكوادر التدريسية جميعها في المقاطعة تلتزم بهذه الدورة كون الهدف منها رفع مستوى المدرسين من جهة، وتوسيع معارفهم العلمية في عملية التدريس والأسلوب الجديد في وصول المعلومات إلى الطلاب بشكل سلس وصحيح من خلال الرغبة والتشويق فيها من جهة أخرى، وذلك من خلال المنهاج الذي أعدته هيئة التربية والتعليم التابعة للإدارة الذاتية الديمقراطية، والتي تؤكد فيها على أن المجتمع الحر هو الذي يحقق العدالة والمساواة بين الشعوب وأنَّ الطبيعة ذات الألوان المختلفة هي نفسها المجتمع الذي تتنوع فيه الأعراق واللغات، وهذا يعبر عن جمال مجتمعنا»، واختتم الإداري في لجنة المدارس العامة بمقاطعة الحسكة مالك علي حديثه بالقول: «لذلك ثابرنا على إعداد المدرسين وهي العملية التي تشكل دعامة أساسية في العمل التربوي من أجل تقوية الأجيال القادمة والتي ستنشأ على ثقافة جديدة، وهي الديمقراطية البعيدة كل البعد عن التسلط والعصبية والأنانية، وهدفنا هو مجتمع ديمقراطي حر يسوده المساواة والعدالة وإخوة الشعوب بين جميع أطياف و شعوب روج آفا وشمال سوريا».
وأيضاً التقينا بالمشرفة على مركز التدريب في مدرسة الشهيد أحمد مخلف كلالة المحمد والتي حدثتنا بدورها عن المركز قائلةً: «يخضع أكثر من 385 متدرباً من المعلمين، موزعين على اثنتي عشرة قاعة لدورةٍ مكثفة، من أجل إعدادهم ورفع مستواهم وزيادة معرفتهم بطرق التدريس والمنهاج التربوي»، مؤكدةً: «على أنَّ الهدف منها الوصول لعملية تربوية سليمة للطلاب وإيصال المعلومة إليهم بطرق صحيحة»،وقالت: «يتمُّ التدريب على المواد الواردة في المنهاج التربوي لجميع المراحل، وعلى المواد التالية (العلوم، واللغة الكردية، والرياضيات، والمجتمع)، من قبل مدربين مختصين من ذوي الخبرات، كما يقوم المتدربون بإعداد وتحضير المواد من أجل التدريب عليها أمام المتدربين وإلقاء الدروس في القاعات بحضور المشرفين، بالإضافة إلى إجراء اختبارات أسبوعية»، وأضافت المشرفة على مركز التدريب في مدرسة الشهيد أحمد مخلف كلالة المحمد: «لاحظنا خلال هذه الدورة الحرص الشديد من قبل المتدربين على معرفة كل ما يتعلق بالمنهاج التربوي والأساليب المتطورة للتدريس، كما نعمل على تأمين احتياجات المتدربين كافة خلال الدورة ضمن الحدود والإمكانيات المتاحة».

أما مركز الشهيد سعد بن أبي وقاص الخاص بالتدريب لمنهاج اللغة العربية فأفادنا رئيس المركز ابراهيم عثمان بالتالي: «يبلغ عدد المتدربين على مناهج اللغة العربية في هذا المركز أكثر من 380 متدرباً من الشعب العربي الحائزين على شهادات جامعية من مناطق الحسكة وريف تل براك»، وأكَّد عثمان على أنَّهم يتلقون دورات تدريبية على مناهج اللغة العربية وهي: (الرياضيات، والعلوم، واللغة العربية، والمجتمع)، وطرائق التدريس من قبل مدرسين مختصين، بهدف تعليم المتدربين على المناهج الجديدة والأساليب الصحيحة في طرائق التدريس، ومعرفة هذه المناهج واستيعابها بشكل مناسب ومعرفة كيفية إيصال المعلومات إلى الطلاب»، وأضاف عثمان: «لمسنا خلال هذه الدورة روح الأخوة والتعاون بين شعوب روج آفا والشمال السوري والمشاركة الجماعية الهادفة، التي نسعى جميعاً من خلالها لبناء مجتمع خالٍ من الحقد والأنانية وخلق جيل بناء قادر على تطوير مجتمعه ويؤمن بالعيش المشترك القائم على الاحترام المتبادل وحقوق الآخر وهذا ما كنا نفتقده خلال عقود»، مختتماً: «وهو السبب الأساس في تخلفنا عن ركب الحضارة والتطور ونعاني بسببه من التخلف والفقر، ونسعى اليوم لخلق جيلٍ علمي قادر على قيادة المجتمع وتطويره من خلال عملنا هذا».

كما حدثنا بهذا الخصوص المتدرب سامي حمود سليمان من الشعب العربي؛ قائلاً: «إن لهذه الدورات أهمية كبيرة، فقد تمت الاستفادة منها كثيراً خلال الأسابيع الماضية، حيث كان المتدربون من ذوي الاختصاص والخبرات, وقد تدربنا على عدة مستويات أهمها كان تنظيم الوقت وروح التعاون والمشاركة الجماعية وروح الأخوة والمساواة بين المتدربين والإدارة، ومن الناحية التدريسية كانت الاستفادة كبيرة جداً، من ناحية زيادة المعلومات العامة وكيفية معالجة مشاكل الطلاب، وأيضاً الاهتمام بهم وكيفية وصول المعلومات إليهم».

ومن أجل زيادة التواصل بين المراكز التربوية والمجالس والكومينات التقينا بالإدارية في لجنة التدريب والتعليم بمجلس مقاطعة الحسكة فاطمة العلي والتي أفادتنا: «من أجل الوصول إلى أفضل النتائج للعملية التربوية التي يشهدها إقليم الجزيرة، تتواصل اللقاءات بين ممثلي لجنة التدريب والتعليم في المقاطعة وممثلي لجنة إدارة المدارس، من أجل مناقشة القضايا المتعلقة بالتربية والتعليم جميعها، حيث يتم التنسيق والتعاون على حل مجمل الصعوبات والمشاكل التي تعرقل حسن سير العملية التربوية وتأمين المستلزمات التي يمكن أن تفيد عملية التربية والتعليم في المقاطعة كافة. نهدف إلى زيادة تطوير هذا القطاع ليكون قادراً على بناء جيل واعٍ متطور ذي شخصية اجتماعية قادرة على إدارة المجتمع بروح الأخوة والمساواة بين جميع المكونات في المنطقة وزرع ثقافة الأمة الديمقراطية التي أصبحت حلاً لجميع قضايا مجتمعنا والمنطقة عموماً».