الإمارات/ غزال العمر ـ
يوتيوبرٌ شابٌ صاحب نكتةٍ وحضور، يقدم محتوى ذا لمسةٍ إنسانية، وطابعٍ فكاهي، ومجتمعيٍّ مميز، لأمٍ كردية وأبٍ عربي في النصف الأول من العقد الثاني من عمره، لكن خبرته في الحياة، وشهرته الواسعة تقطع أشواطاً هامة في حياته، أنّه اليوتيوبر الشاب ناصيف عبد العزيز ابن مدينة الحسكة حديث الشارع، وسفير المحبة كما يطلق عليّه جمهوره.
تضج وسائل التواصل الاجتماعي بكثرة الأسماء، والأشخاص، الذين يصبح لهم تأثير في المجتمع على الناس، سواء بشكل سلبي، أو بشكلٍ إيجابي حسب المحتوى الذي يقومون بتقديمه، لكن لكلِّ شخصٍ طريقته بعرض المحتوى، والتعامل والتفاعل مع جمهوره.
البداياتُ ورحلةُ الصُّعودِ
بدأ ناصيف عبد العزيز عمله كيوتيوبر منذ خمس سنوات تحديداً بعام ٢٠١٧م بعمرٍ صغير، فلطالما جذبته منصات التواصل الاجتماعي، وحفزته ليدلو بدلوه مثله مثل أيّ شابٍ تغويه حبال الشهرة، وصعود سلم المشاهير: “أحبُّ التمثيل منذ صغري، والجميع كان يلاحظ موهبتي ويثني عليّها، ووسائل التواصل الاجتماعي عالمٌ مفتوحٌ للجميع”.
يقول عبد العزيز بحديثٍ خص به جريدتنا “روناهي” أنّه بدأ عمله ضمن خُطا مدروسة وممنهجة، فأعماله التي يقدمها ليست وليدة الصدفة، ولا ضربةً لدولاب الحظ حسب وصفه.
وتابع الشاب حديثه عن البدايات: “وُجِّهَت إليَّ أصابع الاتهام باللعب والاستخفاف بالعقول، التي أخاطبها من المجتمع المحيط بي، ظناً منهم بأنّي سأقدم مادةً غير هادفة”.
لم يلقَ رفض المحيطين به صدىً بداخل الشاب، الذي لا أحد يعرف أهدافه، وأحلامه، وطموحاته، التي يعدّها أكبر من الشهرة إلا والداه اللذان شجعاه، وأثنيا على فكرته.
شعبيةٌ ومحبةٌ من الناسِ
هذا وقد بدأت موهبة الطفولة في التمثيل تظهر من خلال الفيديوهات، التي يقدمها بطريقةٍ فكاهية ترفيهية، وواجه صعوباتٍ في رفع عدد المشاهدين، ليتوسع بعد ذلك عمله، وبدأ ينزل للشارع يطرح الأسئلة البسيطة، ويقدم للفائزين جوائز مالية نقدية بسيطة، ليصل عدد المشتركين لديّه في قناته إلى ٣٥ ألف مشاهد: “أساعد الناس من خلال هذه الفكرة، ولا أشعرهم بأنّهم بحاجة، بل هذا المبلغ الذي ربحوه مكافأةً لاجتهادهم بحل اللغز، ولاجتهادهم”.
مبالغٌ بسيطة تتراوح بين العشرة آلاف، والخمسين ألف ليرةً سورية، لا تغني صاحبها، لكنها ربما تأتي بلحظة عوز تفك مشكلة، وتقضي حاجة على حد تعبيره.
ويذكر: أنّه أخذ بنصيحةٍ من أحد أصدقائه بتخصيص جزءٍ من مخصصات القناة، وأرباحها للفقراء والمحتاجين، وبذلك يكسب شعبية، ويشعر بقيمة مساعدته للناس.
الوصولُ للحلمِ… درعُ اليوتيوبر
“الدرع في متناول يدي هذا لا يُصدق” يقول اليوتيوبر واصفاً فرحته عند حصوله على الدرع، وبلوغ عدد مشاهدي قناته ومتابعيه للمليون: “لا شيء يعادل قطفك لثمار تعبك، الدرع كان حلماً صعباً لكنّه ليس مستحيلاً”.
إرادة الشباب، وتحدي الظروف والأمل بغدٍ أفضل، كلّها أسبابٌ مجتمعة للنجاح والكلام دائماً على لسان ناصيف.
أما ماذا قدم وكيف يوزع المساعدات، أوضح بأنّ سنة ٢٠٢١م وُزّعت مبالغ مالية كبيرة تتراوح بين الـ٣٥٠ مليون لـ ٤٠٠ مليون: “رممنا منازل، وبنينا بيوتاً، وأدخلنا البهجة والسرور لقلوب أطفالٍ من ذوي الاحتياجات الخاصة من خلال كراسٍ كهربائية متحركة”.
عمليات جراحية ومساعدات إنسانية، بناء جوامع، ودخول مخيمات، كلّها أشياء تساهم ولو بجزءٍ بسيط من خلال الشعور بالآخرين.
“فخورٌ بأنّي ابن هذه المنطقةِ الطيبّةِ”
وعن الأسلوب الذي ينتهجه الشاب في عمله، يقول: أنّه لا يجد أنّ النكتة دائماً متقبلة لشعبٍ أرهقته الحرب نفسياً، فقرر الاتجاه بطرح تجارب اجتماعية وحصل على ٣٠٠ ألف مشترك.
الهدف كان رفع اسم منطقته، والبداية بدأت حين نزل منشوراً عبر صفحته على الفيس بوك عن الحسكة، ليسأل أحد المتابعين عن الحسكة، وأين تقع؟ ومن هنا حاول إظهار اسم منطقته التي يتميز سكانها، وأهلها، بالكرم، والتآخي، والانسجام بين شعوبها: “أتنقل وفريقي التابع للقناة في مناطق شمال شرق سوريا، من الرقة مروراً بدير الزور وصولاً لقامشلو والحسكة”.
وتزداد محبة ناصيف لأهل منطقته مع كلّ موقفٍ، ومع كلّ تجربةٍ اجتماعية يخوضها، من خلال مشاهد تمثيلية يطرح من خلالها حالة اجتماعية، ليلامس الطيبة، والمحبة، والتآخي عند شعوب المنطقة، وعن أبرز المواقف، والحلقات التي لا ينساها يقول الشاب: “دخلت أحد الصيدليات، وبدأنا التصوير، يدخل أحد الأطفال، وليس لديه ثمن الدواء، ويكرر الطفل ذات المشهد، الأمر الذي استفزني كصيدلاني، وبدأت بالصراخ عليّه أمام الزبائن، الذين كادوا أن ينهالوا عليّ ضرباً”.
يبتسم الشاب، ونظرات الفخر تسيطر على ملامحه، فعندما ضرب الطفل وطرده، لأنّه لا يملك ثمن الدواء بدأ الجميع يصرخون ويهددون بضربه، لأنّه تكلم مع الطفل بهذه اللهجة وقاموا بشراء الدواء للطفل، ودفع ثمنه، معلقاً بلهجته المحلية: “شعب نخوجي، وصاحب شيمة ما فيك تمزح معو بهيك مواضيع”.
وأضاف: “هنا في منطقتنا الفقير يقتسم رغيف الخبز مع جاره، فالكرم موروث شعبي، ولا يرتبط بغنيٍ وفقير”.
ما يتحدث عنه ناصيف عبد العزيز من كرمٍ أخلاقي، يبدو واضحاً في فيديوهاته، التي يعرضها بكلِّ عفوية فكم من مشهدٍ يظهر فيه الشاب بأنّه بحاجة للمساعدة فيلبي الجميع نداءه.
يوتيوبر طور نفسه بنفسه، ويرى نفسه في المستقبل من أكبر اليوتيوبير، لإيمانه بعمق رسالته، ومدى تأثيرها على قلوب الناس، ويفكر بخدمة الجميع، وتقديم المساعدة لكلّ من يحتاجها بطريقةٍ ليس فيها حرجٌ ولا جرح.
أطفالُ المخيماتِ من أولوياتِ تفكيرِهِ
ولا يغيب أطفال المخيمات عن خطة عمل عبد العزيز، وذلك بالتنسيق مع إدارات المخيم بشمال وشرق سوريا، بعمل حملة تبرعات تقارب العشرة آلاف دولار، من خلال بث مفتوح يعود ريعه للأطفال، وفتح مشغل لعمل نساء المخيمات، وتوزيع الهدايا عليّهم لإدخال البسمة والسعادة على وجوهٍ أتعبتها سنوات الحرب.
وينتقد اليوتيوبر الذين يستغلون اسمهم للعزف على أوجاع الناس، واستغلال ظروفهم المادية.
هذا ولناصيف عبد العزيز فريق عملٍ متكامل خاص بالقناة، أشبه ما يكون بمركزٍ إعلامي ينقلون من خلاله صورةً جميلة لأهالي وسكان شمال وشرق سوريا.
