مُهجّرة بدير الزور: أرى في الإعلام مرآة لرسالتي

قامشلو/ رؤى النايف ـ

مُهجّرة من دمشق تقطن في ريف دير الزور الغربي تروي لنا حكايتها في العمل الإعلامي ضمن مجتمع ريفي مُحافظ وله طابعه العشائري..

وتبقى مكانة المرأة الإعلامية رغم كافة الصعوبات متميزة في كافة المجتمعات، فهي باتت منارة للإبداع والثقافة، فالإعلاميات بما ينجزنه من متراكمات ثقافية حضارية لمجتمعهن يُعتبرنَ حالة متطورة من الحراك الثقافي الموسوم بثقافة بيئتهن وبطريقة تفاعل كل منهن مع الأحداث.

أي عمل يعمله الإنسان يواجه فيه صعوبات حتى لو كان عملاً مألوفاً في المجتمع، فكيف عمل المرأة في الصحافة والإعلام وهي من المهن غير المعتادة في كل المجتمعات، لكن بلا شك تفهّم المجتمع لهذه المهنة وأهمية اشتغال المرأة بها للكشف عن قضاياها في مجتمعها، خففت من هذه الصعوبات كما أن دعم المؤسسات الصحفيّة والنسائية لها بقبولها ضمن فريق العمل بها، جعلها تقوم بدورها الإعلامي داخل مجتمعها بشكلٍ جيد ومتقدم نوعاً ما.

حكاية إعلامية

مُهجرة من دمشق تقطن في ريف دير الزور الغربي تروي لنا حكايتها في العمل الإعلامي ضمن مجتمع ريفي محافظ وله طابعه العشائري، حيث تقول “إكرام عبد الرزاق” وهي تعمل كمراسلة في إحدى المؤسسات بإقليم دير الزور: “واجهت الكثير من الصعوبات لكنني كنت دائماَ أمتلك العزيمة وقوة الشخصية، وأدين بذلك لزوجي الذي ساندني، وجودي في منطقة عشائرية تحررت مؤخراً من قيود مرتزقة داعش، وبداية عملي في إقليم دير الزور لم يكن بالأمر السهل بل كان فيه الكثير من الصعوبات والعثرات، في ذلك الحين لم تكن الذهنية متفتحة على عمل المرأة بشكل عام، ومشهد حمل الكاميرا والتصوير والسير هنا وهناك لم يكن متداول ومرغوب كثيراً، أما في الوقت الراهن وبعد الدورات والمؤسسات والدور الذي قامت الإدارة الذاتية بتفعيله في المنطقة، أصبح تغييراً واضحاً وملموساً في وجود المرأة العاملة سواءً كانت إعلامية أو إدارية ووجودها في منصب الرئاسة المشتركة”.

صعوبات تواجه الإعلاميات

المرأة العاملة تواجه مصاعب جمّة، كغياب الفرص الوظيفية والتأهيلية المناسبة لها، مع أنها الآن شريكة الرجل في الإنفاق على المنزل، وفي كثير من الأحيان هي من تُعيل أسرتها، لذلك وجودها في الصفة الوظيفية المناسبة لقدراتها يجعلها أكثر فعالية في المجتمع، وهذا ما تسعى إليه كل امرأة من خلال رسالتها المهنية في عملها وبالأخص العاملات في المجال الإعلامي.

وبهذا الصدد تابعت “إكرام عبد الرزاق” بقولها: “في بداية ثورات الربيع العربي كان خروج المرأة إلى الشارع بجانب الرجل أمراً جميلاً، فمن هنا كانت انطلاقة الكثير من الإعلاميات، تغربتُ عن منزلي وعائلتي وأقطن هنا كمُهجرة، ومن هنا شعرت بضرورة أن أكون مرآة لصوتي وقضيتي وكيف حُرمت من مدينتي بسبب الحرب، كل هذه الأسباب تدفعني لإيصال صوتي وصوت الكثيرات، فالمرأة الريفية هنا رغم ما عانته إلا أنها مثال يُحتذى به في المقاومة وتغيير الواقع، ولثورة روج آفا تأثيرها الكبير على كل مناطق شمال وشرق سوريا، فمن منطلق هذه الثورة أستطيع القول أنّي تخطيت جزءاً كبيراً من الصعوبات التي كنت أعانيها ببداية انخراطي بالعمل الإعلامي”.

كيف تَخطّت العقبات؟

للأسف لا تزال المرأة تواجه الكثير من الصعوبات في كافة المجتمعات حتى بطبقاته المثقفة والمتعلمة كونها امرأة، وأمامها مشوار طويل لتثبت نفسها، إلا إن وضع النساء العاملات ضمن مؤسسات الإدارة الذاتية أفضل بكثير لأنها تمتلك نوعاً من الاستقلالية الاقتصادية، إذ تمكنت المرأة العاملة من التعامل الإيجابي مع موقعها كـ امرأة مسؤولة، وسوف تنعكس هذه الإيجابية على أطفالها وعلى تربيتهم وعقليتهم.

وهنا ترد “إكرام عبد الرزاق”: “في دير الزور استطاعت النساء تطوير أنفسهن في كافة مجالات الأعمال، فعملية الانخراط في العمل الإعلامي لم تكن سهلة أبداً، لا زلت أذكر أول تقرير كان علي إعداده بشكل فردي، لقد اكتسبت مهارة إعلامية من العمل الميداني، والمتابعة اللحظية ومن متابعة الإعلام والندوات الإعلامية، أعتقد أن المرأة الآن وبعد ثورة روج آفا أفضل بكثير من ذي قبل، فقد حصلت على الدعم المعنوي والمادي وتطورت في كافة المجالات”.

طوّرت نفسها

واختتمت “إكرام عبد الرزاق” وهي تعمل كمراسلة في إحدى المؤسسات: “لا سيما بعد التطور الكبير الذي يشهده العالم في تكنولوجيا المعلومات، فأصبحت المرأة رائدة في استخدام تقنية المعلومات الحديثة في تعريف العالم بها، وترويج نفسها بإمكانياتها الإنتاجية وإبداعاتها، وأصبحت لها مساهمة كبيرة في العمل العام، ولها دور في صنع القرار من خلال تواجدها في المجالس والهيئات والمنصات الإعلامية”.

ضرورات لتحسين الإعلام

للإعلام دور هام في تحسين أسلوب التفاعل بين المرأة والمجتمع المحلي، لذا فإن من الضروري الانتباه إلى احتياجات النساء وخاصةً في المناطق الريفية والبعيدة عن الخدمات، وإلى أهمية تكثيف الرسائل الإعلامية الهادفة التي توجّه لهن، على أن يكون لتلك الرسائل طبيعة خاصة تتلاءم مع بيئتهن وتعمل على تلبية احتياجاتهن وزيادة وعيهن بأمورهن اليومية وبشؤون مجتمعهن المحلي، على أن يستخدم في ذلك الوسائل الإعلامية المناسبة التي تتسم بسهولة الفهم وإمكانية الاستخدام البسيط، والتي لا يتطلب اقتناؤها تكلفة عالية، بحيث تحقق تلك الرسائل شمول الانتشار والتأثير، بما يُمكّنها بالتالي إحداث التغير الإيجابي المطلوب الذي يهدف إلى النهوض بالمرأة والمجتمع من خلال إعلام مدروس وهادف.