أعقب الإعلان عن حملة تحرير منبج في الأول من حزيران عام 2016 تغييرات مصيرية بالنسبة لشعوب المنطقة، فقد كان تحريرها نقطة تحوّل في معارك دحر مرتزقة داعش وضربة قاصمة للمشروع التركي داخل سوريا.
بعد مضي خمسة أعوام على انطلاقها، لا تزال ذكرى حملة تحرير مدينة منبج التي قادها مجلسها العسكري بدعم من قوات سوريا الديمقراطية، راسخة في أذهان الجميع، مقاتلين كانوا أم مدنيين تخلصوا من ظلام داعش. إذ يصادف الأول من حزيران ذكرى بدء حملة تحرير منبج من مرتزقة داعش الذين احتلوا المدينة في الـ 21 من كانون الثاني/ يناير 2014.
ورزحت منبج تحت احتلال داعش لأكثر من عامين ونصف، عاش خلالها أهالي المدينة وقراها الخوف وشتى أنواع الانتهاكات والجرائم، وضحى 500 شهيد وشهيدة بأرواحهم والمئات من الجرحى لتحريرها.
وفي الـ 12 من آب/ أغسطس عام 2016، حررت قوات مجلس منبج العسكري المدينة بالكامل، وهي، اليوم وبعد مضي خمس سنوات على تلك الذكرى، تبدو مختلفة تمامًا عن الحقبة السوداء التي حكم فيها مرتزقة داعش المدينة.
نقطة تحوّل وأهمية خاصة لمدينة منبج السوريّة
يقول القائد العام لمجلس منبج العسكري، محمد أبو عادل، إن “مدينة منبج كانت أشبه بالعمود الفقري لتنظيم داعش وتحريرها كان واجبًا يقع على عاتق المقاتلين ضمن صفوف المجلس العسكري الذين كان الأهالي سندًا لهم”.
واستخدمت داعش مدينة منبج كمعقل رئيس للمرتزقة الأجانب الذين كانوا يعبرون إلى الأرضي السورية قادمين من تركيا وقاصدين الانتشار ضمن مناطق انتشار المرتزقة في سوريا والعراق.
وكان تحرير منبج بمثابة انتزاع العاصمة الثانية لمرتزقة داعش في سوريا، وسد الشريان الثاني المغذي للمرتزقة، بعد تحرير وحدات حماية الشعب والمرأة مدينة كري سبي/ تل أبيض من داعش صيف عام 2015. ذلك لأن تركيا فتحت حدودها أمام داعش، ما أدى إلى ازدياد أعداد المرتزقة بشكل كبير في سوريا والعراق قادمين من شتى أصقاع العالم عبر الأراضي التركية.
وأثر تحريرها على داعش بشكل كبير، إذ بدأت قوى المرتزقة تنهار بعد سد هذا الشريان، الأمر الذي ساهم سريعًا بدحره في آخر معاقله بالباغوز خلال ربيع عام 2019.
حملة للتاريخ
محمد أبو عادل أفاد أن حملة تحرير منبج “بدأت في الأول من حزيران من عام 2016، بقيادة الشهيد فيصل أبو ليلى والذي استشهد قبل أن تصل الحملة إلى مدينة منبج، ثم سُميت الحملة باسمه، وأكمل رفاقه مسير الحملة أمثال الشهيد عدنان أبو أمجد والشهيد أبو جاسم البكاري والشهيد بوطان تركماني والشهيدة كوجرين”.
وأضاف أبو عادل أنه “كان لهؤلاء الدور البارز في الحملة وكان هدفهم الأساسي هو تحرير الأهالي من مرتزقة داعش وتوطيد الأمن والاستقرار، ومن أجل ذلك قدّم ما يقارب 500 شهيد وشهيدة أرواحهم”.
وأكد أن أهالي منبج كانوا السند للقوات العسكرية من ناحية رفع المعنويات والانضمام إلى صفوف القوات لأنها خلصتهم من الظلام والإرهاب”.
بينما يقول الناطق الرسمي باسم مجلس منبج العسكري شرفان درويش إنه “حين كان داعش يتمدد ويتوسع وبقيت بضع أمتار من مدينة كوباني، كان هناك مشاركة من المقاتلين والمؤسسين لمجلس منبج العسكري ضمن معركة تحرير كوباني، كانوا على كامل الإيمان أن هذه الأمتار القليلة المتبقية سوف تكون أساسًا لتحرير سوريا وجميع الإنسانية من مرتزقة داعش”.
وتابع شرفان درويش قائلًا: “بالتأكيد عندما تحررت مدينة كوباني من مرتزقة داعش وتم الوصول إلى سد تشرين شرق مدينة منبج بدأت التحضيرات لتحرير المدينة، كان القادة (فيصل أبو ليلى وعدنان أبو أمجد ورفاقهم) هم مَن يحضّرون للحملة ويستعدون للتقدم باتجاه منبج”.
وكانت مدينة كوباني هي نقطة الانطلاق لحملات دحر داعش من مناطق شمال وشرق سوريا، إذ شهدت المدينة في الـ 26 من كانون الثاني عام 2015 أول هزيمة مُنيَ بها داعش في سوريا، لتكون الأرضية التي انطلقت منها معارك تحرير المنطقة مرورًا بسد تشرين ثم منبج فالطبقة والرقة ودير الزور.
استشهاد القيادي فيصل أبو ليلى
وتحدث درويش عن استشهاد أحد أبرز رموز الحملة ومجلس منبج العسكري، فيصل أبو ليلى، وقال: “كان أبو ليلى القائد الذي يقود الحملة، ومصدر الحماس والصبر بين رفاقه الذين تركوا بصمتهم في حملة تحرير منبج، إذ ظهر دوره القيادي جليًا لأنه كان صاحب إرادة وروح حماسية وخبرة قتالية وله تاريخه ونضاله، ولكن بعد استشهاده أصبحت إرادة المقاتلين أقوى لإكمال مسيرته النضالية وتحرير المدينة من مرتزقة داعش”.
وأكمل حديثه قائلًا: “على مدى 75 يومًا سطّر المقاتلون ضمن صفوف قوات سوريا الديمقراطية ومجلس منبج العسكري أروع البطولات وأخذوا على عاتقهم تحرير المدينة وأهلها من رجس الإرهاب”.
وارتقى القيادي في مجلس منبج العسكري فيصل أبو ليلى، أحد أبرز رموز معركة كوباني ومنبج، شهيدًا في الخامس من حزيران عام 2016، بعد أن أُصيب خلال مشاركته في معركة تحرير إحدى قرى جنوب منبج.
فرحة الوصول إلى منبج لا توصف
وأكد الناطق الرسمي باسم مجلس منبج العسكري شرفان درويش إن “الفرحة كانت كبيرة جدًّا عندما عدنا إلى مدينة منبج بعد الخروج منها لسنوات طويلة، حيث كانت ترزح تحت إرهاب داعش، وذلك تلبية لنداء الأهالي في منبج لتخليصهم من المرتزقة الذين كانوا يمارسون أبشع الجرائم بحقهم”.
واستذكر شرفان درويش من خلال حديثه تلك اللحظات وقال إنها “كانت لحظات عاطفية نوعًا ما، العودة إلى منبج وتحريرها من الإرهاب بعد سنوات من العمل والجهد والتحضير للحملة، الجميع كانوا فرحين بهذه الخطوة”.
وقال درويش إن حملة تحرير منبج انطلقت من كوباني ثم إلى منبج والطبقة والرقة وصولًا إلى دير الزور، وأضاف “كان وعدنا لرفاقنا الشهداء هو أن ندحر الإرهاب، هؤلاء الشهداء العظماء الذين ضحوا بدمائهم والذين كان لهم أمل أن ينتهي الإرهاب، ونستطيع أن نقول إن آمالهم تحققت”.
وأوضح أنه “في الذكرى السنوية الخامسة عندما نعود بالذاكرة إلى ذلك الوقت ونرى الإنجازات التي تحققت والمراحل التي وصلنا إليها، بالتأكيد كلنا فخر بأننا كنا رفاقًا لهؤلاء العظماء ولنا جزء من هذه الجهود المثمرة اليوم”.
الجهود مستمرة لإيصال السفينة إلى بر الأمان
وشدد شرفان درويش على إن “الحفاظ على الأرض التي رويت بدماء هؤلاء الشهداء العظماء، وإيصال السفينة إلى بر الأمان هي مسؤوليتنا، الجهود ما زالت مستمرة ومتواصلة، الجهات المتربصة ما زالت تعمل على ضرب هذه التجربة الناجحة والتضحيات التي قُدمت لأجلها والنيل من هذه المكتسبات بجميع السبل والأشكال”.
وأردف: “هذه الجهات فشلت فشلًا ذريعًا، ومحاولاتهم القائمة الآن سوف تفشل أيضًا، لأن الإرادة التي أثبتت في حملة تحرير مدينة منبج، واتحاد القوات العسكرية مع الأهالي أصبحت نموذجًا يحتذى به”.
وأضاف “الأهالي كانوا يتحدّون قناصة وألغام مرتزقة داعش ويغامرون للوصول إلى المناطق التي تم تحريرها، وعند وصولهم إليها كان الآلاف من الشبان يحملون السلاح، معلنين انضمامهم إلى صفوف مجلس منبج العسكري نتيجة المعاناة والظلم الذي عانوه أثناء سيطرة مرتزقة داعش على مدينتهم”.
النضال مستمر بروح الشهداء
وأكد شرفان درويش إن “النضال الذي بدأ في حملة منبج مستمر بروح الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم في هذا الطريق حتى تحقيق الحرية والعدالة في أرجاء سوريا”.
وجدد درويش العهد للشهداء بالحفاظ على مكتسباتهم ومواصلة مسيرتهم النضالية، وقال في ختام حديثه: “طالما هدفنا غايتنا تحقيق أماني هؤلاء الشهداء – وبالتأكيد نحن واثقون من هذه الإرادة – سوف نحقق النصر في كامل سوريا والوطن بالتعاون والتكاتف، فهذه هي مسؤولية الجميع”.
يقول القائد العام لمجلس منبج العسكري، محمد أبو عادل، إن “مدينة منبج كانت أشبه بالعمود الفقري لتنظيم داعش وتحريرها كان واجبًا يقع على عاتق المقاتلين ضمن صفوف المجلس العسكري الذين كان الأهالي سندًا لهم”.
بينما يقول الناطق الرسمي باسم مجلس منبج العسكري شرفان درويش إنه “حين كان داعش يتمدد ويتوسع وبقيت بضع أمتار من مدينة كوباني، كان هناك مشاركة من المقاتلين والمؤسسين لمجلس منبج العسكري ضمن معركة تحرير كوباني، كانوا على كامل الإيمان أن هذه الأمتار القليلة المتبقية سوف تكون أساسًا لتحرير سوريا وجميع الإنسانية من مرتزقة داعش”.
