موقف الكُرد بعد هزيمة أردوغان في الانتخابات المحليّة

د. علي أبو الخير_

انتهت الانتخابات المحليّة في تركيا بنتائج نعتقد أنها جاءت متناسبة ومتوقعة، في ضوء عجز الرئيس أردوغان من التعامل مع الوضع الاقتصادي في الدولة، فضلاً عن فشله في التعامل الخارجي، بالحرب في غزة، فقد ظل ومازال يتعامل مع إسرائيل على المستوى الاقتصادي، بدون حياء إسلامي أو إنساني.

كنا نتوقع الهزيمة لرجب أردوغان، ولكن المفاجأة في نسبِ الفشل التي تعكس الوضع المقلوب في السياسة الداخلية والخارجية التي تعرضت لنكسة كبيرة، فقد مُني حزب العدالة والتنمية بقيادة أردوغان، لضربة قوية مع تقدّم المعارضة التركية بالانتخابات البلدية في أنحاء البلاد وصولاً إلى الأناضول مع حفاظها على إسطنبول.

 أكرم إمام أوغلو المنتمي إلى حزب الشعب الجمهوري، احتفاظه بمنصبه الذي يشغله منذ عام 2019 قال  بعد إعلان النتيجة  “نحن في المركز الأول بفارق أكثر من مليون صوت فزنا في الانتخابات”، إلى جانب إزمير (غرب)، ثالث مدينة في البلاد ومعقل حزب الشعب الجمهوري، وأنطاليا (جنوب)، وفي أنقرة، أعلن رئيس البلدية المنتمي أيضاً إلى حزب الشعب الجمهوري منصور يافاش، بقاءه في منصبه، وقال أمام حشد من أنصاره “أولئك الذين تم تجاهلهم أرسلوا رسالة واضحة إلى من يديرون هذا البلد، وبعد 22 عاماً، ولن تكون تداعيات هزيمة حزبه العدالة والتنمية في إسطنبول سهلة عليه، حيث ستؤدي لتغيير وجه تركيا”.

لقد ألقى أردوغان الذي يحكم البلاد منذ أكثر من عقدين ونصف، بكل ثقله في الحملة الانتخابية، وخصوصاً في إسطنبول، العاصمة الاقتصادية والثقافية، التي كان رئيساً لبلديتها في تسعينات القرن الفائت، وانتقلت إلى المعارضة في 2019، ولكن جهوده باءت بالفشل لاستعادتها، وقال أردوغان في كلمة أمام حشد من أنصاره في مقر حزب العدالة والتنمية الحاكم “للأسف، لم نحصل عل النتائج التي أردناها، ولقد أقرَّ أردوغان بأن نتائج الانتخابات شكّلت “نقطة تحول”، لكنه وعد باحترام قرار الأمة وتعهّد بتصحيح الأوضاع في الدولة خاصةً على المستوى الاقتصادي، ولكننا لا نثق في تصريحاته فهو دائماً يلفت من حولها ويكذب على مواطنيه، وعموماً نرى أن إعادة انتخاب إمام أوغلو على رأس أكبر مدينة في البلاد، سيؤدي لترشحه في الانتخابات الرئاسية المقبلة، في 2028، وهو ما يريده أنصار حزب الشعب الجمهوري بصورة عامة”.

موقف الكرد بعد نتائج الانتخابات

منذ وصول رجب طيب أردوغان للحكم العام 2002 وهو يشن حرباً ضد الكرد في باكور كردستان وتركيا، ولم يتورع عن الدخول في باشور كرستان “الشمال العراقي”، وفي سوريا، لمطاردة وقتل الكرد الذين يريدون الحصول على حق تقرير مصيرهم، وكان من الطبيعي أن ينحاز الكرد في الانتخابات الرئاسية ويعطوا أصواتهم لمرشح مناوئ لأردوغان، مع العلم إن حزب الشعب الجمهوري هو الحزب التاريخي التركي منذ استلام كمال أتاتورك حكم تركيا، رغم أن حزب الشعب أيضاً لم يتوانَ عن التضييق على أي نشاط كردي يريد المطالبة بالحقوق المسلوبة، ولكن أردوغان تفوّق في القسوة والقتل ومحاولة طمس الهوية الكردية، وتشن الدولة التركية حملة على الحركة السياسية المؤيدة للكرد منذ انهيار عملية السلام عام 2015م.

أما حزب المساواة وديمقراطية الشعوب، فقد انحاز للحقوق الكردية وحقق نسبة جيدة، وأحرز المرتبة الثالثة من حيث الولايات والمدن، لكن في كل الأحوال هو حزب داعم سواء للحقوق الكردية أو لعموم الشعب التركي الذي يحلم بالخلاص بحكم يعتمد عقلية سلاطينه. من بني عثمان،

لقد حدث تزوير في مناطق الحزب المؤيد للكرد، الذي دعا السلطات، إلى التراجع عن منع أحد رؤساء البلديات من تولي منصبه بعد الانتخابات المحلية، وقال إنه سيطعن على نتائج أخرى حالت دون فوزه، بسبب من وصفهم بالناخبين غير القانونيين، والطعن الذي سيتقدم به الحزب، ثالث أكبر حزب في البرلمان الذي حقق أداءً جيداً في جنوب شرقي البلاد، والذي تقطنه أغلبية كردية، وهناك خلاف على نتائج الانتخابات المحلية التي أُجريت، ومنيَ فيها حزب العدالة والتنمية الحاكم بزعامة الرئيس رجب طيب أردوغان بهزيمة ساحقة، وكان الصوت الكردي هو الحاسم الفاعل الرئيسي في هزيمة الرئيس العثماني.

في النهاية، نرى أن الكرد يستطيعون أن يخرجوا من الانتخابات المحلية بوسيلة الضغط على أردوغان، الذي يُعتبر في أضعف حالاته السياسية والمعنوية، وذلك من خلال التنسيق بين حزبي الشعب الجمهوري وحزب المساواة وديمقراطية الشعوب، أولاً، والضغط على أردوغان من أجل الإفراج عن المفكر عبد الله أوجلان، وثانياً، لنيل الحقوق التي يناضل من أجلها الكرد في تركيا وغير تركيا… والله من وراء القصد.