الشهباء/ فريدة عمر-
مع بدء موعد موسم جني الزيتون، من كل عام، تُفتح جراح نساء عفرين المهجرات في مقاطعة الشهباء، وتستعيد ذكرياتهن، التي عايشنهنَّ في مدينتهن، بعد أن حرمهن الاحتلال التركي ومرتزقته من مصدر رزقهن، وتسبب في قطع الأشجار، وقلعها وحرقها والاستيلاء عليها.
تتمتع مقاطعة عفرين، بمناخها المعتدل؛ لأنها منطقة جبلية، وتشتهر بزراعة أشجار الزيتون المثمرة والمعمرة، التي تعود إلى مئات السنين، ويتواجد في المدينة ما يقارب من 18 مليون شجرة، و285 معصرة زيتون لاستخراج الزيت الحلو منه، وأصبحت تعرف المدينة باسم “مدينة الزيتون”.
يبدأ موسم جني الزيتون في عفرين من منتصف تشرين الأول، حتى نهاية العام، وبالتزامن مع اقتراب هذا الموعد، الذي كان ينتظره الأهالي بفرح، ونشر للخير والرزق، وهم يتمتعون بالنشاط، والقوة كباراً وصغاراً، وسط أجواء عائلية مفعمة بروحٍ جماعية، وتحديداَ دور النساء فيها، اللواتي قدمن الكثير من الوقت والجهد، من أجل الحصول على موسم زيتون عالي الجودة، وزيت الزيتون الصافي، ليكون مصدر رزق لهن ولأسرتهن، وحول ذلك، التقينا مع المهجرات، اللواتي يقطنَّ حالياً في مخيم سردم بمقاطعة الشهباء، في وقتٍ يُنهب موسم الزيتون على يد الاحتلال التركي ومرتزقته في عفرين المحتلة.
نشتاق لمدينتا ولذكرياتنا
وعن الخيرات والحياة المستقرة، التي كانت قبل الاحتلال التركي تقول زينب محمد: “على أرضنا عفرين لم نكن نحتاج أي شيء. كنا منعمين بخيراتها الطبيعية من الزيت الصافي والزيتون عالي الجودة، وغيرها من المحاصيل الموسمية”.
وتابعت زينب، والدمعة تنهار من أعينها، وهي تصف أجواء استقبالهم لموسمهم في عفرين قبل الاحتلال: “في كل عام، مع اقتراب موسم الزيتون، كنا نحضر أنفسنا نحن أفراد الأسرة، لاستقبال موسمنا، الذي يعدُّ عاماً مباركاً ومقدساً، لدى أهالي عفرين؛ لأنه يعد مصدر رزق لنا ولأسرتنا، إلى أنه يعدُّ شهراً تزداد فيه الروح التعاونية والتشاركية، بين الأصدقاء والجيران، في التشارك على مائدة واحدة، ومساعدة بعضنا في جني محصولنا، إضافةً إلى خلق أجواء من الفرح بالرقص على أنغام الموسيقا العفرينية”.
لم نفقد أمل العودة
وأكدت “زينب محمد” في ختام حديثها، أنهم ورغم ما يعانونه في الشهباء يرفضون العودة إلى عفرين قبل أن تُحرر، واختاروا الشهباء لقربها من مدينتهم، “لم نفقد الأمل بالعودة إلى عفرين محررة والعيش فيها بكرامة، لذلك اخترنا طريق المقاومة والصمود في الشهباء، رغم الصعاب والمعاناة، حتى نحقق العودة”.
نهبوا خيراتنا
فيما أشارت “لطفية منان“، بأن الاحتلال التركي ومرتزقته قلعا أكثر من ألف شجرة زيتون: “اعتدنا، نحن أهالي عفرين على الاعتماد على خيرات وطننا، التي كنا نزرع ونحصد ثمرة ما زرعناه من عرق جبيننا، من الزيتون بمختلف أنواعه، واستخراج زيت الزيتون الصافي من مواسمنا، وهو من العناصر الرئيسية على مائدة طعامنا، اليوم نفتقد كل ذلك، فالمرتزقة فور احتلالهم مدينتنا، نهبوا الخيرات، وقلعوا ألف شجرة لنا، وحالنا حال الآلاف من أهالي عفرين، الذي حرموا من أرضهم ومصدر رزقهم”.
وناشدت لطفية منان في ختام حديثها، الجهات المعنية لإنهاء الاحتلال وإعادة السكان الأصليين إلى مدينتهم: “نطالب بخروج تركيا من المدينة وإعادة سكانها الأصليين إليها. قدمنا الكثير من الوقت والتعب حتى استطعنا الوصول إلى هذا الموسم وهو كد أجدادنا لسنوات، ولا نرضى أن ينهبه الاحتلال التركي، وأن يرتكب الجرائم في عفرين من قطع الأشجار المعمرة، وتدمير وإبادة الطبيعية”.
وبعد احتلال تركيا عفرين في 18 آذار 2018 تشهد المدينة انعدام الأمـن والأمان، وتفرض المجموعات المرتزقة الإتاوات، والضرائب على إنتاج الزيتون وزيته، وقطع الأشجار المعمرة، وبيعها كحطب وحرقها، إلى جانب نهب مواسم الأهالي المهجرين في الشهباء.
