مهرجان الشهيد يكتا هركول.. عندما يكون المسرح اللغة الوحيدة التي تفهم اضطهاد الشعوب

قامشلو/ علي خضير ـ

انحصر المسرح الكردي بتقديم رقصاتٍ شعبية بسبب النظام السوري المستبد، ولكن مع حلول ثورة روج آفا التي مسحت الغبار عن المسرح الكردي، ليصبح المسرح عين ولسان وقلب المجتمع، وجاء مهرجان الشهيد “يكتا هركول” كخطوة إيجابية تجمع كل مُحبي المسرح في صالة واحدة وعلى خشبة مسرح واحدة.

قبل ثورة روج آفا لم تكن المهرجانات المسرحية تُقام بالشكل الجدّي والمعبّر عن متطلبات الشعوب، حيث كانت تقتصر على ما تحدِّده الحكومات السلطويّة بناءً على رغباتها، وفي ظل تأسيس الإدارة الذاتية الديمقراطية يُقام مهرجان المسرح بشكلٍ سنوي ويعبّر عن معاناة شعوب المنطقة اليوم.

هذا وينطلق مهرجان المسرح في يوم المسرح العالمي تحت اسم الشهيد “يكتا هركول” كل عام، وهذه السنة يعود للمرة السادسة بمركز محمد شيخو في مدينة قامشلو بتاريخ 27 آذار الجاري، وتبدأ فعاليات المهرجان بشكلٍ يومي من الساعة الثانية عشر بعرض مسرحية، وفي الساعة الواحدة والنصف تبدأ محاضرات عن المسرح تكون حول النقد وتاريخ المسرح الكردي والعربي، وعن المسرح الشفهي ومدارس المسارح ومُخرجيه، وفي الساعة الثالثة يبدأ عرض مسرحي ثاني، وسيختتم المهرجان فعالياته بتاريخ الثاني من نيسان المُقبل.

إيصال الرسالة إلى المجتمع

ولمعرفة المزيد حول مهرجان هذه السنة التقينا عضو اللجنة التحضيرية لمهرجان الشهيد يكتا هركول “خليل طحلو” وبيَّن قائلاً: “الهدف من المهرجان هو إحياء المسرح الكردي، وفي الوقت نفسه رسالة عامة للعالم عن الخط الكردي في المسرح، وخط الأمة الديمقراطية لجميع المشاركين من غير الكرد، وأن يكون نقطة تحوّل، لأنه فيما قبل ثورة روج آفا وإعلان الإدارة الذاتية الديمقراطية كان المسرح وبخاصةٍ الكردي ضعيف العرض، بسبب الصعوبات السياسية التي كان يواجهها من قبل الحكومة السورية آنذاك، وانحصر المسرح الكردي في المناسبات القوموية فقط كعيد نوروز، لذلك حاولنا في بداية الثورة إحياء المسرح الكردي بشكلٍ عام، وتدريب الممثلين وفتح أكاديميات وبناء كومين المسرح، كنقطة تجميع لكافة المسرحيين والمخرجين والكتّاب تحت سقف واحد وتنظيم المسرحيين”.

بناء مسرح متطوّر مُتكامل

وأردف طحلو: “بهذه المناسبة يجتمع المسرحيون من كل المناطق، ونحدد خطط العمل أيضاً للسنوات المقبلة، ويكون المهرجان فرصة للتعارف بين المخرجين والنقَّاد والمسرحيين لتأسيس الخط المسرحي الثوري والاجتماعي، ونحاول تطوير المسرح على أوسع نطاق على عكس ما كان في السابق في زمن الحكومات القوموية، التي كانت تسعى لجعل المسرح باتجاه واحد، ووصف منطلق واحد يتمحور حول القومية فقط، فنحاول من خلال ذلك أن نجعل المسرح نابعاً من أفكار وحالات المجتمع ومتطلباته، لكي يظهر حقيقته المعيشية، لأن مجتمعنا بالأخص اليوم يعاني من الظلم والاضطهاد في ظل سيطرة الحكومات الفاشية وخاصةً المجتمع الكردي”.

وهناك إحدى عشرة مسرحيّة مُشارِكة في المهرجان، ضمن قامشلو هناك ثلاثة عروض، ومن مدينة الحسكة عرض، ومدينة كوباني عرض، منبج عرض ومنطقة الشهباء أيضاً عرض وحلب عرض، بالإضافة إلى عرضين أحدهما من باشور كردستان والعرض الثاني من روجهلات كردستان، سيشارك في اليومين المُقبلين، ولكن بالنسبة لعرض باشور كردستان لن يستطيع المشاركة بسبب صعوبات واجهت الفرقة المسرحية في الطريق، حيث لم يُسْمَح لهم بالدخول لمنطقة شمال وشرق سوريا.

“اخترت دوري من أجل أن أكون صوت الحق”

والتقينا أيضاً بإحدى المشاركات في مسرحية قُدمت في المهرجان، الممثلة المسرحية “ازدهار جمعة طاهر” ذات الستة عشر عاماً، من مدينة سري كانيه والمقيمة في مخيم واشو كاني، وتحدَّثت: “المسرح يبني الإنسان، فمنذ اثني عشرة عاماً أمارس التمثيل كبداية تأسيسية، وهذه هي المرة الأولى لمشاركتي بمهرجان كبير ومشهور، فمن خلال المسرحية التي قدمناها (حقيبة وسو) أن زميلاتي يوم (الثلاثاء) لاحظنَ من خلال دوري الذي قدمته أنني جديرة بهذا الإنجاز الذي قدَّمته، فشاركت بدور امرأة فقيرة تعمل خادمة ببيت امرأة غنية، وكانت أختي في الرضاعة، ولكن لم تكن تُخبرني بهذا الشيء، وتعيش وتترفه بتعبي ومن عرق جبيني ومن تعب أمي أيضاً”.

وعن هدفها من هذا العمل المسرحي واختيارها له تحدَّثت ازدهار: “مقصدي من هذا الدور أن أوصِل للعالم بأننا كلنا بشر وكلنا سواسية لا فرق بين الفقير والغني، وأنَّه يجب ألَّا نسمح لوجود ثغرات بيننا كأبناء المجتمع الواحد، فقد لوحظ بشكلٍ كبير حالات التنمر والتسلط وخاصةً وبشكلٍ أكبر باتِّجاه المرأة في هذه الأيَّام”.

واختتمت: “أتمنى من خلال دوري في هذه المسرحية أن أوصِل رسالتي ورسالة جميع أبناء وبنات شعبي للكف عن التنمّر والتسلط، وأن نكون يداً واحدةً نقف بوجه عدونا وعدو الإنسانية للعيش بكرامة وحب وروح واحدة، لنكون قوة منيعة وحصينة بوجه جميع التحديات والصعوبات في طريقنا”.