من هو المستفيد من فكرة المنطقة الآمنة

حسام إسماعيل –

الحديث عن المنطقة الآمنة في مناطق شمال وشرق سوريا، هو حديث الساعة في هذا الوقت، حيث سبق لتركيا الحديث عنها في وقتٍ سابق وطالبت أثناءها بإقامة منطقة آمنة في سوريا وتحت إِشرافها، ولكن من المعلوم بأنَّ الجانب التركي هو المستفيد الوحيد من هكذا مخططات على الأرض السوريَّة. لا لشيء سوى التآمر على السوريين، ومحاولة اقتطاع أجزاء جديدة من أراضيهم، لأنَّ الدولة التركيَّة التي تترأسها حُكومة العدالة والتنميَّة تُحاول إعادة أمجاد الدولة العثمانيَّة القديّمة المبنيَّة على سلب الأراضي، ومُصادرة أرزاق النَّاس، وما تَجربتها في عفرين إلا دليلٌ واضحٌ على هذه السياسة المُتبعة.

تركيا المُتآمرة على الشعوب السوريَّة والداخلة في مُؤامرة خبيثة تَهدف الى تقسيّم المنطقة بالكامل، تستمر بكيد المكائد والاتفاق مع الأطراف الدوليَّة على إيجاد حصة لها في سورية كما اقتطعت لواء إسكندرون سابقاً، وتوظيف موقعها الجيو سياسي والعسكري كونها أحد أهم الحُلفاء في الناتو كورقة ضغط، وابتزاز للتأثيّر على الأطراف الدوليَّة الفاعلة، وحتى المُجتمع الدولي، ومن جانبٍ آخر تَتَحجج تركيا على الدوام بخوفها على الأمن القومي التركي، وهي منذ بدايَّة الأزمة في سوريا طرحت مشروع ” المنطقة الآمنة” على الشريط الحدودي داخل الأراضي السوريَّة، وتَذرعت آنذاك بحرصها على (حمايَّة المدنيين السوريين. لتظهر بمظهر المُدافع عن حقوق الإنسان، وتَحسين صورتها المُشوهة أمام المُجتمع الدوليّ بسبب الانتهاكات المُستمرة من قبلها لحُقوقِ الإنسان، وزجّ المئات من أبناءها من مُثقفين وأطباء وطُلاب جامعات وعسكريين في سُجونها، واستجداء المُساعدات التي تُصرف على اللاجئين السوريّين من قبل الدول والمُنظمات الإنسانيَّة والإغاثيَّة الدَّاعمة ونَهبها، بعد تَسجيلهم في قوائم وهميَّة، وتَقدم “من الشاة أذنها” كما يُقال).

وبغضِّ النظرِ عن الأطراف المُستفيدة من المَنطقة الآمنة الّتي ربما تَتبلور فكرتها عما قريب وتُصبح أمراً واقعاً، بعدما حصل نوعٌ من التفاهم بين أغلب الأطراف الدوليَّة والإقليميَّة لإقامتها، ولكن أعتقد بأنَّ تركيا تَتَربص بهذا المُخطط وتُحاول أن تُكرّسهُ، لجميعِ الأسباب التي ذكرناها، لأنَّ لها سوابق في اقتطاع أجزاء من الأراضي السوريَّة كما ذكرنا، لذلك إن كان ولا بد من إقامة هذهِ المنطقة على الحدود السوريَّة التركيَّة، فيجب أن يَكون هُنالك ضمانات دوليَّة من كافة الأطراف بالحفاظ على الأراضي السوريَّة، وضمان وحدة سوريا، لأنَّ المُمارسات التي تَقومُ بها الدولة التركيَّة تُنَافي هذهِ المبادئ، وما احتلالها لعفرين إلا مثالٌ واضحٌ على سياسة الاحتلال والتتريك والتغيّير الديمغرافي الذي تَعمل عليهِ، فكيف للذئبِ أن يُصالح الغنيمة.

علينا أن نُدرك تماماً بأنَّ كل الدول التي دعت الى المنطقة الآمنة في سوريا ليست صافيَّة النيَّة في هذا الأمر، وتُحاول أن تُثبت وجهه نظهرها هي وبما يَخدم مصالحها، ولكن من جانبٍ آخر لا مَفر من التَوافق بين جميّع الأطراف الدوليَّة والإقليميَّة على الأرض السوريَّة لبلورة تَوافق على هذا الأمر، هذا ما أكدَّ ويؤكدُّ عليه السياسيين في مجلسِ سوريا الديمقراطيَّة، وبأنَّ مناطق شمال وشرق سوريا لم تُشكل يوماً خطراً على أحد، والدولة التركيَّة لا تستطيع إنشاء منطقةٍ آمنةٍ والفوضى والانتهاكات التي تجري في المناطق التي احتلتها من جرابلس مروراً بعفرين وصولاً إلى إدلب خير دليل على ذلك، لذلك يَتوجب على المُجتمع الدولي التّحرك وعدم الخُضوع للابتزاز التركي، والوقوف مع شعوب سوريا.