لم يكن متوقعاً توافقُ كلّ الأطراف المتصارعة بالميدان بهذا الشكلِ، فقد كان معروفاً أنّ التعويلَ سيكون على الأسلوبِ العسكريّ حلاً للأزمة السوريّة بالتوازي مع صفقة سياسيّة للمحاصصة، إلا أنّ المؤشراتِ كانت باتجاه حوارٍ بين دمشق ومسد على أساسِ وحدة العدو وهو الإرهاب، ورغبةً بحقنِ دماءِ السوريين، لأنّ مسد في النهايةِ كان خصماً سياسيّاً منافساً على السلطة.
أنقرة تحركت دبلوماسيّاً وسياسيّاً لتأمين غطاءٍ سياسيّ للعملية العسكريّة، وأخذت كلَّ تفاصيل الأزمة السوريّة باتجاهٍ واحدٍ شرق الفرات فقط، وأصرّت على تجاهلِ تنوعِ المنطقةِ وحصرت توصيفَها بالكرد، ومشروع الإدارةِ الذاتيّة بالانفصالِ، وقد نجحت بذلك، فالسوريون يردّدون الاتهامات حتى في الأوساط العامة رغم حديثهم عن رفضِ العدوانِ.
وقعتِ الواقعةُ على مرأى العالمِ كله وهو يتناقلُ صوراً مؤلمةً مفجعةً للضحايا، وحالةِ الهلعِ لدى المدنيين وهم يتقاطرون في نزوحهم، لتزيد في معاناة السوريين شرق الفرات والذين عاد كثيرٌ منهم بعد هزيمة داعش، والحديث عن الخيارات بات شكليّاً فالحربُ فرضت نفسها، ولم يبقَ إلا خيارَ المقاومةِ.
السابق بوست