سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

مشهد ما بعد قمة جدة للجامعة العربيّة

رامان آزاد_

مع حديث دمشق عن شكليّة العلاقة مع الدول العربيّة، وعدم تحوّل الجامعة العربيّة إلى مؤسسة بالمعنى الحقيقي، اُستهلك معظم رصيد جهود المبادرة العربيّة والاحتواء العربيّ، وفيما نقلت دمشق التهديد التركيّ إلى السياق العربيّ في قمة جدة للجامعة العربيّة، لكن ثمنَ الاحتواءِ العربيّ يقتضي تحجيماً لدورِ إيران وإنهاء وجودها، وليكون معه كلُّ الوجود الأجنبيّ في سوريا محور السجال، فيما تتفاقم الأزمة الاقتصاديّة في البلاد.   
مسار التطبيع العربيّ
الحديث عن التطبيع العربيّ يتصل بدرجة ما، بما يسمى “دبلوماسية الكوارث” والتي تقوم على مبدأ تجاوز الخلافات إزاء كارثة طبيعيّة، والخطوة الإثنية التأسيس إلى ما هو أبعد بفتح أقنية الحوار وتدوير زوايا الخلافات والزلزال، الذي ضرب سوريا وتركيا في 6/2/2023 كان تجسيداً لما يمكن تسميته “معارك الكوارث”.
مع تدفق المساعدات العربية من دول الخليج، والاتصالات الهاتفيّة الدبلوماسيّة، أوجدت الأرضية للحوار، ليبدأ بعدها مسار التطبيع العربيّ ليكون البديل عن العقوبات، والسبيل أو مسعى تغيير سلوك النظام السوريّ سواء في سياسته الداخلية أو الخارجية والإقليميّة لجهة اصطفافاته، وفي هذا الإطار طرح الأردن مبادرة سمّتها “اللاورقة”، تقوم على دور عربيّ مباشر تنخرط فيه مع دمشق في حوار سياسيّ بهدف حل الأزمةِ ومعالجة تداعياتها الإنسانيّة، والأمنيّة، والسياسيّة، وفق مبدأ “خطوة مقابل خطوة”، وذلك في اجتماع وزراء خارجية الأردن، والسعودية، والعراق، ومصر، الذي عقد في 1/5/2023 وتم تأكيد أولوية إنهاء الأزمة السوريّة وما سببته من قتل وخراب ودمار.
والحقيقة أنّ الحكومة الأردنيّة أعدّت المبادرة عام 2021، ولم تقتصر على مجرد عودة دمشق إلى الجامعة العربيّة، بل ما يمكن اعتباره خارطة طريق لحلّ الأزمة السوريّة في الإطار العربيّ، على ثلاث مراحل.  الأولى تبدأ بإجراءات بناء الثقة والجانب الإنساني، وتتضمن ملف المعتقلين والمفقودين، وعودة واللاجئين السوريّين. والمرحلة الثانية، المتعلقة بالبعدين الأمنيّ والعسكريّ بوقف إطلاق النار وانسحاب إيران، وملف المخدرات، المرحلة الثالثة: مصالحة وإصلاح وتشمل بعدين، يتعلق الأول بالوضع الداخلي.
في 7/5/20223 قرر الاجتماع الوزاريّ للجامعة العربيّة إعادة العلاقات مع سوريا واستعادتها لمقعدها في الجامعة، وكان ذلك إقراراً صريحاً من المنظومة العربية بتسليمها بالأمر الواقع وبقاء النظام السياسيّ في سوريا والعمل بمقتضى سياسة الاحتواء العربيّ، خلافاً لسياستها السابقة الهادفة لتغيير النظام، عبر المقاطعة ومساندة المعارضة، وفي هذه البيئة وُجد أن التعامل مع دمشق هو الخيار المتاح، بحسب رأي دعاة التطبيع العربيّ، والدافع إلى ذلك إيجاد شكلٍ من التوازن مقابل علاقات دمشق مع إيران على الضفة الأخرى، وفي الوقت نفسه احتواء دمشق ضمن المنظومة العربيّة وجزءاً من البنية الإقليمية، التي تسعى لوقف الصراعات في بلدان مثل اليمن، وسوريا، والعراق، وذلك بعد حيث الانجراف نحو إيران، أو الارتهان لسياساتها، فيما الصراع السياسيّ في لبنان قد ينتهي إلى عودة الحرب الأهليّة. وبذلك استعادت دمشق مقعدها في الجامعة العربيّة، وحضرت قمة جدة في 19/5/2023.
لم يكن التطبيعِ العربيّ مع دمشق بالضد من سياسةِ واشنطن، بل وجدت في نجاحها فرصةً لتحجيمِ النفوذ الإيرانيّ في سوريا، وبذلك فقد كانت المبادرة الأردنية تجاوزاً للقضايا الخلافيّة التي يمكنُ أن تشكّل عائقاً أمام استقطاب دمشق عربيّاً.
يمكن القول: إنّ التطبيع العربيّ كان قراراً براغماتيّاً، بالتحوّلِ من أسلوبٍ لآخر دونِ تغييرٍ جوهريّ بالهدفِ وفق المقتضى الواقعيّ، وحالة الانقسام الجيوبوليتيكيّ وحتى التموضعات الطائفيّة في مدها وجزرها، فيما شهدتِ المرحلة السابقة شكلاً من الانكفاءِ الأمريكيّ في الشرق الأوسط، استناداً إلى نتائج الحربِ الأوكرانيّة التي كشفت محدوديّةَ الدورِ الغربيّ، ولم يرتقِ لمستوى الردعِ، بالتوازي مع إرهاصاتِ نشوءِ نظامٍ دوليّ متعددِ الأقطاب، وتوسّعِ مجموعة “بريكس”، التي تجاوز ناتجها الإجماليّ الناتج الإجماليّ الغربيّ، والمدّ الصينيّ الذي أسفر عن مصالحة إيرانيّة ــ سعودية في بكين، في 10/3/2023 أُعلن استئناف العلاقات الدبلوماسية بين الجانبين. وهذا براغماتية سعوديّة خارج أطر المسار الأمريكيّ الذي يعدُّ إيران أخطر تحديات المنطقة.
إيران في المعادلات
تعدُّ واشنطن على مدى عقود الدور الإيرانيّ تهديداً لمصالحها في المنطقة، وكان ذلك منطلق سياستها بالمنطقة ولأجل ذلك سخرت إمكانات كبيرة، وأقامت مع الدولِ العربيّة الخليجيّة ما يشبه التحالف لمواجهته، وحاولت فرضِ العزلة الإقليميّة عليها، واستمرت طهران باختراقِ العزلةِ المفروضة عبر علاقاتها مع العراق، وسوريا، وقطر، وصولاً إلى لبنان، وواصلت سياستها المعهودة، وكانت حاضرةً على المستوى الإقليميّ في كلِّ منطقة للولايات المتحدة الأمريكيّة وجودٌ فيها. ما رفع سقف التحدّي بينهما، وكان شرقُ سوريا أحد الميادين التي يتسابق الطرفان لتعزيزِ وجودهما فيه، ويسعيان لتجنبِ المواجهةِ المباشرة، بارتداء القفازات في حالةِ الالتحام، عبر قوى موجودة على الأرض، ولذلك طوّرت طهران أدواتِ المواجهةِ تحت شعارِ المقاومة الشعبيّة للاحتلال الأمريكيّ.
رغم ذلك سمحت واشنطن للسعودية بالاتفاق مع إيران بوساطة صينيّة، وفي هذه البيئة عززت إيران نفوذها في سوريا، وجاءت زيارة الرئيس الإيرانيّ إبراهيم رئيسي لدمشق في 3/5/2023 تتويجاً لهذا المسعى وتم التوقيع على اتفاقيات عسكرية واقتصادية من شأنها أن ترهن سوريا لإيران عدة عقود.
واقعياً، فإنّ الحديث المتداول عن المقاومة الشعبيّة في الجزيرة السوريّة فضفاضٌ، ولم تتضح لها هيكليّة أو رموز، إلا أنّها عنوان ضمنيّ لرفض إيران وحلفائها، وسبق أنّ دعا حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله اللبنانيّ في 2/1/2022 إلى تصعيد المقاومة؛ لإخراج القوات الأمريكية، وبصرف النظر عن العمليات التي نفذتها هذه “المقاومة” فهناك حاجة إعلاميّة لها ومخاطبة الشعب العربيّ، وأبناء العشائر عبر هذا العنوان.
لم تجد واشنطن ضالتها المنشودة في قسد، التي آلت على نفسها ألا تخوضَ معارك إلا في مواجهة الإرهاب. فيما من المؤكد أنَّ طهران ليست بصدد الانكفاء إقليميّاً، وبذلك فالمطلب الأمريكيّ دونه تصلّبٌ إيرانيّ. وقد دفعت طهران ثمناً باهظاً لوجودها في سوريا، فيما الصورة الإعلاميّة أنَّ الوجود الإيرانيّ في سوريا يقتصر على خبراء ومدرّبين، وهذا صحيحٌ جزئيّاً فقد اعتمدت على العديد من الميليشيات، وجنّدت أعداداً من أبناء المناطق، التي توجد فيها قواتها.
مجدداً سوريا على أعتاب معادلة غريبة فرضتها حرب الوكالة. والخطة الأمريكيّة الجديدة تركز على قطع إمداد الأسلحة الإيرانيّ. وإنشاء جيشٍ من عناصر عربية وتوزيعه على طول الخطِ الممتد من دير الزور إلى قاعدة التنف الحدوديّة مع الأردن، لمنع إيران من استخدام معبر البو كمال- القائم على الحدود العراقية – السوريّة. وعلى مدى سنوات دأبت واشنطن على دعم ميليشيا “مغاوير الثورة” في قاعدة التنف، فيما يخضعُ الجزء الشمالي من دير الزور لسيطرة قوات سوريا الديمقراطيّة، بالنسبة لدير الزور، فإنَّ الشعوب العربيّة داخل قسد هي البارزة فيها.
ثمة متغير واضح طرأ على سياسة أنقرة في قمة حلف الناتو الأخيرة التي انعقدت في عاصمة ليتوانيا فيلنيوس في 11/7/2023، وأنّه تم على ضوئها التوصل لتوافقات تركيّة ــ أمريكيّة بصيغةٍ تبادل المصلحة، ووفقاً لذلك قد تعيد واشنطن سياستها السابقة إزاء المعارضة السوريّة شريطة الانخراط في خطتها المناهضة للوجود الإيرانيّ، وبهدف التحريض على هذا التوجه تم التركيّز بشكلٍّ متعمد على زيادة متعمدٍ للتشيّع في مناطق وجود القوات الإيرانية وحلفائها.
موافقة أنقرة على زج مرتزقة “الجيش الوطنيّ” على خط المواجهة مع إيران والتحول إلى محور التنف، تعني انقلاباً مباشرة داخل أستانه، على الشريك الإيرانيّ، وانقلاباً على الاتفاق مع موسكو بوقف الجبهات، وإنّ كان ذلك من شأنه يؤثر على علاقات الشراكة الكرديّة – العربيّة في المنطقة، واضطراباً في العلاقات مع واشنطن بالنسبة لقسد، فإنّ الإدارة الذاتيّة في شمال وشرق سوريا تملك في الأحوالِ خياراتٍ بديلةٍ، وقد طرحت مبادرة حوارٍ وطنيّة لحلّ الأزمة السوريّة في 18/4/2023، معوّلة على الجهدِ السوريّ، بالتوازي مع جهودِ التطبيع العربيّ، وأيّ متغيّر في ستاتيك المنطقة لصالح واشنطن سيُغضبُ موسكو، ويدفعها لتقديمِ مبادرة تعجّلُ سبلَ الحوارِ بالحد الأدنى، وإزالة العوائقِ من مساراته المسدودةِ.

 

 

 

 

 

 

مسار التصالح مع أنقرة
شاركت تركيا في مسار أستانة كطرفٍ ضامنٍ يرعى مصلحة المعارضة السوريّة، منذ أولى اجتماعاتها في 23/1/2017، وعبر مسار أستانه أنشئت مناطق خفض التصعيد في مسعىً لوقف إطلاق النار وإيجاد حلّ سياسيّ في سوريا، وفوّضت المعارضة أنقرة لتكون أمرها في مؤتمر سوتشي في 28/1/2018. لكن الدول الضامنة فشلت بالتوصلِ لنتيجة، وأفضت أستانه إلى جملة مقايضات انتهت إلى حشر كلِّ مفردات الأزمة السوريّة في جيوب تركيّة على الحدود.
تراجع خلال ذلك دور الولايات المتحدة وانحسر الدور العربيّ، وتقدمت أنقرة تجاه موسكو، وكان لقاء القمة بين الرؤساء، بوتين روحاني أردوغان، في طهران 7/9/2018 تحولاً كبيراً في مواجهة الخطة الأمريكيّة، وأطلق عليها البعض “قمة حرب”، والواقع أنّ أنقرة مررت مشروعها الاحتلاليّ عبر أستانه واحتلت مناطق سوريّة. التحوّل السياسيّ التركيّ إزاء دمشق بدأ بعد قمة الرؤساء الثلاث في طهران في 18/7/2022، وتم التوافق على إخراج القوات الأمريكيّة من سوريا وتهديد مواقعها هناك، ومعها بدأ مسار التصالح مع دمشق، وكان أردوغان يقصدُ أكثر من هدفٍ عبره، أحدها داخليّ يتعلقُ بالانتخاباتِ التي أجريت في أيار الماضي، وكذلك ابتزازَ روسيا وأمريكا.
في اللقاءِ الرباعيّ الذي عُقد في 10/5/2023، في موسكو تم التوصلُ لخارطة طريق لتطوير العلاقات التركيّة ـ السوريّة، وانضمّت دمشق إلى آلية التنسيق الأمنيّة بين روسيا وتركيا في سوريا، والخط الساخن المفتوح بين الدول الضامنة لمسار آستانة. وفي اجتماع أستانه بنسخته 20 الذي عقد في 20/6/2023، اُستكملت صيغة الالتزام بجملة من المبادئ، منها سيادة سوريا وسلامتها الإقليميّة ومكافحة الإرهاب، والتركيّز على شمال وشرق سوريا مع إشارة إلى شمال غرب سوريا دون ذكر لاحتلال التركيّ الذي بقي وجود الملف التركيّ الأكثر تعقيداً، وعلى أن يخضع للتفاوض وتبديل المواقع وتسليم مناطق للقوات الحكوميّة في إدلب وشمال حلب، وفتح المعابر والطرق الدوليّة، وأصرّت أنقرة على دورٍ لدمشق على الحدود معها، وهو من جملة الأدوار الموزّعة التي قد تأخذ مدىً أبعد بحدودِ الدعمِ الروسيّ والتراجع الأمريكيّ.
لا وعود تركيّة بالانسحاب
لم تعطِ تركيا وعداً بسحب قواتها من الأراضي السوريّة، ونوقشت مناقشة آلية التنسيق والوسائل المشتركة الممكنة لمحاربة الإرهاب، رغم الاختلاف فيمن يسمّى إرهاباً، وتم التوافق حول إنشاء مركز تنسيق ميدانيّ. وطرأ على الخطاب التركيّ بعد الانتخابات البرلمانيّة والرئاسيّة التغيّر، وكذلك مقاربتها للعلاقة مع الناتو، وباتت أكثر قرباً ورفعتِ الفيتو عن انضمام السويد إلى النادي الغربيّ. وصرّح المسؤولون الأتراك في مناسبات عديدة أنهم ليسوا بصدد سحب قواتهم سوريا.
في 15/8/2023 جدد وزير الخارجية في حكومة دمشق فيصل المقداد المطالبة بإنهاء الاحتلال التركيّ لأراضٍ سوريّة وطالب بدعم عربي في هذا السبيل، مؤكداً اتهام دمشق لتركيا بدعم الإرهاب. ودعا المقداد، إلى نهج عربيّ فاعل للالتزام الكامل بسيادة سوريا واستقلالها ووحدتها وسلامتها الإقليميّة وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وهو الأساس الذي تقوم عليه علاقات سوريا وتوجهاتها وتعاملها مع مختلف القضايا المتعلقة بالوضع فيها. وجاء حديث المقداد في كلمة له خلال مشاركته باجتماع لجنة الاتصال العربيّة المعنية بسوريا على المستوى الوزاريّ الذي عُقد بالقاهرة. فيما كان تأكيد الوزير المقداد على الوجود الأمريكيّ عندما تحدث على منبر طهران خلال زيارته لها في 31/7/2023، وطالبها بالخروج من الأراضي السوريّة قبل أن يتم إجبارها على ذلك.
في مقابلة على قناة سكاي نيوز عربية تم بثها في 9/8/2023، اتّهم الرئيس السوريّ بشار الأسد تركيا بصناعةِ الإرهابِ ورفض اللقاء مع الرئيس التركيّ وفق شروطه، لأنّ ذلك سبيل شرعنة الاحتلال التركيّ. وسأل ساخراً: “لماذا نلتقي أنا وأردوغان لكي نشرب المرطبات مثلاً؟!” وأضاف: “”نحن نريد أن نصلَ إلى هدف واضحٍ، هدفنا هو الانسحاب من الأراضي السوريّة، بينما هدف أردوغان شرعنة وجود الاحتلال التركيّ في سوريا، ولذلك لا يمكن أن يتم اللقاء تحت شروط أردوغان”.  وأشار الأسد إلى أنّ الإرهاب في بلاده صناعة تركيّة، وأنَّ الحرب كانت ضرورية حتى لا تدفع سوريا ثمناً أكبر بكثير في وقت لاحق.
وردّ وزير الدفاع التركيّ يشار غولر على الأسد في حديثٍ تناقلت وسائل إعلام تركيّة في 12/8/2023، في مقابلة تلفزيونيّة مع قناة A Haber التركيّة، وادّعى فيها أنّ “تركيا تريد السلام بصدق”، وقال: لكن لدينا ما نعتبره نقاطاً حسّاسةً، فلا يمكن تصور أن نغادرَ سوريا دون ضمان أمن حدودنا وشعبنا، وأعتقد أنَّ الرئيس السوريّ سيتصرف بعقلانيّة أكثر في هذا الموضوع”. فيما رفع أردوغان السقف مطالباً بدور في حلب واستثمارات فيها لحلّ مشكلة اللاجئين. وأمر بتشكيل آلية ثلاثيّة لتحفيز عودة اللاجئين السوريّين في تركيا إلى بلدهم. وقال: “أحد أبرز الجوانب الهامة في خارطة الطريق هذه، هو وضع حلب، العاصمة الاقتصادية لسوريا، في قلب هذه الخطة، عبر إحيائها اجتماعيّاً وتجاريّاً، وهذا أوجد واقعاً جديداً، يفرض على دمشق تغيير أدواتها وأساليبها.
kitty core gangbang LetMeJerk tracer 3d porn jessica collins hot LetMeJerk katie cummings joi simply mindy walkthrough LetMeJerk german streets porn pornvideoshub LetMeJerk backroom casting couch lilly deutsche granny sau LetMeJerk latex lucy anal yudi pineda nackt LetMeJerk xshare con nicki minaj hentai LetMeJerk android 21 r34 hentaihaen LetMeJerk emily ratajkowski sex scene milapro1 LetMeJerk emy coligado nude isabella stuffer31 LetMeJerk widowmaker cosplay porn uncharted elena porn LetMeJerk sadkitcat nudes gay torrent ru LetMeJerk titless teen arlena afrodita LetMeJerk kether donohue nude sissy incest LetMeJerk jiggly girls league of legends leeanna vamp nude LetMeJerk fire emblem lucina nackt jessica nigri ass LetMeJerk sasha grey biqle