مسحت غبار الزمن عن الطب الشعبي بممارستها للمهنة لأكثر من أربعين عاماً

كركي لكي/ ليكرين خاني –

تستقبل زائراتها المريضات اللاتي يفدنَ إليها من مختلف مناطق شمال وشرق سوريا، طلباً للمساعدة والعلاج على يديها، أمينة صوفي القاطنة في منطقة السويدية التي تتوسط قرى الكوجرات، حازت شهرة واسعة في توليد النساء، وتقديم العلاج والنصائح المتعلقة بالحمل، وتأخره وآلام الأعصاب، والبطن والتكيسات في الرحم والحمى، وأمراض النساء بالعموم.

تعتبر التجارب الحياتية التي خلّفتها الجدات كنوزاً ثمينة، لابد من الرجوع إليها والاستفادة منها، لا سيما أن الطب الشعبي يعد من أهم التجارب التي توارثتها الأجيال من خلال انتقال المعلومات الطبية الشعبية من أساليب وطرق علاجية مختلفة، خصوصاً أن الأجداد وجدوا في تلك العلاجات الشعبية سبيلهم شبه الوحيد للتداوي من الأمراض والحيلولة دون تفاقمها، وتنوعت مجالات تخصص المعالجات الشعبيات، لتشمل ثلاثة مجالات، منها طب النساء «الحمل والولادة»، والتداوي بالأعشاب والمساح، والمقصود به المسح باليد على الأعصاب والعضلات الخاصة بالمريض، ففي معظم دول الشرق الأوسط نجد أن نساءً حافظن على هذه المهنة وتخصصن في طب النساء (الحمل والولادة)، وهو مجال واسع للطب الشعبي وأسسه الخبرة والموهبة، فمناطق شمال وشرق سوريا أيضاً تحافظ على هذا الطب، وتاريخها مليء بموروث الطب الشعبي والعلاج بالأدوية والأعشاب الطبية، التي استمدتها المعالجات من مكونات البيئة والطبيعة المتوافرة، عملت المتخصصة في مجال الطب الشعبي والمعروف بالطب العربي “أمينة صوفي” القاطنة في منطقة السويدية التابعة لناحية كركي لكي في هذا المجال لأكثر من أربعين عاماً، لتعمل في مجال طب النساء بالطريقة الشعبية، ولنتعرف أكثر على قصتها كان لصحيفتنا “روناهي” لقاء معها.

“اكتسبت الخبرة من والدتها”

طرق علاجية لجأت إليها أمينة صوفي كنوع من الطب الشعبي البديل، لعلاج الكثير من الأمراض، وتحديداً أمراض النساء والأطفال، وتأخر الحمل، وطرق التعامل مع الخدج، فتقول أمينة: “أمارس الطب الشعبي بكافة أنواعه والذي ورثته من أمي التي كنت أرافقها في كل مكان تذهب إليه لمعالجة النساء، وأسمع منها ملاحظاتها والحوارات التي تدور بينها وبين المريضات، حتى أصبحتُ أمتلك الخبرات والمهارات الكبيرة في علاج الأمراض”، وأوضحت: “إن الطب الشعبي موجود منذ القدم، وجداتنا كن يمارسنه باستعمال أعشاب طبيعية، خالية من المواد الكيماوية تأتي بالفائدة”، وهي منذ ممارستها لهذه المهنة اكتسبت خبرة كافية ووافية بأكثرية أمراض النساء، وأشارت إلى أنها ومن خلال التدليك، تستطيع اكتشاف العلل التي تعاني منها كل سيدة سواء متزوجة أو فتاة، ثم تحدد العلاج المناسب لهن.

الغاية هي العلاج وليس الأجر

كما وأشارت أمينة أنها تستقبل النساء كل يوم، من مختلف الأعمار باستمرار، وإنها لا ترد واحدة منهن، خاصةً اللاتي يعانين تأخّر الحمل، وتضع كل طاقتها في خدمتهن.

وشددت على أنها لا تتقاضى أجراً، ولا تحدد أسعاراً للعلاج، بل تقبل أي مبلغ، ممن رغب في مكافأتها وحسب مقدرته، فغايتها هي علاج النساء للتخلص من معاناتهن والحالة النفسية التي يشعرن بها، وليس الربح المادي، كما يفعل بعض المدعيين للعلاج بالطب الشعبي.

أعتمدُ على يدي في العلاج

تلقى ممارسات مهنة الطب الشعبي بأنواعه احتفاءً واحتراماً من المجتمع تقديراً لما يقدمونه من خدمة إنسانية، وما يبذلونه من جهد على علاج الأمراض بما توفره لهم بيئتهم من أعشاب برية طبية ومواد وأدوات بسيطة لعلاج ولحل المشاكل الصحية، التي تصيب النساء فأمينة تعتمد أعشاب بسيطة ومتوفرة وتعالج معظم الحالات الالتهابية للنساء بمعجون الحناء، وتتبع أمينة طرق تقليدية شعبية لعلاج (الجرب، والثالول وغيرها من الأمراض الجلدية المُعدية) ولفتت أمينة بقولها: “في معظم الحالات يداي هما العلاج، فأنني أعتمد على يدي في العلاج والتدليك والتوليد وغيرها، ولا أضطر في أغلب الأحيان إلى الأدوية وتركيب الأعشاب”.

ورغم أنها ملقبة بـ “طبيبة قرى الكوجرات” فهي لا تعتبر عملها الذي تمارسه منذ 40 عاماً، بديلاً عن الطب الحديث وتضيف بهذا الشأن: “الحالات التي تستعصي عليَّ أحولها مباشرةً إلى أقرب نقطة طبية، منها حالات النزيف الحاد للنساء الحوامل وحالات عديدة مرتبطة بوضعية الجنين وقت الولادة، إلا أنني أشجع دوماً على الطريقة الطبيعية للولادة وأبذل جهداً كبيراً لمساعدة النساء”.