سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

مستمع طفيلي في شارع أجنبيّ

توفيق قريرة/ تونس_

ليس الجهل سيئا في بعض الأحيان، فقد تعلمت هنا في هذه المدينة الألمانية العظيمة، أنّي حين لا أفهم كلام الغاضبين في الشارع، فذلك منّة من الله وفضل عظيم، وعرفت أنّ كثيرا من الغضب، الذي كنت أصل إليه، ما كنت أصل إليه إلا لأنّي أسمع كلاماً أفهمه فلا يروق لي، فيا ليتني ما فهمته حتى لا يغضبني.
أن تسير في الشارع، وتسمع الكلام العابر وتفهمه فهذا شيء، وأن يفعل ذلك الكلام فعله فيك بعد أن تفهمه فذلك شيء آخر؛ لذلك نبتسم حين نسمع نكتة بصوت عال، ونغضب حين نسمع كلاماً نابياً حتى إن لم يكن موجها إلينا.
تدرس اللسانيات اليوم الكلام في المحاورات الدائرة بين البشر، وتسمّي «مستمعا» كلّ من كان طرفا في دورة محاورة مع متكلم، دورة المحاورة تقتضي أن نتبادل الأدوار فيها، فمرّة أكون أنا متكلما، وتكون أنت مستمعا، ومرّة أكون أنا المستمع، وأنت القائل.
 الكلام دُوَلٌ ولذلك يسمّى ضرب منه مداولات، لكنه في جميعه مداولات؛ لأنّك تتداول على الدورين أنت وغيرك أثناء المحاورة، لكنّك يمكن أن تكون مستمعا في حوار لست طرفا فيه، فأنت لا يمكن أن تغلق أذنيك وتكف عن السماع في قطار يتحاور فيه الناس، أو في سوق أو في شارع، أو في مقهى هكذا يعمل الجواسيس على السماع المتاح، سنسمّي من يكون طرفا مستمعا في محاورة لا تعنيه مستمعا طفيليّا، المستمع الطفيلي يجلس في القطار مثلا، أو في المقهى ويستمع سواء أرغب في ذلك أم لم يرغب، في مدننا العربية يمكن أن يتدخل المستمع الطفيلي في حكاية لا تعنيه، فيصبح متكلما طفيليا، فمن الممكن إذا نصبت نفسك شيخا للأخلاق تريد أن توجه إلى غيرك درسا، أن تكون مستمعا- متكلما طفيليا، أو إذا كنت مشجعا لفريق يذكر في محاورة بين غرباء بسوء، وتدخلت مدافعا أو مهاجما فستكون مستمعا – متكلما طفيليا.
ربّما اعتقد المستمع الطفيلي أنّه حين «يكسر أذنه» كما نقول في تونس، ويسمع محاورة ليس طرفا فيها، أنّه يستمتع بهذا الفضول، الفضول في السمع متعة كما هو الفضول في البصر، حين يكون المتطفل بالسمع أو البصر راغبا في المشاركة في مشهد يريد أن يكون طرفا فيه، لكنّ المتعة ليست من غير جهد إدراكي، كل كلام تسمعه، سواء أكنت طرفا فيها مقصودا، أم طفيليا يتطلب منك جهدا إدراكيا مهمّا، لأنّ الذهن يعالج ما تفهم بأن يسمعه ويفكّ شيفراته ويقودك إلى فهم معناه الأوّل، ومعناه الثاني ويضعه في سياق ثقافي معلوم، ليس الكلام المسموع كله على درجة واحدة من جهة الجهد الإدراكي المبذول، فإن تقول لي (عمت مساء) بالفصحى في تونس وخارج قاعات الدرس، فهذا يكلفني جهدا ذهنيا أكثر من أن تقول لي «مسّيك» بالتونسي أو «مساء الفل» لا لأنّي لا أفهم التحيّة، بل لأنّي، وأنا أسمع هذه التحية أريد أن أفهم، لمَ قيلت لي التحية بالفصحى؟ سأدخل في أسئلة كثيرة هي بواباتي إلى التأويل: هل يقصد صاحبها أنّي مدرس عربية، فيريد أن يخاطبني بلغة مهنتي لقصد في نفسه؟ وما قصده، وهو يحيّيني بما حياني به؟ وفي محاورة في الشارع بين شابّين في إطار تمازُح تكون، وأنت تسمع قد بذلت جهدا إدراكيا كبيرا، خصوصا إذا استعمل الشابان لغة الشباب، التي لا تعرف كثيرا من معجمها، يمكن للإنسان وبحثا عن الراحة أن يسدل الستار بينه وبين ما يسمع، ولا يتطفل على المحادثات لا تأدّبا، وإنّما ميلا إلى توفير الجهد العرفاني لبذله في أشياء أخرى.
المستمع الذي يوجد في مجموعة لغوية غريبة يصبح مستمعا طفيليا بالعادة، في الشارع تريد أن تقتني التذكرة، أو تبتاع علبة ماء عليك أن تستمع إلى ما يقال عن الماء، لكي تحفظ اسمه، لا يمكن أن تتعلم الأسماء إلاّ بالسماع الطفيلي الحلال.
حين تكون في مدينة غريبة، لا تعرف لسانها، ولا يعرفون لسانك، يحدث السماع الطفيلي البرقي، ثمّ ينقطع حين يقرّر من يستمع إليك أنّ لغتك غير مفهومة، وأنّه لا طائل من مواصلة السماع، وأنّه لا فائدة أصلا من سماع لغة غريبة عن مجتمع لغوي متجانس.
لا داعي لذكر جميع الأسباب الكامنة وراء عدم سماعه غير اللسانيّة، لكن ما يهمّني هنا هو طفيليتي أنا الغريب عن اللغة، حاجتي إلى سماعي المتكلم المحليّ مهمّة لأنّ فيها دوافع كثيرة منها، حبّ التطلع إلى الأجنبي، ومعرفة طرق نطقه لغته، وتبيّن الأصوات والتنغيمات، وربما اصطياد الكلمات التي تكون مفهومة.
كلمات الشكر والتحية المكررة المتبادلة علمتني على سبيل المثال، رغم أنّها ليست موجّهة إليّ وأنا أتطفل على التحيات الملقاة على من هم قبلي في مغازة عامة، وكيف يجيبون، فأحفظ لفظ التحية وأعيده، في الشارع وحين تمشي بين الناس يمكن أن تتسلل إلى مسمعك جملة عربية من تونسي أو من مصريّ، أو من غيرهما من شعوب العربية فتتطفل رغم أنفك، لا لأنك تريد أن تعرف المحتوى، بل ربّما شوقا أو استئناسا، وهناك من يستعمل التطفل للتستر على هويّته. أسجّل بمرارة أنّ من العرب عربا يخفون لسانهم عنك، حتى يخفوا الانتماء، أنا لا تعنيني بما أنا لسانيّ الأسباب غير اللسانيّة.
أن يقول عربيّ في الهاتف وفي محطة القطار، إنّ القطار هنا يتأخر كثيرا، فهذه جملة تثير فيك شعورين متناقضين: هي تفرحك لأنها نقطة ضوء لغوية في عتمة لغوية عارمة، لكنّها تثير الاشمئزاز لأنّها ليست صادقة، فعلى الشاشة التي تحت رأس من يتكلم مواعيد القطار الأول والذي يليه، والذي يلي الذي يليه، وليس بين القطار والثاني غير ست دقائق، كيف يمكن أن يقول ذلك من هو قادم من بلاد تتأخر قطاراتها وطائراتها تأخرا مذهلا، ولا عذر ولا اعتذار.
لا يمكن أن تستمع إلى حكاية كاملة وتفهمها من أوّلها إلى آخرها، لكنّك تركز الانتباه على كلمات بعينها، تظلّ كلما حفظت واحدة بحثت عن أخرى، لكنّ حفظ الجمل هو أيضا جزء من ثمرات السماع الطفيلي، فمن الممكن أن تظفر بجملة كاملة تظل تردّدها بينك وبين نفسك حتى تنساها، كما نسيت جملا معلومة في حياتك المجهولة، أذكر أني فهمت مرّة طلبا من عاملة استخلاص، طلبت منّي باعتذار شديد أن أعود إلى صف آخر؛ لأنّها ستنصرف إلى شأن آخر.
لا أعتقد أنّي فهمت كل ما قالت، لكنّ الإشارة أرفدتني، العلامات تصبح في التواصل المبهم، أو الغامض مقدّمة على الكلمات، في التواصل المفهوم تكون العلامات كالإشارات باليد وتقاسيم الوجه وغيرها من العلامات، خلفيات للتواصل اللغوي، وحين يكون التواصل اللغوي نفسه غير مفهوم، فأنت مضطر إلى أن تعكس الآية بأن تجعل خلفية الإشارات هي مركز الاعتماد في الفهم، في محلات كثيرة، وحين تقدم عليك مضيّفة عرضا وتسألك، أنت تفهم بالإشارة وبالعلامات المرافقة لكلامها وبنغمتها أنّها تطلب منك إن كنت تريد إعانة أو استشارة ليس لك وقتها إلاّ أن تشكرها بلسانها، وبعبارة تطفلت على سامعيها كي تفهمها في سياقها.
على جسر وضع قفل عشق، كتب عليه بالأحرف المذهبة تاريخ إغلاقه في هذا الجسر على قلبين عاشقين، أستطيع أن أعرف الاسمين والتاريخ، وبحكم الاطلاع المسبق، أفهم العادة، الثقافية الغريبة عن عادتي، علاقة المستمع المتكلم الأجنبي عن لغة ما، كعلاقتي أنا بهذا القفل الموضوع على هذا الجسر، يظلّ يستهويني حتى أعرف شيئا من مناسبته، ثمّ ما أفتأ أقترب من حلّ القفل، كلما عرفت معطيات أكثر.
 لا توجد بين لغة ومستمعها الأجنبي مغاليق لا تفتح، يكفي أن تنغمس في المجتمع، وتكون طفيليا ذكيا لمدّة طويلة، حتى تصبح من أهل الدار، لغويا طبعا، فلا تحذر التقليد.
kitty core gangbang LetMeJerk tracer 3d porn jessica collins hot LetMeJerk katie cummings joi simply mindy walkthrough LetMeJerk german streets porn pornvideoshub LetMeJerk backroom casting couch lilly deutsche granny sau LetMeJerk latex lucy anal yudi pineda nackt LetMeJerk xshare con nicki minaj hentai LetMeJerk android 21 r34 hentaihaen LetMeJerk emily ratajkowski sex scene milapro1 LetMeJerk emy coligado nude isabella stuffer31 LetMeJerk widowmaker cosplay porn uncharted elena porn LetMeJerk sadkitcat nudes gay torrent ru LetMeJerk titless teen arlena afrodita LetMeJerk kether donohue nude sissy incest LetMeJerk jiggly girls league of legends leeanna vamp nude LetMeJerk fire emblem lucina nackt jessica nigri ass LetMeJerk sasha grey biqle