روناهي/ كركي لكي ـ تحفل الساحة الفنية ولا سيما الفن التشكيلي في سوريا بالعديد من الفنانين الذين كانت لهم بصمات خاصة في ازدهار وتقدم الفن التشكيلي، فقد استطاع الفنانون أن يعبروا من خلال أعمالهم عن نبض الجماهير بمختلف مكوناتهم، وتمكن الفنان التشكيلي السوري أن يكون خير سفير للفسيفساء المجتمعي السوري في المحافل الدولية، ضمن هذا السياق ولتسليط الضوء على الفن التشكيلي عامة والفراتي بخاصة أجرت صحيفتنا الحوار التالي مع فنان شق تراب الزمن ليصل إلى أسمى غايات الفن والجمال بلوحاته المميزة والمعبرة إنَّه الفنان التشكيلي السوري ابن وادي الفرات محمد غناش.
ـ بدايات الفنان دائماً لها رونق ووقع خاص كيف كانت البداية مع الفنان محمد غناش؟
كانت البداية مع الفن منذ الصغر، وأثناء المرحلة الابتدائية، حيث كان مدرس مادة الرسم يلاحظ ويدقق في أعمال الطلاب، وبالتحديد عندما كنا نرسم “موضوع” حول شجرة الأرز في لبنان فشد عملي انتباهه، حيث كانت اللوحة صغيرة، وتناولت رسم هذه الشجرة رغم أنني لم أرها في حياة الطفولة، بل تخيلتها من خلال إرشادات المدرس من هنا كانت البداية.
ـ ما الألوان التي تفضلها في الرسم؟
حقيقة استخدم جميع أنواع الألوان لكنني أفضل استخدام الألوان الزيتية، لأنها تعطي اللوحة حس النعومة وانطباعاً جمالياً أخاذاً، والجفاف البطيء للألوان يساعد في الرسم وإمكانية تصحيح الأخطاء.
ـ عندما تمسك الريشة وتمزج الألوان تخاطب نفسك أم جمهورك؟
في الحقيقة العمل الفني له طبيعة خاصة، فعند البدء بموضوع العمل الفني أدرس ذاتي، وأتناول العمل من جوانب عدة، ومن ثم أدرسه بشكل يتناسب والجمهور المتلقي لهذا العمل، والجمهور له باعٌ طويل في دفع العمل الفني للاستمرارية وهو المرشد الأول للارتقاء بأي عمل فني.
ـ هل يعيش الفن بصورة عامة والفن التشكيلي بصورة خاصة في ظل أزمة تواصل مع المتلقي؟
إن الفن بصورة عامة يتعايش مع كل الأزمات، والفنان التشكيلي بشكل خاص يمتلك القدرة على التواصل بين المتلقي، وعمله الفني الذي يتناول الوضع بصدق، وأمانة متجاوباً بكل المقاييس مع الظروف العامة متجاهلاً كل السلبيات من أجل رفع سوية العمل الفني إلى الجوانب الإيجابية مرتقياً إلى الصورة الجميلة لنظرة المتلقي.
ـ ما الأثر الذي تركه المعرض الشخصي الأول في نفسك بعد هذه المسيرة الحافلة؟
أقمت معارض كثيرة في سوريا وخارجها وقد كانت لمعارضي سمة مرموقة ودلالة واضحة، من خلال لوحاتي التي تناولت مجمل العادات والتقاليد، وأستطيع أن أقول: إنَّ المعرض الشخصي الأول هو المحطة التي أوصلتني إلى ما أرغب الوصول إليه، لقد كان له الأثر الفعال في رفع مستواي الفني، واكتسابي للمهارة، والشهرة التي كنت أتمناها، وكان أثره واضحاً من خلال الجمهور الذي تلقى أعمالي برحابة صدر.
ـ للفن مدارس عدة؛ إلى أي منها تنتمي؟
جرَّبت جميع المدارس من خلال رسوماتي ومن خلال اطلاعي وتجاربي الفنية ترسخت لدي فكرة واضحة لأنتسب إلى المدرسة الواقعية التسجيلية حيث أجد نفسي ميالاً إليها دون غيرها؛ فهي أقرب إلى مكنوناتي الداخلية.
ـ الفن التشكيلي هو تعبير عن مجموعة من المواضيع أي المواضيع تشغل بالك؟
المواضيع التي أتناولها كثيرة لكن أهم ما يشغل تفكيري أثناء الرسم هو الإنسان، وما ينتابه من مشاعر الحزن، والفرح وأحاول أن أنقل في لوحاتي مظاهر الحياة اليومية بتفاصيلها الدقيقة.
ـ هل نجح محمد غناش في المزج بين الموروث الشعبي الفراتي، والحالة المعاصرة في لوحاته؟
لقد نجحت في تقديم الموروث الشعبي الفراتي، فقد رسمت لوحات تدل على ذلك الموروث الجميل، وقد وثقت جزءاً كبيراً من العادات، والتقاليد، والألعاب، وعمل المرأة في البيت، والحقل وكانت لها شهرة كبيرة بين الجمهور المتلقي لتلك الأعمال، ورسمت البسط، والهباري بألوانها الأخاذة وقد تجاوزت أعمالي البعد الفني في التراث من خلال رسم اللوحة بالألوان الصريحة، والواضحة، وسماكة الألوان الصافية وقد كان للرسم بالسكين الأثر البالغ في معاصرة الأعمال الفنية ومسايرة الركب الحضاري والفني في العالم ولها صبغة جميلة من خلال الحركة، وتموج الألوان الزاهية التي تنبض بالحياة.
ـ كيف ترى الفن التشكيلي في سوريا اليوم؟
أرى الفن التشكيلي في سوريا اليوم في حركة دائمة، ومستمرة وفي كل عام نرى مجموعة كبيرة من الفنانين الشباب خريجي الجامعات الذين يرفدون الحركة الفنية في سورية بأعمال تساير الأعمال الفنية العالمية، ولها بهجة واضحة من خلال المشاركات بالمعارض، وتعتبر سورية من البلدان التي تتميز بطبيعتها الخلابة، وهي موطن للفصول الأربعة بألوانها المختلفة وهذه الألوان هي التي تخلق الإبداع لدى الطامحين.
ـ هل لديك نية لتعليم أي شخص يريد أن يخطو أولى الخطوات في هذا الميدان؟
أنا لم أبخل في تعليم أي شخص لديه موهبة وقد علَّمت الكثيرين من الشباب حتى وصلوا إلى مستوى المشاركة في المعارض الجماعية، فتمكَّنوا فيما بعد من إقامة معارض خاصة بهم، وأنا على استعداد دائم لتعليم الرسم دون تذمر من أجل أن أصنع فناناً يكون له دور في دعم الحركة الفنية، والارتقاء بها.
ـ هل توجد لوحة لها خصوصية معينة تحتفظ بها؟
كل أعمالي أعتز بها ولكن هناك عمل لوالدتي وهي تطحن القمح، هذا العمل له خصوصية وإيقاع خاص في نفسي، وأعتزُّ به.
والجدير بالذكر أن الفنان محمد غناش، من مواليد دير الزور 1952، وخريج كلية الفنون الجميلة في سورية، وعضو في اتحاد الفنانين التشكيليين العرب، شارك في العديد من المعارض الفردية والجماعية داخل سورية وخارجها، بلغت معارضه الفردية حوالي60 معرِضا، ومعارضه الجماعية حوالي 50 معرضاً، ويبلغ عدد لوحاته حوالي 1700 لوحة زيتية، و400 عملٍ فني يصور التراث الشعبي بمنطقة الفرات، حاصل على الدرع الذهبي من جامعة العين بالإمارات ودرع الرحبة من جمعية العاديات بالميادين عام 2008م نال عدة شهادات تقديرية وله عدة مشاركات بمعارض جماعية في فرنسا، وروسيا وألمانيا له كتاب بعنوان “الفن والموروث الشعبي في منطقة الفرات”.